تغير المناخ أصبح حقيقة. يجب علينا التكيف مع عواقب الظواهر المناخية حتى نتمكن من حماية أنفسنا ومجتمعاتنا، بالإضافة إلى بذل كل ما بوسعنا لخفض الانبعاثات وإبطاء وتيرة الاحتباس الحراري. تختلف التداعيات حسب المكان الذي تعيش فيه. وقد تكون هذه التداعيات حرائق أو فيضانات أو جفاف أو ارتفاع الحرارة أو البرودة أكثر من المعتاد أوارتفاع مستوى سطح البحر.
ويمكن فهم النظام البيئي على أنّه عبارة عن مجموعة من التفاعلات القائمة بين عناصر المحيط الحيوي، والتي تتمثل بالغلاف الجوي والغلاف المائي والغلاف الصخري، وتشمل أيضًا كُلٍّا من أنظمة الماء والهواء والتربة والمعادن، بالإضافة إلى النباتات والحيوانات بأنواعها . و قد أكَّد العلماء بأنه سيكون هناك ارتفاع مستمر في درجات الحرارة وذلك في العقود القادمة، وتُعدّ غازات الاحتباس الحراري التي تنتجها الأنشطة البشرية هي المسبب الرئيسي لحدوث ذلك، وأعلنت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) بأنّه سيكون هناك ارتفاعًا في درجات الحرارة، وأنّ مدى تأثيرات تغير المناخ ستختلف بمرور الوقت حسب قدرة النظم المجتمعية والبيئية بالتكيف مع هذا التغير، وفيما يلي سنعرض التغييرات التي ستحدث مستقبلًا نتيجة تغير المناخ: الارتفاع المستمر في درجات الحرارة يؤدي الاحتباس الحراري الذي يسببه الإنسان إلى تغير مستمر في درجات الحرارة، وهذا التغير لن يكون موحدًا في جميع الأماكن والبيئات، ومع مرور الزمن ستظهر النتائج السلبية قطعاً على البيئة، فمن المتوقع أن يؤدي الاحتباس الحراري إلى حدوث انخفاض في رطوبة التربة، وسوف يؤدي هذا إلى تفاقم الجفاف وانخفاض المحاصيل الزراعية. طول فترة الصقيع عند ازدياد انبعاث الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري، يصبح من المتوقع حدوث زيادات لمدة شهرأو أكثر في مدة مواسم الصقيع، وبالتالي يحدث تأثيرة المباشرعلى الزراعة ونمو المحاصيل النباتية. التغير في أنماط الهطول في الواقع لا بدّ من معرفة أنّ الاحتباس الحراري يسبب تغيير في أنماط الهطول حول العالم، حيث ازدادت نسبة هطول الأمطار في أماكن محددة، وفي مقابل ذلك قلت نسبة هطول الأمطار في أماكن أخرى. مع زيادة في قوة الأعاصير ازدادت قوة الأعاصير وشدّتها بسبب الاحتباس الحراري، وحصول أعاصير بشكل مستمر من الفئة الثالثة والرابعة، وبالتالي مع ازدياد شدة الأعاصير سترافقها زيادة في هطول الأمطار بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة. إن ارتفاع مستوى سطح البحر سيؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات الحرارة في القطبين الشمالي والجنوبي، وهذا الارتفاع سيكون سببًا في ذوبان الكُتل الجليدية الموجودة تلك الأماكن، وقد يتحد ارتفاع منسوب البحر مع هبوب العواصف والمد والجزر، وهذا سيؤدي إلى حدوث فيضانات في العديد من المناطق. ذوبان القطب الشمالي مع الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة، فإنّه من المتوقع أن يصبح المحيط المتجمد الشمالي خاليًا من الجليد في الصيف قبل منتصف القرن.
