ذات يوم أنشيء في مصر مسجـد سمّاه المصريّـون “المسجد الحرام” لا لحُرمته؛ وإنما لأنه بُني بأموال حرام، فقد استنزف السلـطان الأشرف أبو النـصر قنصـوة الغـوري أمـوال الخزانه، وفرض الـضرائب، وأمر مـماليكه فانـتهبوا أموال الناس قسرًا ليشيّد مسجده ومدرسته ووكالته وخانقاه، أراد تخليد اسمه كمَن سبقه من السلاطين.
كانت خطيئة الغوري الكبرى -وسبب انهيار مُلكه لاحقًا- شغفه الشديد بالعـمارة، وهو أمر مـشـتهر في دولة المـماليك، إلا أن الاهتمام بالعمارة في ظل حصـار اقتصادي فرضه البرتغاليّون من البحر، وهجمات مستمرة من الصفويين على حدود الدولة، فضلًا عن تطلعات العثمانيين في التوسع نحو الشرق، كل هذه الظروف العالمية تجعل من الإهتمام بالعمارة سخفًا لا مبرر له.
مات السلطان الغوري تحت سنابك الخيل العثمانية في مرج دابق، وقُطـعت رأسه، ولم يُعثر على جثمانه، بل إنه لم يُدفن في مسـجده. انتـهت دولته، وبقي مسـجده شاهدًا عليه، كل حجر فيه بُني بمال منـهوب، من دماء المـقهورين ومن قوت يومهم.
يقول ابن إياس الحنفـي مؤرخًا لحكم الـغوري: “وزال مُلك الغوري فى لَمح البصر فكأنه لم يكن، فسبحان مَن لا يزول ملكه!”
–