وزير الأوقاف خلال كلمته في افتتاح فعاليات اللقاء المفتوح بين العلماء والشباب بمحافظة قنا:
والعمل جزء من عقيدتنا الوطنية والإيمانية
ويؤكد: مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان
والجماعات المتطرفة لا تنشأ إلا على أنقاض الدول
ويؤكد أيضًا: نغرس في شبابنا حب الوطن خدمة لديننا ووطننا
كتب – عادل يحيى
افتتح أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف واللواء أ.ح/ أشرف الداودي محافظ قنا فعاليات اللقاء المفتوح بين العلماء والشباب بمحافظة قنا اليوم الجمعة 24 يونيو 2022م بحضور السيد المهندس/ أشرف رشاد زعيم الأغلبية بالبرلمان، و السيد المهندس/ نبيل محمد الطيبي السكرتير العام، والمهندس/ محمد خليل العماري عضو مجلس النواب، والسيد الأستاذ/ حسن عثمان مدير مديرية التضامن، والدكتور/ نوح العيسوي رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب وزير الأوقاف، والشيخ/ جابر طايع رئيس القطاع الديني السابق، والدكتور/ ماهر علي جبر مدير مديرية أوقاف قنا، ولفيف من القيادات التنفيذية والشعبية.
وفي كلمته رحب أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بالسادة الحضور مبينًا أن هذا اللقاء المفتوح يأتي ضمن سلسلة متميزة من اللقاءات التي نسعى من خلالها إلى التواصل الفعال بين العلماء والمفكرين معًا، مشيرًا إلى أن هناك تعاونًا وثيقًا بين وزارة الأوقاف ومحافظة قنا في مجالات متعددة منها عمارة المساجد والتي بلغت في العام المالي الحالي من إحلال وتجديد أو صيانة وترميم عدد (82) مسجدًا وتم فرش أكثر من (144) مسجدًا بمساحة تزيد على 30 ألف متر خلال العام المالي الحالي، فيما بلغ عدد ما تم توزيع من لحوم الصكوك (93) طنًّا.
كما أكد أنه يجب أن نفهم ونعي جميعًا حجم ما يدور على أرض مصر من المشروعات الكبرى وإعادة بناء مصر الحديثة والجمهورية الجديدة في مختلف المجالات، وأن هذا البناء لم يأت أبدًا على حساب المدن القديمة، فحركة التطوير التي تشهدها المدن القديمة ، وتطوير مساجد آل البيت يأتي ليؤكد على أن الدولة المصرية تعمل في آن واحد في كافة الاتجاهات، ولدينا أمل كبير أن هذا البلد لم ولن يُخذل إن شاء الله، وأنه يسير إلى الأمام وإلى الأمان بحق من قال في كتابه العزيز: “ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ”، ولكن كما قال الشاعر:
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي
وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
ويقول الآخر:
أأبيتُ سهران الدُّجى وتبيتهُ
نوماً وتبغي بعدَ ذاكَ لحِاقي
ويقول الآخر:
وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ
إِذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليلِ
ويقول الآخر:
وَنَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِندَنا
لَنا الصَدرُ دونَ العالَمينَ أَوِ القَبرُ
تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا
وَمَن خَطَبَ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ
ويقول الآخر:
أَرُوِني أُمَّةً بَلَغَتْ مُنَاهَا
بَغَيْرِ الْعِلْمِ أَوْ حَدِّ الْيَمَانِيّ
ولهذا نقول: جيش قوي واقتصاد قوى يعني أمة ذات مكانة ومواطنًا ذا كرامة، وبفضل الله سبحانه وتعالى حمى الله شعب مصر بجيش عظيم يقول عنه سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيرًا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة”، ولابد أن نعمل ونجد لبناء اقتصاد قوي ، فالعمل جزء من عقيدتنا الوطنية والإيمانية، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : “لأنْ يأخذَ أحدُكم حبلَهُ على ظهْرِهِ فيأتي بحزمةٍ منَ الحطبِ فيبيعُها فيكُفَّ اللهُ بها وجهَهُ خيرٌ مِنْ أنْ يسألَ الناسَ أعطوْهُ أوْ منعوهُ”، وفي هذا يقول سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ، خيرًا من أنْ يأكلَ من عمَلِ يدِهِ وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ كان يأكلُ من عمَلِ يدِهِ”، يقول الإمام القرطبي (رحمه الله): وقد خص النبي (صلى الله عليه وسلم) سيدنا داود (عليه السلام) بالذكر من بين جميع الأنبياء (عليهم السلام) لأن سيدنا داود (عليه السلام) كان نبيًّا ملكًا ولم يكن في حاجة لأن يعمل ليتقوت، وإنما كان يعمل لشرف العمل وقيمة العمل، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “مَن باتَ كالًّا مِن عملِه باتَ مغفورًا لهُ”.