ويعرف تغير المناخ بأنة حدوث تغيرات على المدى الطويل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، وقدْ تكون هذه التحولات طبيعية وذلك في حال حصول تغيرات في الدورة الشمسية، وقدْ تكون بشرية حين يكون الإنسان هو المسبب الرئيسي للتغير المناخي، مثل حرق الوقود الأحفوري والتي تتضمن الفحم والنفط والغاز، كما يؤدي حرق الوقود الأحفوري إلى انبعاث غازات تعمل كغطاء يلتف حول الأرض، ومن الأمثلة على هذه الغازات، ثاني أكسيد الكربون والميثان.
ما الذي تستطيع فعله للتكيف مع وتقليل تلك التغيرات المناخية؟ هناك طرق عدّة للتكيف مع ما يحدث الآن في المناخ وما سيحدث في المستقبل. يمكن للأفراد اتخاذ بعض الإجراءات البسيطة، مثلاً يمكنك زراعة الأشجار أو الحفاظ عليها حول منزلك للحفاظ على برودة درجات الحرارة بالداخل، وقد تقلل إزالة الأحراش من مخاطر نشوب الحرائق، وإذا كنت تمتلك أعمالاً تجارية، فابدأ في التفكير والتخطيط في مخاطر المناخ المحتملة، مثل الأيام الحارة التي تمنع العمال من القيام بمهام خارجية. يجب أن يكون الجميع على دراية بزيادة احتمال وقوع كوارث طبيعية في الأماكن التي يعيشون فيها والموارد التي لديهم في حالة حدوث ذلك، وقد يعني ذلك اتخاد التأمينات مسبقًا، أو معرفة أين يمكنك الحصول على معلومات عن الكوارث والإغاثة أثناء الأزمة.
وبالنظر إلى حجم التغيرات المناخية وتأثيرها على البيئة، والعديد من مجالات الحياة، يجب أن يتمّ الاستعداد للتغييرات الكبيرة والتكيف معها أيضًا على نطاق أوسع. يتعين على اقتصاداتنا ومجتمعاتنا ككل أن تكتسب قدرة أكبر على الصمود في مواجهة التأثيرات المناخية، وسيتطلب هذا جهودًا واسعة النطاق، وسيتعين على الحكومات تنسيق العديد منها. وقد نحتاج إلى بناء الطرق والجسور بحيث تكون مكيّفة لتحمل درجات الحرارة المرتفعة والعواصف الأكثر قوة. وقد تضطر بعض المدن الواقعة على السواحل البحرية إلى إنشاء أنظمة لمنع الفيضانات في الشوارع وفي منشآت النقل تحت الأرض. وقد تتطلب المناطق الجبلية إيجاد سبل للحد من الانهيارات الأرضية والفيضانات الناجمة عن ذوبان الأنهار الجليدية. وقد تحتاج بعض المجتمعات إلى الانتقال إلى مواقع جديدة لأنه سيكون من الصعب عليها جدًا التكيف مع هذه الظواهر. هذا ما يحدث بالفعل في الوقت الحاضر في بعض البلدان الجزرية التي تعاني من ارتفاع مستوى سطح البحر.
ميثاق غلاسكو للمناخ وهل سوف يتم الإلتزام بة لدعم الدول النامية؟
التزمت جميع الأطراف في اتفاقية باريس اتفاقية باريس فى 2015 بتعزيز الاستجابة العالمية لتغير المناخ من خلال زيادة قدرة الجميع على التكيف وبناء القدرة على الصمود والحد من التأثر. لمزيد من التفاصيل انقر هنا. وفي مؤتمر الأطرافCOP26 في 2021، اعتمدت الدول ميثاق غلاسكو للمناخ الذي يدعو إلى مضاعفة التمويل لدعم الدول النامية في التكيف مع آثار تغير المناخ وبناء المرونة. كما أنشأت غلاسكو كذلك برنامج عمل لتحديد هدف عالمي بشأن التكيف، والذي سيحدد الاحتياجات الجماعية والحلول لأزمة المناخ التي تؤثر بالفعل على العديد من الدول.
بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ – عضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم