-#أما_بعد..
فلم يعد شيء هنا يا صديقي..
لأن أحدهم أطفأ مصابيح الحلم مبكرا..
واختصر فصول الحكايات في تلويحة وداع عابرة..
لم أكن أعلم حينها أن كل ما أحببته سيخاف الظلام هكذا..
وسيذهب وفي داخله كل هذا الهلع مثلي..
حتى الشوارع والبيوت..
حتى السكوت..
وترنح السكارى آخر الليل وهم يهيمون في الأزقة..
تلك القهقهات خلف النوافذ والآهات..
وبكاء المودعين حين تختنق في حناجرهم-وجعا-الكلمات..
لم أكن أعلم..
أني سأقف في مراسم الجنازة وحدي..
وأتولى الدفن وحدي..
وأقيم الحداد أيضا وحدي..
لم أكن أعلم أن الثبات الذي لطالما ادعيته..
سيخونني أيضا، ويندس في رحل الغرباء دون أن يتهم في سرقته أحد..
لم أكن أعلم أن صمت الموتى بداخلي سيصير وقودا..
وسيصبح حزني قاطرة..
ورغم ذلك يا صديقي..
كنت آمل أن تمر بي تلك القافلة الموعودة..
التي ستحمل معها قميص البشارة..
لكن كل القوافل التي مرت لم أنتظرتها..
وكل القوافل التي انتظرتها..
خيبت ظني فغيرت النهج، وغيرت الطريق..
وكل التوقعات التي أرقتني..
استحلت أن تخون..
أن أهون..
وهي ترتكب المعصية مجاهرة..
انتهى..
بعد أن اكتمل الاحتراق..
بقلمي العابث..