إن مراعاة النظام العـام واحـترام الآداب العـامـة واجب على جميع سكـان المجتمع، كما أنها ترسخ فكرة دولة القانون، وتحارب فكرة الفساد، ومن تلك الجرائم التي تأثر على هيبة الدولة وتلحق المجتمع بأضرار عديدة هي جريمة الرشوة، وهي من الجرائم المخلة بالوظيفة العامة، بل هي إتجار الموظف العام بوظيفته نظير مقابل ما من أجل أن يخل بواجب من واجباته الوظيفية؛ ونظرا لخطورة ضرر هذه الجريمة اجتماعياً وفرديًا لم يغفل المشرع عن زجر وردع الأفراد منها بل أن من خلال نصوص قانون الجزاء وضع حداً لهذه الممارسات.
والجدير بالذكر أن القانون يعتد بأي مقابل مهما كان حجمه ولونه ووزنه وغيرها من المعايير القياسية لاعتبارها رشوة متى ما قدمت للموظف العام من أجل قيامه بعمل لمصلحة الشخص المعطي؛ ولكن التطبيقات القضائية استثنت من ذلك المقابل ما اعتاد أفراد المجتمع على القيام به من عادات وتقاليد كالعزيمة (دعوة الأفراد لمائدة طعام) وإكرام الضيف وغيرها من الممارسات العرفية؛ وهذا الأمر ساعد على تفريق الجمهور ما هو رشوة وما هو هدية أو كرم، وهو أمر قد يستصعب على الأفراد معرفته؛ نظرًا لتشابه بعض التصرفات ولكن يبقى القصد الظاهر والحقيقي دلالة على هذه الجريمة.
إن فكرة القانون وأهمية التقيد به يجب أن تكون نابعة من المسؤولية الفردية والإرادة الطوعية التي تتأتى من خلال فهم صحيح القانون وإدراك مخاطر الجريمة والسلوك الإجرامي في المجتمع والآثار المترتبة عليه، ووعي الأفراد بجوهر القانون ورسالته؛ وذلك حتى تستقر في الأذهان وتصدقها الجوارح وتُفَعَّلْ من خلالها الرقابة الذاتية للفرد والمحاسبة الضميرية التي لها دور كبير في استقامة السلوك وتهذيبها فضلًا عن الإيمان بالله والعلاقة التعبدية التي هي أساس قواعد الأخلاق التي بوجودها وحدها تُغنِي عن قواعد القانون.
ان الفقه القانوني قد اختلف حول طبيعة الرشوة وأحكامها إلى نظامين، الأول: يميز بين جريمتين من الرشوة؛ الرشوة السلبية التي يرتكبها الموظف العام، والرشوة الإيجابية التي يرتكبها صاحب الحاجة ويسمى بنظام ثنائية الرشوة, والنظام الثاني: لا يتصور الرشوة إلا جريمة واحدة يرتكبها الموظف العام وحده، أما الراشي فشريك فيها ويسمى بنظام وحدة الرشوة، وقد أخذ القانون اليمني بنظام وحدة الرشوة في تجريمه لجريمة الرشوة, ووضع نصوص خاصة بعارض الرشوة والوسيط تلافياً للمآخذ التي قيلت بشأن نظام وحدة الرشوة.
الجرائم غير المباشرة
1-جريمة استغلال النفوذ: جرم المقنن استغلال النفوذ بجريمة خاصة لأن الجاني يمس بنزاهة الوظيفة العامة غير أنه لا يخضع لنصوص تجريم الرشوة حيث أن سلوكه يقتصر على النفوذ الحقيقي أو المزعوم ولا يقوم هو بالعمل الوظيفي ، حيث أن نفوذه يخول له الحصول على المزايا أو القرارات وبذلك جعله المقنن اليمني في حكم المرتشي سواءاً كان موظفاً عاماً أم كان فرداً عادياً.
2. جريمة إنكار العدالة: جرم المقنن امتناع القاضي عن اداء واجبه وذلك حينما يرفض صراحة أو ضمنًا الفصل في الدعوى أو تأخير الفصل فيها رغم صلاحيتها للفصل فيها، أو تأخيره البت في إصدار الأمر المطلوب على عريضة, وهي جريمة تتحقق بسلوك سلبي مجرد, ولا يستلزم المشرع لتمام هذه الجريمة تتحقق نتيجة إجرامية, بل تعتبر جريمة تامة بمجرد الامتناع. ويشترط لتوافرها القصد الجنائي العام لدى القاضي, ولا يتطلب لقيام هذه الجريمة توافر القصد الخاص, فيكفي أن يمتنع القاضي عن الحكم ولو لم تكن لديه نية الغش.