كما أكد أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان ، وأن الدين والآخرة ليسا متناقضين فالقرآن علمنا قول الله (تبارك وتعالى): “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، فمهمتنا تصحيح المفاهيم الخاطئة، ومن ذلك التفرقة بين الزهد والفقر فالزاهد من لم تشغل الدنيا قلبه ولو كانت في يده ولو كان له مثل مال قارون، وكان من دعاء الصالحين : اللهم اجعل الدنيا في يدنا ولا تجعلها في قلوبنا، والأديان تطلب من أصحابها امتلاك القوة، فالمؤمن القوي سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا وفي كل المجالات خير من المؤمن الضعيف، وقد جاء نَاس مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ) فقالوا للنَّبيِّ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ): يا رَسولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بالأُجُورِ؛ يُصَلُّونَ كما نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كما نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قالَ: أَوَليسَ قدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ما تَصَّدَّقُونَ؟ إنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكونُ له فِيهَا أَجْرٌ؟ قالَ: أَرَأَيْتُمْ لو وَضَعَهَا في حَرَامٍ، أَكانَ عليه فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلَالِ كانَ له أَجْرٌ”، فالمواطن المؤمن الذي يصلي ويصوم ويتصدق خير من الفقير العالة المتسول، وقد كان الإمام علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) يقول :
لَنَقلُ الصَخرِ مِن قُلَلِ الجِبالِ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِن مِنَنِ الرِجالِ
يَقولُ الناسُ لي في الكَسبِ عارٌ
فَقُلتُ العار في ذُلِّ السُؤالِ
فديننا دين العمل، والعلاقة بين الدين والوطن قوية، ومصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، فالعلاقة بين الدين والدنيا علاقة تكامل، فالدين كله فن صناعة الحياة وليس صناعة الموت، فنحيا في سبيل الله ونعمر الدنيا بالدين لا أن نخربها باسم الدين، فدور الدين عمارة الكون، قال تعالى : “وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا” أي: جعلكم لعمارتها، ولن يحترم الناس ديننا ما لم نتفوق في أمور دنيانا فإذا تفوقنا في أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا.
مؤكدًا أن كل ما جاء في إعلاء شأن العلم في القرآن والسنة جاء في مطلق العلم النافع ،
وأكد أن الوطن بكل ما فيه يجب علينا أن نحميه .
بَني مِصرٍ مَكانُكُمو تَهَيّا
فَهَيّا مَهِّدوا لِلمُلكِ هَيّا
خُذوا شَمسَ النَهارِ لَهُ حُلِيّاً
أَلَم تَكُ تاجَ أَوَّلِكُم مَلِيّا
عَلى الأَخلاقِ خُطّوا المُلكَ وَاِبنوا
فَلَيسَ وَراءَها لِلعِزِّ رُكنُ
أَلَيسَ لَكُم بِوادي النيلِ عَدنُ
وَكَوثَرُها الَّذي يَجري شَهِيّا
ولا يدرك قيمة الوطن إلا من فقد وطنه، وقديمًا قالو الصحة تاج على رؤوس الأصحاء ، فالوطن تاج على رءوس الوطنيين الشرفاء ، فالوطن نعمة من نعم الله، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “من أصبحَ معافًى في بدنِه آمنًا في سِربِه” أي في المكان الذي يؤويه “عندَه قوتُ يومِه فَكأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا بحذافيرِها”.
لَنا وَطَنٌ بِأَنفُسِنا نَقيهِ
وَبِالدُنيا العَريضَةِ نَفتَديهِ
إِذا ما سيلَتِ الأَرواحُ فيهِ
بَذَلناها كَأَن لَم نُعطِ شَيّا
إلى أن قال:
نَقومُ عَلى البِنايَةِ مُحسِنينا
وَنَعهَدُ بِالتَمامِ إِلى بَنينا
وهذا ما نقوم به مع شبابنا وأبنائنا بالبرنامج الصيفي للطفل، نغرس فيهم حب الوطن، ونخدم أوطاننا :
إِلَيكِ نَموتُ مِصرُ كَما حَيينا
وَيَبقى وَجهُكِ المَفدِيُّ حَيّا
موضحًا أن النقطة الأخيرة تدور حول العلاقة بين الشباب والشيوخ والرجل والمرأة، فالعلاقة بينهم ليست علاقة صراع ولا يجب أن تكون كذلك، بل هي علاقة تكامل وحقوق وواجبات متبادلة.