أن “بنبان” يعد أكبر مشروع بالشرق الأوسط والعالم لإنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، ولديه آلية متكاملة لإدارة وتدوير المخلفات الخطرة وغير الخطرة، حيث تساهم 6.8 مليون خلية شمسية في تقليل الانبعاثات الكربونية بما يوازى 3% على المستوى القومي، فيما يقوم المشروع بالعديد من الخدمات المجتمعية التعليمية والصحية، علاوة على التمكين الاقتصادي.
تأتي أهمية المشروع القومي للطاقة الشمسية ببنبان، خاصة أنه بمثابة سد عالٍ جديد بعد وصول عدد المحطات إلى 40 محطة ستنتج 2000 ميجا وات، لتصبح أسوان عاصمة للطاقة الشمسية في العالم ولتمثل حجر الزاوية لدعم مسيرة البناء والتعمير في الجمهورية الجديدة.
أعلنت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة المصرية إلغاء مشروع إنشاء محطة طاقة شمسية بقدرة 50 ميغاواط واستثمارات 50 مليون دولار، في أسوان جنوب مصر. وكان مشروع محطة إنتاج الطاقة الشمسية متفقاً على تمويله مع الصندوق العربي للإنماء الكويتي، وذلك لخفض الأعباء التمويلية عن كاهل الحكومة، يرجع السبب الرئيسي لإلغاء مشروع الطاقة الشمسية في أسوان إلى تجنُّب تراكم الأعباء التمويلية على هيئة الطاقة المتجددة، في ظلّ تحمّلها حتى الآن سداد ديون متراكمة للعديد من الجهات.. “فالهدف أن تكون الهيئة جهة تنظيمية وأن يقوم القطاع الخاص بتلك المشروعات“،
إن موقع مصر الجغرافي، وطقسها المشمس شبه الدائم، إضافة إلى شواطئها الممتدة على البحر الأحمر، من شأنهما أن يساعداها في التحول إلى الطاقة الخضراء البديلة. ورغم أن السلطات المصرية تبذل المزيد من الجهود للتحول نحو هذه الطاقة، واضعة المشاريع، وربما أبرزها مشروع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان، إلا أن البلاد تواجه عوائق عدة تؤخر العملية الانتقالية، حيث تعتمد معظم البنى التحتية بمصر على مصادر الطاقة الأحفورية.
وخصص البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية 10 مليارات دولار لتمويل أكثر من 150 مشروعاً في جميع أنحاء مصر، وتمثل محطة بنبان أحد نجاحاته الرئيسية. فالمشروع بنبان للطاقة النظيفة يضع مصر الذي يبلغ عدد سكانها في مقدمة القارة الإفريقية،
حيث لا مشروع آخر يضاهيه من حيث الحجم وقدرة الإنتاج. مع ذلك هناك شكوك في توصل القاهرة إلى تأمين 42 بالمئة من الطاقة التي تحتاجها من مصادر خضراء بحلول 2035 كما أعلنت الحكومة سابقاً، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تشهدها البلاد. ومن غير المفهوم بعد كيف ستطبق الحكومة المصرية خطتها، أن يتم تطبيقها بدعم دولي، حيث تنظر الدول الأوروبية جنوباً في سعيها للحصول على الطاقة الشمسية. إن مصر تؤمن حتى الآن 10 بالمئة فقط من الطاقة التي تستهلكها من مصادر خضراء، علماً أن الأهداف التي وضعتها سابقاً اقتضت بتأمين نحو 20 بالمئة من الاستهلاك عبر مصادر نظيفة في 2020.
يقع مشروع بنبان بالقرب من مدينة أسوان في جنوب مصر، على أرض تقارب مساحتها 37 كيلومتراً مربعاً. ويضم 32 محطة طاقة شمسية كهروضوئية بلغت استطاعتها الإجمالية حتى نهاية السنة الماضية 1465 ميغاوات، وسترتفع التركيبات بنهاية هذه السنة إلى 40 محطة شمسية تنتج نحو 2000 ميغاوات من الكهرباء، أي ما يوازي الطاقة التوليدية للسدّ العالي.