3. جريمة التدخل في شؤون العدالة: لقد جرم المشرع هذا الفعل, وذلك لما تكمن فيه من خطورة في التأثير علي حيادية ونزاهة القضاء, ويشترط القانون صفة معينة في مرتكب هذه الجريمة، وهي صفة الموظف العام أو الشخص ذي الوجاهة. وذلك بقيامهم بالتدخل لدى قاضٍ أو محكمة لصالح أحد الخصوم أو إضرارًا به بإحدى الطرق المتمثلة “بالأمر أو الطلب أو الرجاء أو التوصية”, ولا يشترط أن ينتج عن هذا التدخل تحقيق نتيجة, بل يعاقب الموظف أو ذو الوجاهة الذي قام بالتوسط ولو لم تؤدي وساطته إلى نتيجة, لان المشرع قد أراد من ذلك حماية هيبة القضاء واستقلاله قبل أن يصل الأمر إلى التأثير على القاضي.
4. جريمة ميل القاضي: وهي جريمة عمدية يتعمد القاضي فيها بالحكم بغير الحق نتيجة رجاء أو توصية أو وساطة أو ميل لأحد الخصوم, ويكفي لقيام هذه الجريمة أن يكون القاضي قد افتقر إلى التجرد أو الحيدة الواجبين في الأحكام, ولابد لقيام هذه الجريمة أن يتوافر لدى القاضي قصد خاص هو نية الغش في الحكم.
إن جوانب السلوك الأخلاقي وضرورة العمل بأخلاقيات الأعمال لا ترتبط بمجتمعات محددة، بل إنها أصبحت موضوعاً حيوياً مهماً تواجهه منظمات الأعمال في الدول المتقدمة والنامية، فارتبط مفهوم الأخلاقيات بالعديد من المواضيع والمهمات المنظمية والموارد وطاقات بشرية كالإدارة والعاملين والعمل والقيادة والمديرين فهو يرشد ويعزز السلوك الجيد، وهذا المفهوم أصبح من الأمور المهمة لشغل الوظيفة في الشركة إذ يتم التأكيد عليها من إداراتها لأنها تعد بمثابة الرقابة الذاتية للفرد, لأنه يستطيع أن يميز بين الصواب والخطأ في سلوكه أثناء العمل.
تعد أخلاقيات الأعمال من أساسيات النجاح لأنها تعكس ثقة المنظمة بموظفيها وأجهزتها، وكذلك ثقة المجتمع الذي تعمل في خدمته، فالالتزام بالأخلاقيات سوف يقود إلى تطوير العاملين ويعكس الاهتمام الذي يوليه هؤلاء العاملين للالتزام بعناصر أخلاقيات المهنة، حيث إن عدم الالتزام سوف يؤثر بشكل مباشر على سمعة المنظمة، ولتحقيق ذلك لابد من التزام الإدارة والعاملين بالقواعد الأخلاقية والمهنية للحد من الممارسات التي تهدد مستقبل الشركة في النمو والبقاء والاستمرار.
وأخيراً بأن أخلاقيات الوظيفة العامة قد أصبحت حاجة ضرورية في مواجهة الفساد الإداري؛ تعبر عن المسؤولية المتعددة المستويات بدءاً من المسؤولية الذاتية على مستوى الفرد والمسؤولية الأخلاقية في الولاء للمثل والمسؤولية المهنية والمسؤولية العامة وصولاً إلى المسؤولية الوطنية والقومية والمسؤولية الدولية
في هذا السياق يمكن أن تلعب أخلاقيات الوظيفة العامة دوراً فعالاً في إدارة هذا البعد الإنساني وعوامل الروح في مواجهة الفساد حيث الأخلاقيات لا تحمي فقط الفساد وحسب بل وإنها توجد ذلك الإحساس العميق في نقوس الأفراد العاملين والمواطنين بالفخر والاعتزاز، إن دعم البعد الإنساني في الالتزام بالقيم والمبادئ الأخلاقية لابد أن يأتي بمشاركة فعالة من قبل الجمعيات المهنية الخاصة بالإدارة العامة أو الجمعيات المهنية القطاعية للموظفين الذي يعملون في قطاعات مثل: السياحة، الزراعة، النفط. إن تفعيل الإبعاد التي تم الإشارة اليها أعلاه سوف يقلل من الآثار السلبية من الفساد الإداري الآتية:
1- يضيف النمو الاقتصادي الناشئ من ضعف الاستثمار.
2- الأضرار بجودة البيئة الأساسية والخدمات العامة
3- التأثير على الأداء الاقتصادي من خلال تشويه عناصر النفقات الحكومية .
4- يؤدي إلى زيادة التكاليف الإدارية بسبب الخسارة والبعض في العائدات الحكومية
أن الفساد الإداري هو انتهاك لقواعد معينة يقوم بفرضها النظام والقانون من أجل التغلب على المصلحة العامة بالجهل لتحقيق غاية شخصية. ولابد من معرفة أنه يوجد العديد من الأشخاص الذين يعتقدون بأن مصطلح إساءة استعمال السلطة في القرار الإداري هو مرادف لمصطلح استغلال النفوذ.
لكن في الواقع يوجد فرق شاسع بين المصطلحين، حيث يقصد باستغلال النفوذ أنها جريمة عمدية بمعنى (يقوم بارتكابها الفرد الجاني عن قصد وبدون أي تردد لتحقيق غايات ومصالح خاصة له).