تزايد الجرائم في المجتمع المصري وخاصة جرائم الانتحار تعد مؤشرا خطيرا يجب التوقف عنده بكل جدية من جانب كل مؤسسات المجتمع للوقوف على الأسباب ووضع الحلول العلمية والعملية العاجلة .
ويؤكد علماء الدين وعلماء النفس وعلماء الاجتماع أن إقدام الانسان على قتل نفسه أو قتل الآخرين يكون بسبب وصوله إلى حالة من اليأس والقنوط . لذلك يحذرون من مخاطر اليأس والقنوط ، ويرون أن” اليأس سـد لباب التفاؤل والأمل، وتوقع للخيبة والفشل، واستبعاد للفرَج بعد الشدة، واليسر بعد العسر ، وتغييب للرجاء في رَحمة الله”. ويرى أخرون أن اليأس والقنوط هو : ” انقطاع الأمل، وإحباطٌ يصيب الروحَ والعقلَ معاً، فيفقد الإنسان الأمل في إمكانية تغيٌّر الأحوال والأوضاع والأمور من حول “.
وأعتقد جازما أن التفاؤل في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها مصرنا العزيزة والأمة العربية والإسلامية فريضة لا بد منها حتي لا ندخل في دائرة اليأس المظلمة والمهلكة في الوقت نفسه .
والتفاؤل هو أقوى سلاح يواجه اليأس، لأن التفاؤل يشعل جذوة الأمل في نفوس الأفراد والمجتمع ككل، ويعزز الثقة ، ويفتح أفاق النفس والعقل لابتكار الحلول لأعقد القضايا.
.
ويرى كثير من العلماء أن بث الأمل في نفوس الناس، ضرورة شرعية وفرض إلهي يتضح ذلك من الآية 47 في سورة الأحزاب : ( وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا). ويستدلون أيضا بالحديث الشريف والذي رواه أنس عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال :” يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا”.
وتروي كتب السيرة أن رسول الله سيدنا محمد ﷺ كان يدعو دائما للتفاؤل حتى في ظل أصعب الظروف التي مرت بها الدعوة الاسلامية وقال الشيخ صالح المنجد في موقعه الرسمي :”كان ﷺ يبعث في نفوس أصحابه التفاؤل، ويقول كلاماً يعلي الهمم، يوقظ الأمل في النفوس ، كان ﷺ وهو متوسِّد البردة في ظل الكعبة ويقول له خباب: لقينا الشدة وحصل وحصل، والذي منا أُحرق، والذي منا سُجن، والذي منا عُذِّب، وهو يقول: لقد كان الرجل في من قبلكم وذكر لهم أذىً أشد ثم قال: وليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون”.
في غزوة الأحزاب لما أحدق الخطر بالمدينة واجتمعت القبائل العربية المشركة للهجوم عليها . بالرغم من تجمع الأعداء وكثرة عددهم وقلة عدد المسلمين ومعاناتهم من الحصار والبرد القارس ومن كل انواع المخيفات . ووصف القرأن الكريم حال المسلمين وصفا دقيقا فقال الله تعالى في سورة الأحزاب (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ). مع ذلك النبي ﷺ يعطي البشائر، وبشارة تلو بشارة، وبشائر على مستوى، ليس فقط ينهزم جيش المشركين، لا، على كسرى وقيصر، أشياء عظيمة، وتحققت كلها ووطئت أقدام الصحابة بلاد فارس، والروم، وفُتحت البلاد بأيديهم.
واستشهد الشيخ المنجد بالحديث الشريف الذي رواه أحمد ، كان النبي ﷺ يقول عند ضرب الصخرة بالخندق: ” الله أكبر، أُعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، باسم الله، الله أكبر -الضربة الثانية- والله إني لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، باسم الله والله أكبر -ضرب الضربة الثالثة- الله أكبر، أُعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا”.
وهناك اجماع على أن الوازع الديني والتمسك بمبادئ الدين الحنيف أهم الاسلحة التي تنشر التفاؤل وروح الأمل بين الناس وتقلل من الجرائم بكافة أنواعها . ويجب أن يتم غرس قيم الدين في عقول وقلوب الناشئة والشباب الشابات بتحفيظهم القرآن الكريم في الكتاتيب وفي حلقات التحفيظ في المساجد والجمعيات الخيرية ، وبالدروس العلمية . وأيضا إعادة الإعتبار لمادة الدين ولمعلم الدين في المدارس واعتبارها مادة أساسية ( مادة نجاح ورسوب ) ،وتضاف الى المجموع حتى يجتهد الطلاب في التحصيل.
.Aboalaa_n@yahoo.com