ويستفيد المشروع من قانون الاستثمار الجديد الذي صدر سنة 2017 لزيادة الاستثمارات الأجنبية من أجل دعم خطة التحول الوطنية إلى الطاقة النظيفة، وإعطاء مصر موقعاً متقدماً على خريطة الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتقدّر الكلفة الإجمالية للمشروع بنحو 4 مليارات دولار، يسهم البنك الأوروبي لإعادة البناء والإعمار ومؤسسة التمويل الدولية في توفير معظمها، عبر قروض ميسّرة وتسهيلات بنكية للشركات المستثمرة في المشروع.
ويؤمّن المشروع نحو 20 ألف فرصة عمل موقتة ودائمة منذ بوشر في تنفيذه سنة 2015، وهو يقوم على الشراكة مع نحو 40 شركة متخصصة في إنتاج الطاقة وفقاً للمعايير الدولية، من بينها «أكسيونا» الإسبانية و«ألكازار إنيرجي» الإماراتية و«إينيري» الإيطالية و«توتال» الفرنسية و«شينت» الصينية و«سكاتيك» النرويجية، إلى جانب عدد كبير من الشركات المصرية العاملة في قطاعي البناء والطاقة.
وتشتري «الشركة المصرية لنقل الكهرباء» حالياً قدرات تقارب نحو 1100 ميغاوات من مشروعات تابعة لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، يأتي معظمها من مجمّع بنبان لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وذلك بسعر وسطي مقداره 0.35 جنيه مصري لكل كيلوواطـ/ ساعة. وقد بلغت قيمة الطاقة المتجددة التي اشترتها الشركة خلال شهر مارس الماضي نحو 550 مليون جنيه.
ويساعد انخفاض أسعار الطاقة الشمسية الحكومة المصرية في تخفيف وطأة سياسة خفض الدعم الحكومي الموجّه لقطاع الطاقة، تمهيداً لإلغائه. كما تضمن مشاريع الطاقة المتجددة استقرار تزويد البلاد بالكهرباء بموجب اتفاقيات شراء لمدة 20 عاماً من محطات الرياح و25 عاماً من المحطات الشمسية، بعيداً عن التقلبات الحادة التي تشهدها أسواق الوقود الأحفوري.
ويرى المطوّرون أن مستويات الإشعاع الشمسي الاستثنائية في بنبان، وتكاليف الصيانة المنخفضة التي تقتصر على تنظيف الألواح الكهروضوئية من الرمال، يعزّزان جدوى هذا المشروع. ولكن نجاح مصر في تنفيذ مشروع بنبان، ومشاريع الطاقة المتجددة عموماً، لم يكن ليتحقق من دون استكمالها الإطار التشريعي والمؤسسي الذي يجذب الاستثمارات لهذا القطاع الواعد اقتصادياً.
وتستهدف مصر الوصول بإنتاجها للكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى 6.8 جيجا وات بحلول عام 2024، مقسّمة بين 1.6 جيجا من طاقة الرياح و1.9 جيجا من محطات الطاقة الشمسية. ووضعت مصر استراتيجية للطاقة المتكاملة والمستدامة، تتضمن بندا لاستغلال الطاقـة النظيفة، ومستهدفة الوصول بها إلى 42 % من إجمالي القدرة الإجمالية للشبكة القومية للكهرباء، من بينها 22 % من الخلايا الشمسية، و14 % من طاقة الرياح، و4 % من المركزات الشمسية، و2 % من الطاقة المائية. تشهد مشروعات الطاقة الشمسية في مصر طفرة واضحة في الآونة الحالية، إذ تقع البلاد ضمن الحزام الشمسي، مما يؤهلها إلى ارتفاع متوسط الإشعاع الشمسي المباشر.
وتتمتع مصر بثراء مصادر الطاقة المتجددة، خصوصًا في مجال الرياح والشمس، وخصصت البلاد نحو 7.650 ألف كيلومتر مربع من الأراضي لتنفيذ مشروعات للطاقة المتجددة، تستوعب قدرات تصل لنحو 35 غيغاواط من طاقة الرياح و55 غيغاواط من الطاقة الشمسية، وذلك في إطار رفع نسبة الطاقة المتجددة بقدرات توليد الكهرباء إلى 42% بحلول 2030.
