كنت زمان أظن وبعض الظن إثم أن هناك تناقضاً كبيراً بين العقل والقلب، العقل يميل دائما للإتزان وعدم اتخاذ القرار إلا بعد دراسة متأنية بينما القلب هو ذلك المتهور الذى قد يلقى بك فى أتون معركة لا قبل لك بها لمجرد أنه اتخذ قرارا بناء على ما شعر به لأول وهلة.
كنت أظن أن العقل قسوة وأن القلب رقة وأن الجمع بينهما من رابع المستحيلات، لذا طالما تشككت فى قلوب هؤلاء الذين ينشغلون بالسياسة وظننتهم غير صادقين عندما يحاولون أن يصدروا لنا وجوهاً ناعمة لسعيها راضية.
ولأن السياسة والصحافة وجهان لعملة واحدة، فهذا يعنى ان على المشتغل بالصحافة أن يعمل عقله دون قلبه.لذا عندما حزمت حقائب أحلامى وهممت بالرحيل للقاهرة، كنت قد أعددت نفسى للتخلى عن قلبى أو على الأقل لمنحه أجازة مفتوحة !
لكن كل تلك الأوهام تبددت عندما التحقت بجريدة الأخبار فى منتصف الثمانينيات والتقيت بمجموعة من الأساتذة الكبار قيمة، الصغار سناً، والذين سبقونا فى بلاط صاحبة الجلالة ومن بينهم هذه الانسانة الجميلة والزميلة العزيزة مها عبد الرحيم فودة، التى رغم انسانيتها الشديدة فهى صحفية لامعة ومفكرة سياسة لا يشق لها غبار وعروبية من طراز فريد، تلمع عيناها ببريق جذاب ويترفع صوتها بنبرة حماسية محببة إذا ما تحدثت مثلاً عن القضية الفلسطينية.كانت مها فودة ولا تزال مثلاً مؤمنة بتلك القضية ربما أكثر من بعض أصحابها. كانت مها ولا تزال مؤمنة بأنه فى النهاية لن يصح إلا الصحيح طالما لم تتخل عن حلمك ولم تدخر وسعاً فى نصرة قضاياك العادلة.
لا تزال مها عبد الرحيم فودة تضع صورتها وهى عروس «بروفايل بيكتشر»على صفحتها بالفيس بوك، ليس تصابياً ولا بحثاً عن ماض ولى مدبراً، بل هو اختيار للمستقبل.مها تؤمن بأنها لا تزال وستظل عروس المشاعر والأحاسيس، ليست بمفردها فى ذلك، بل تساعدها على تلك المشاعر هذه الأسرة التى كلما رأيت صورهم مجتمعة تشعر أنها صور أسرة فى شهر العسل العروس مها وعريسها الدكتور الفاضل والأستاذ الجامعى عادل قاسم الذى يشارك مها قلبها ويتشارك معها فى عقليتها السياسية الفريدة، فهو مناضل من طراز فريد.
معجون بقضايا الوطن والمواطن من الخليج للمحيط.كان من أوائل المشاركين فى ثورة يناير جالسا على رصيف التحرير تحيط به مها الكبيرة من ناحية ومها الصغيرة من ناحية أخرى والتى أطلق عليها مها لإيمانه بأن كل النساء هى مها.أما من يلتقط لهم الصورة فهو ابنهما وزميلنا محمد عادل، كتلة الموهبة المتعددة فى الكتابة والتصوير بكل أنواعه، والذى تتدفق آهاته وعبراته عبر صفحته على الفيس بوك رائقة متألقة تمزج بين حماس الشباب ونضج الكهول فهو السياسى وراثياً وبالفطرة، ينقل لنا من داخل بيته بثاً مباشراً بالكلمة والحرف وبأسلوب ممتع يجعلك متشوقاً دائماً لمتابعة تلك الأسرة المثالية فى عدد أفرادها وكذلك فى العلاقات التى تربط بعضهم بعضاً..
ولأن القلب السليم أيضا فى الجسم السليم لم يكن غريباً أن تلك الكاتبة والصحفية اللامعة كانت فى شبابها – وهى لا تزال شابة حتى اليوم – لاعبة بارزة فى فريق الكرة الطائرة بنادى الجزيرة والأهلى وفى منتخب مصر ومثلت مصر دولياً فى حوالى خمسين مباراة ضد عدة فرق أوروبية وآسيوية وأمريكية.
أما زوجها الدكتور عادل فقد وهب معظم وقته مؤخراً لأعمال الخير والعطاء من خلال قوافل بنك الطعام وشعاع الأمل التى تجوب مصر تطوعاً وفاء وعرفانا لأهالينا وأطفالنا على امتداد الوطن.
لا يبخل الدكتور عادل على تلاميذه قبيل كل عمل خيرى بلقاء جميل حول المعنى والمضمون فى مسيرة السعى والعطاء، فشكرا لهذا الثنائى الجميل مها فودة وعادل قاسم ولكل اسرة جميلة لديها ارادة من حديد أن تقدم يومياً ومهما كانت الظروف عطاء جديداً للبشرية وللانسانية. !