خلال كلمته بمؤتمر دور المؤسسات في الحفاظ على القيم المجتمعية
الوسائل التقليديّة التي تستخدمها المؤسّسات المجتمعيّة لنشر الأخلاق والقيم لم تعد كافيةً في ظلّ عالمنا المعاصر.
لا بدّ أن تطوّر المؤسّسات المجتمعيّة أدواتها ومناهجها من خلال أعمالٍ فنيّةٍ وأدبيّةٍ هادفةٍ، تتناسب مع عقول الشباب وتغيّرات العصر.
إقامة الدّين لا تتحقّق بأداء عباداته فقط، بل لا بدّ من أن يضمّ إليها السلوك القويم والقيم السامية والأخلاق المستقيمة
كتب عبد العزيز السيد
انطلقت اليوم فعاليّات المؤتمر العلميّ الدّوليّ الثاني والذي يعقد بعنوان: (دور المؤسّسات الدينيّة والتعليميّة والثقافيّة في الحفاظ على القيم المجتمعيّة)، وتنظّمه كليّة الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بأسيوط، بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلاميّة بالأزهر الشريف، وبرعايةٍ كريمةٍ من فضيلة الإمام الأكبر، الأستاذ الدكتور أحمد الطيّب، شيخ الأزهر، والأستاذ الدكتور: سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر.
وأكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عيّاد في كلمته على أهميّة هذا المؤتمر الذي جاء في وقتٍ، الإنسانيّة كلّها والمسلمون بشكلٍ خاصٍّ أحوج ما يكونون إلى مثل هذا المؤتمر الذي جاء في وقتٍ تشهد فيه المجتمعات الإنسانيّة عامّةً والمسلمة خاصّةً تغيّرًا أخلاقيًّا وقلبًا لمفاهيم الخير والشرّ والفضيلة والرذيلة والحقّ والباطل والصحيح والفاسد والصواب والخطأ، وقت سمح بتبرير الباطل بل وقبوله والدعوة إليه والتمسّك به، والتشجيع عليه والترغيب فيه والتّباهي به، مضيفا أن الأخلاق في الإسلام نالت موقعًا فريدًا من إسلام الإنسان، فالعلاقة بين العبادات والأخلاق علاقة تعاضدٍ وتكاملٍ وتمازجٍ لا يمكن الفصل بينها؛ إذ الدّين بلا أخلاقٍ عبثٌ.
أضاف الأمين العام أن التمسّك بالقيم المجتمعيّة المحافظة والعادلة، لا يعدّ انتهاكًا لحقوق الأفراد، وإنّما هو في الحقيقة ضمانٌ أصيلٌ لها، وقانونٌ ضابطٌ لحقّ الإنسان من أن يطغى أو يطغى عليه من الآخرين، بل الضمان الإنسانيّ الأصيل للحفاظ على مكتسبات البشريّة الحضاريّة، والعبث بهذه القيم يدمّر الإنسان ، ويرمي بالحضارة إلى الوراء آلاف السّنين، يعني عصر البربريّة والهمجيّة والفوضى، لافتا إلى أن تراثنا الفكري ملئ بالكنوز تجاه قضية معالجة القيم المجتمعيّة.
وختم عياد كلمته ببيان أن الوسائل التقليديّة التي تستخدمها (المؤسّسات المجتمعيّة) لنشر (الأخلاق والقيم والفضيلة) لم تعد كافيةً في ظلّ عالمنا المعقّد، بل لا بدّ وأن تطوّر المؤسّسات المجتمعيّة أدواتها ومناهجها، لتكون أقدر على توصيل رسالتها السامية؛ وذلك من خلال أعمالٍ فنيّةٍ وأدبيّةٍ هادفةٍ، تتناسب مع عقول الشباب وتغيّرات العصر، والاهتمام بمقرّرات (الأخلاق والتربية الدينيّة) في المراحل التعليميّة المختلفة، والتي لم يعد وجودها من قبيل الرفاهية الثقافيّة للطلاب، بل صار الإلزام بها ضرورةً يفرضها الواقع، بل يجب أن تحوّل هذه المعلومات بواسطة النظريّات التربويّة الحديثة إلى برامج تدريبيّةٍ، تحوّلها لسلوكيّاتٍ عمليّةٍ يربّى عليها الصغار، مضيفا أنه لابدّ من التأكيد على حضور الأخلاق في المجال الإسلاميّ بأكمله، فهي عمليّةٌ شاملةٌ تأتي على الإنسان روحًا وجسدًا، قولًا وفعلًا، حركةً وسلوكًا، هدوءًا وانفعالًا، فرحًا وترحًا، إنها عمليّة تزكيةٍ للنفس البشريّة ككلٍّ في جميع أمورها وسائر شؤونها، الاهتمام بالخطاب الدينيّ، والوعظ الأخلاقيّ، بحيث يجب ألا يقصر على المساجد، ومن فوق المنابر، بل صارت الحاجة ماسّةً لنزول (الدعاة والوعّاظ) بين الجماهير في (الشوارع والمنتديات والأسواق والمقاهي والأندية الرياضيّة) ليشاركوا الناس حياتهم، ويرصدوا ما فيها من قصورٍ في الأخلاق والسلوك، ليقدّموا لها العلاج الأنسب والأفضل لتعزيز القيم المجتمعيّة الإيجابيّة، ومناهضة القيم المجتمعيّة السلبيّة، والتركيز على الدراسات الأكاديميّة في (القانون والفلسفة والأخلاق وعلمي النفس والاجتماع)، وتوجيهها في الدراسات الميدانيّة، لدراسة الحالة النفسيّة، والاجتماعيّة، والأخلاقيّة، لكلّ وحدات المجتمع، ورصد ما فيها من ميولٍ وانحرافاتٍ سلوكيّةٍ، وتقديم الآليّات العلميّة الدقيقة، للتعامل معها ومعالجتها، ورفع ذلك كلّه إلى المسؤولين وأصحاب القرار، والمجالس النيابيّة، لسنّ القوانين والتشريعات واللوائح اللازمة لضمان الحفاظ على منظومة القيم المجتمعيّة بشكلٍ يحقّق المصلحة العامّة والخاصّة.