وتصل كمية الإشعاع الساقط على مصر أكثر من 6 تريليونات كيلوواط/ساعة يوميًا، وهو ما يزيد عن 100 ضعف الطاقة الكهربية المولدة خلال عام 1996-1997 بأكمله، وفقًا لهيئة الاستعلامات المصرية. وتؤكد مصر أنها تنفّذ مشروعات الطاقة الشمسية في مناطق تتميز بقوة السطوع الشمسي طوال أيام العام، دون الارتباط بفصل معين، وهو ما يستبعد توقّف أيٍّ من محطات الطاقة الشمسية في البلاد، تزامنًا مع انخفاض درجات الحرارة.
وتقتنص منطقة كوم أمبو في محافظة أسوان أغلب مشروعات الطاقة الشمسية في مصر، وكذلك الغردقة ومنطقة الزعفرانة. يأتي مجمع بنبان للطاقة الشمسية بصفته أبرز استثمارات مصر في الطاقة المتجددة، والذي يندرج ضمن قائمة أكبر مجمع للطاقة الشمسية على مستوى العالم.
ويعادل إنتاج مجمع بنبان للطاقة الشمسية من الكهرباء نحو 90% من الكهرباء المنتجة من السد العالي، إذ يحتوي المجمع على 32 محطة شمسية، بقدرة تصل إلى 1465 ميغاواط، باستثمارات تصل إلى ملياري دولار.
ويقع المجمع بمنطقة بنبان في محافظة أسوان، والتي تتميز بأنها من أكثر المناطق إشعاعًا، وتخلو من السهول والمرتفعات.
ووفقًا لما نقلته بيانات حكومية عن تقارير دولية، فإن لدى محافظة أسوان ميزة نسبية في إقامة مشروعات الطاقة الشمسية، وذلك بفضل ما تتمتع به قرية بنبان بمعدل سطوع للشمس على مدار العام.
ويشار إلى أن مراحل تنفيذ مجمع بنبان الشمسي بدأت عام 2015، ومن ثم نجحت البلاد في التشغيل التجاري للمجمع خلال شهر أبريل/نيسان 2018، وافتتحته وزارة الكهرباء المصرية في ديسمبر/كانون الثاني 2019.
وموّلت مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي جزءًا من استثمارات مجمع بنبان بقيمة 653 مليون دولار، وبمشاركة البنك الأوروبي، لإعادة الإعمار وعدد من الشركات الأخرى. ويصل عدد الألواح الشمسية المستخدمة في مجمع بنبان إلى نحو 200 ألف لوح شمسي. بدأت مصر التشغيل التجاري لمحطة خلايا فوتوفلطية تقع في منطقة كوم أمبو بمحافظة أسوان، في فبراير/شباط 2020.
وتُعرف أنظمة الخلايا الفوتوفلطية بأنها تعتمد على تحويل الطاقة الحرارية الساقطة من الشمس إلى طاقة كهربائية، وتُجمَع في مجموعة من الخطوط لتوصيلها على الشبكة.
وتبلغ قدرة محطة خلايا فوتوفلطية في كوم أمبو نحو 26 ميغاواط، وبتكلفة استثمارية وصلت إلى 19 مليون يورو (20.7 مليون دولار). وكانت مصر قد وقّعت عقد تنفيذ محطة الخلايا الفوتوفولطية، عام 2018، مع شركة تي إس كيه الإسبانية، لتركيب وتشغيل وصيانة محطة لإنتاج الكهرباء.
ويبلغ سعر إنتاج الكيلوواط/ساعة من المحطة -التي تقع على مساحة 200 ألف متر مربع- نحو 3.2 دولارًا.
وتتوقع مصر أن تنتج المحطة نحو 53 ألف ميغاواط في الساعة سنويًا، وهو ما يوفر قرابة 12 ألف طن نفط مكافئ، ويحدّ من انبعاثات قدرها 30 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون.
وتجدر الإشارة إلى أن الوكالة الفرنسية للتنمية قامت بتمويل المشروع من خلال قرض ميسّر بقيمة 40 مليون يورو، على أن يُستخدم فائض القرض في تمويل مشروعات طاقة متجددة أخرى.
