وعلينا الإكثار من الصدقات والإحسان إلى الفقراء حتى نغنيهم قبل دخول العيد
كتب عادل يحيى
في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري والتثقيفي، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة، ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم الجمعة 1/ 7/ 2022م خطبة الجمعة بمسجد “عصام الدين جامع” بالسادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة بعنوان: “أعمال وفضائل العشر الأول من ذي الحجة”، بحضور معالي الدكتور/ محمد شاكر وزير الكهرباء، ومعالي الدكتور/ محمد معيط وزير المالية، ومعالي المهندس/ عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومعالي الدكتورة/نيفين عصام الدين جامع وزيرة التجارة والصناعة، وسيادة اللواء/ أحمد راشد محافظ الجيزة، والدكتور/ السيد مسعد مدير مديرية أوقاف الجيزة.
وفي خطبته أكد أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أننا في أيام كريمة مباركة هي الأيام العشر الأول من ذي الحجة، وفيها قال (صلى الله عليه وسلم): “ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ قالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ فقال رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجلًا خرج بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ”، فالنبي (صلى الله عليه وسلم) لم يستثن أي عمل يعدل فضل هذه الأيام غير من خرج يجاهد في سبيل الله ثم لم يرجع من ذلك بشيء لا بنفسه ولا ماله، أي أن ثواب العمل في هذه الأيام لمن يحسن العمل فيها كمن خرج مجاهدًا في سبيل الله فاستشهد وأنفق ماله في سبيل الله، فنحن أمام أيام عظيمة وفرصة عظيمة، فماذا نصنع حتى نصل إلى هذا الأجر العظيم، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “ما من أيَّامٍ أعظمُ عندَ اللهِ ولا أحبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ من هذِه الأيَّامِ العشرِ فأكثروا فيهنَّ منَ التَّهليلِ والتَّحميدِ والتسبيح والتَّكبيرِ”.
ويستحب في هذه الأيام الإكثار من الصيام وقيام الليل، والإكثار من الذكر وقراءة القرآن على نحو ما كنا نصنع في العشر الأواخر من رمضان، ويستحب كذلك الإكثار من الصدقات والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين حتى نغنيهم قبل دخول العيد.
كما أوضح معاليه أن هناك يومًا من أعظم أيام الدنيا فإذا كانت الأيام العشر أعظم الأيام فيوم عرفة هو أفضل الأيام على الإطلاق، فإن وفقك الله لصيامه كفَّر الله عنك سنة قبله وسنة بعده، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): “صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ، والسنةَ التي قبلهُ”.
ودعا وزير الأوقاف إلى المحافظة أولًا على الفرائض، فما استفاد من النوافل من ضيع الفرائض، فعندما سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أي العمل أفضل قال: “الصلاة على وقتها”، ومن أعظم النوافل في هذه الأيام قيام الليل، وفيه يقول رب العزة سبحانه: “تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”، فإن لم تستطع فركعتين في جوف الليل خير من الدنيا وما فيها.
كما أكد أن سنة يوم العيد هي الأضحية حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): “ما عملَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النحرِ أحبُّ إلى اللهِ من إهراقِ دمٍ، وإنهُ ليأتي يومَ القيامةِ في قرنِه بقرونِها وأشعارِها وأظلافِها، وإنَّ الدمَ ليقعُ من اللهِ بمكانٍ قبلَ أن يقعَ في الأرضِ فطِيبُوا بها نفسًا”، وقالوا: يا رسول الله، ما هذه الأضاحي؟ قال: “سُنة أبيكم إبراهيم”، قالوا: فما لنا فيها يا رسول الله؟ قال: “بكل شعرة حسنة”، قالوا: فالصوف؟ قال: “بكل شعرة من الصوف حسنة”، مشيرًا إلى أن الأضحية كما أنها تُجزئ بالمباشرة فهي أيضًا تُجزئ بالصكوك، كما أن للصكوك منافع عديدة؛ منها أنه يتم الانتفاع بكل جزء من أجزاء الأضحية، وبإعادة توظيفها بما يعود بالنفع على الفقراء، وكذلك تصل إلى المستحقين الحقيقيين أينما وُجدوا، لا سيما عندما يتم تنظيم عملية التوزيع تنظيمًا دقيقًا على الأسر الأولى بالرعاية، حيث يمكن الوصول إلى من لا يستطيع الكثيرون الوصول إليه، هذا بالإضافة إلى الحفاظ على نظافة البيئة أيضًا، ولا حرج على فضل الله لمن كان ذا سعة وأحب أن يجمع بين الأمرين بأن يشترك في الصكوك ليصل إلى المستحقين في كل مكان، وأن يقوم على الأضحية بشروطها الشرعية والبيئية؛ بمعنى أن تكون الأضحية من الأضاحي المخصصة للذبح بشروطها المعتبرة شرعًا، مع الحفاظ على البيئة بأن يكون الذبح في المجازر المخصصة لذلك، وأن لا تؤذي الآخرين من الجيران ولا المارة ولا غيرهم بإلقاء مخلفات الذبح على الطرقات، فالطاعة تكتمل بالطاعة لا بالمعصية ولا بأذى الخلق.
كما أكد على الإكثار من الذكر والتلبية، فهي للحاج ولغير الحاج، وهذا من فضل الله (عز وجل) فإنه إذا كان سبحانه قد أنعم على الحجاج بأن يستجيب للحجاج سؤلهم، فقد أعطى غير الحجيج يوم عرفة، والأضحية، والذكر، والدعاء، والتلبية أيضًا “لبيك اللهم لبيك” أي إجابة لك بعد إجابة وتفويضًا لك بعد تفويض، وتسليمًا لك بعد تسليم، أي أنك تفوض الأمر كله لله، فتخرج من حولك وقوتك إلى حول الله وقوته، فتعود إليه وتسلم الأمر إليه مستجيبًا لأمره بحيث يراك حيث أمرك، ولا يراك حيث نهاك، فالتلبية ليست أمرًا رمزيًّا باللسان فحسب وإنما تكون ترجمة حقيقية للقلب والعمل الخالص لله (عز وجل).