كما تمتلك مصر محطات خلايا فوتوفلطية أخرى موزّعة متصلة بالشبكة بقدرة 100 ميغاواط، ومحطات خلايا فوتوفلطية لا مركزية منفصلة عن الشبكة، بقدرة 32 ميغاواط.
تمتلك مصر كذلك محطة شمسية حرارية بمنطقة الكريمات في محافظة الجيزة، والتي تعتمد على ارتباط الدورة المركّبة بالحقل الشمسي. وتعدّ المحطة الشمسية الحرارية في الكريمات، أحد 3 مشروعات نُفِّذت في القارّة الأفريقية، بكلّ من مصر والمغرب والجزائر.
وبحسب هيئة الطاقة المتجددة، تبلغ قدرة المحطة الشمسية بالكريمات 140 ميغاواط، منها 20 ميغاواط مكون شمسي. وبدأت مصر التشغيل التجاري للمحطة الشمسية الحرارية تجاريًا في 1 يوليو/ تموز 2011، بنسبة تصنيع محلي في المكون الشمسي وصل إلى 50%.
تشهد مصر تنفيذ مشروعات طاقة شمسية جديدة، بعضها تنفّذها الحكومة، وأخرى يمتلكها القطاع الخاص، بقدرات تصل في المجمل إلى 1170 ميغاواط.
ووفقًا لبيانات هيئة الطاقة المتجددة، تنفّذ الحكومة في الوقت الراهن، بالتعاون مع مؤسسات دولية، مشروعات جديدة بالطاقة الشمسية بقدرة تصل إلى 120 ميغاواط.
ومن أبرز تلك المشروعات الجديدة، محطة خلايا فوتوفلطية بمدينة الغردقة بقدرة 20 ميغاواط، بالتعاون مع هيئة التعاون الدولي اليابانية (جايكا)، ومحطة خلايا فوتوفلطية بالزعفرانة، بالتعاون مع بنك التعمير الألماني بقدرة 50 ميغاواط، ومحطة خلايا فوتوفلطية بكوم أمبو، بالتعاون مع الصندوق العربي للتنمية بقدرة 50 ميغاواط.
كما ينفّذ القطاع الخاص مشروعات أخرى في الطاقة الشمسية، ومنها مشروع محطة خلايا فوتوفلطية في كوم أمبو بأسوان بقدرة 200 ميغاواط، بنظام البناء والتملك والتشغيل (BOO) التابع لشركة أكواباور، وكذلك مشروع محطة خلايا فوتوفلطية بقدرة 200 ميغاواط، بنظام البناء والتملك والتشغيل التابع لشركة النويس الإماراتية. وينفّذ القطاع الخاص كذلك مشروع محطة خلايا فوتوفلطية غرب النيل بقدرة 200 ميغاواط، وبنظام المزايدات التناقصية، ومشروع محطة شمسية حرارية غرب النيل بقدرة 100ميغاواط، بنظام البناء والتملك والتشغيل.
أن محطات الطاقة الشمسية كافةً تعمل بكامل طاقتها على مدار العام، باختلاف فصول السنة، ودون التأثر بدرجات الحرارة. إن محطات الطاقة الشمسية في مصر أُنشئت في مواقع مخصصة تتميز بقوة السطوع الشمسي طوال أيام العام، دون الارتباط بفصل معين.
وبصفة عامة، تضاعفت قدرات مشروعات الطاقة المتجددة -والتي ما زالت قيد التطوير خلال العام الماضي- إذ كانت ضعف مثيلاتها في عام 2020. وتوضح بيانات هيئة الطاقة المتجددة، أن قدرات مشروعات الطاقة النظيفة قيد التطوير في مصر بلغت نحو 3570 ميغاواط، باستثمارات أجنبية مباشرة تقارب 3.5 مليار دولار. وقسّمت مشروعات الطاقة المتجددة في مصر قيد التطوير ما بين 78% لمشروعات طاقة الرياح بمنطقة خليج السويس على ساحل البحر الأحمر، والمعروفة بسرعات الرياح العالية، و22% للطاقة الشمسية.