الانقراض هو نفاذ النوع وعدم بقاء أفراد قادرة على التكاثر منه، لذلك يمكن أن يحدث الانقراض قبل نفوق آخر فرد من الكائن الحي أو حتى آخر أفراد إذا كانوا من جنس واحد لا يمكنهم التزاوج والتكاثر، وهو من الكوارث الطبيعية، ويهدد جميع أنواع الكائنات الحية من نباتات وحيوانات وفطريات وبكتيريا، لكن الكائنات التي يقع الضرر الأكبر جراء انقراضها هي الحيوانات، ويحدث الانقراض فردياً أو جماعياً . وتتعدد الأسباب المؤدية للانقراض، ومنها ما هو من فعل البشر بصورة مباشرة، ومنها ما هو من فعل البشر بصورة غير مباشرة، ومنها ما هو عوامل طبيعية بحتة لا يد للإنسان فيها، ومن الأسباب المؤدية للانقراض:
الكوارث الطبيعية: تحدث كوارث طبيعية وتؤثر على موطن وبيئة الكائنات الحية وحياتها، فتودي بها إلى الموت والانقراض، مثل: الفيضانات، والأعاصير، وحرائق الغابات، والبراكين.
الصيد الجائر: هو الصيد الذي يتجاوز حدود الصيد المشروع، فيؤدي إلى تناقص الحيوانات بأعداد كبيرة، ويؤثر على استمرار نوعها، وعادةً ما يكون الدافع وراء الصيد الجائر هو الجشع والطمع في صيد حيوانات شبه نادرة لبيعها والحصول على فوائد مزعومة منها.
الرعي الجائر: يعني الرعي المكثف والمفرط في أرض نباتية، وعدم إعطاء نباتاتها الفرصة لإعادة النمو من جديد، مما يضر بالغطاء النباتي والحيواني معاً، فقد ينحسر الغطاء النباتي جراء الرعي الجائر، أو يؤدي لانقراض نباتات نادرة، أو يؤدي إلى تدمير مواطن وبيئات بعض الكائنات الحية والحيوانات.
تدمير مواطن الكائنات الحية: يوجد عدة أسباب تؤدي إلى تدمير موائل وبيئات الكائنات الحية، مثل الزحف العمراني، والكوارث الطبيعية، ونهب ثروات الغابات؛ مما يفقد الحيوانات بيئتها التي تأقلمت على العيش فيها فلا تستطيع التكيف في بيئة أخرى فتنقرض.
التهجين: هو قيام الإنسان بتعديلات جينية على الحيوانات والتلاعب بجيناتها، مما ينتج أنواعاً جديدة من هذا الحيوان تنمو وتتكاثر بشكل سريع، وأكثر مقاومة للأمراض، وغير معرضة للافتراس بنفس المعدلات التي تتعرض لها الحيوانات الأصلية، مما يهدد الحيوان الأصلي بالانقراض لضعفه مقارنةً بالحيوانات الهجينة.
الأوبئة والأمراض: مثل الأمراض الفيروسية والبكتيرية والفطرية والطفيلية، وتنتج هذه الأمراض غالباً بسبب تدخل الإنسان، أو الاحتباس الحراري.
التلوث: يؤثر التلوث على الثروة الحيوانية واستمرارها بطرق كثيرة؛ بعضها مباشر وبعضها غير مباشر، ومن أشكال التلوث التي تؤثر على البيئة والحيوانات؛ التلوث المائي الذي يحدث بسبب التخلص من النفايات في البحار، أو تسرب البقع النفطية، أو المخلفات الزراعية؛ مما يضر بالثروة الحيوانية البحرية، والتلوث الهوائي الذي ينتج من دخان المصانع أو الحرائق أو الغبار أو الانبعاثات البركانية وغيرها؛ مما يهدد حياة الكثير من أنواع الطيور ويؤثر على بيئة الكائنات الحية الأخرى، وتلوث التربة بفعل الأسمدة الكيميائية، أو المبيدات الحشرية، أو طمر النفايات، أو التصحر، أو النفايات السائلة، أو الملوحة، أو الأمطار الحمضية؛ مما يسبب تلوثًا للغذاء، ويلحق الضرر بالحشرات والحيوانات التي تعيش داخل التربة.
الاحترار العالمي: هو احتباس غازات الدفيئة داخل الغلاف الجوي؛ مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، مما يسبب حرائق الغابات، وذوبان الجليد في المناطق القطبية، مما يؤثر على استمرارية وجود الحيوانات القطبية وأعدادها.
الافتراس: هو أحد أشكال العلاقات بين الكائنات الحية تقوم على غذاء أحدهما على الآخر، وتتجلى خطورته عندما تكون أعداد الفريسة قليلة بالنسبة للمفترس.
المنافسة: تحدث عند وجود أكثر من كائن حي في البيئة ذاتها يتنافسون على كمية محدودة من الغذاء المشترك، وهنا يكون البقاء للأقوى.
وسائل حماية الحيوانات المهددة بالانقراض
كل كائن يخلقه الله تعالى في هذا الكون يوجد غاية وهدف من إيجاده، ولم يُخلق عبثاً، وله دَوْر في الطبيعة، وللحفاظ على هذه الكائنات وضمان بقائها في الطبيعة وقيامها بأدوارها، ويمكن العمل على ما يلي من قِبل الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات والدول:
سن قوانين رادعة لكل من تسول له نفسه صيد حيوان مهدد بالانقراض، وعدم التواني في تطبيقها.
حفظ نُسَخ مخبرية عديدة من جينات الحيوانات المهددة بالانقراض.
دعم الأبحاث العلمية والمشاريع ذات العلاقة بالتوازن البيئي وحماية الطبيعة والكائنات الحية، خصوصاً التي تهدف إلى ابتكار طرق لحماية الحيوانات والكائنات المهددة بالانقراض والحفاظ على بقائها لأطول فترة ممكنة.
نشر الوعي بين الناس عن الكائنات المهددة بالانقراض وأهميتها وعواقب انقراضها، وذلك من خلال المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام ومنابر المؤسسات المعنية بحماية البيئة والطبيعة.
إنشاء المحميات الطبيعية لحماية الكائنات المهددة بالانقراض، أو حماية موائلها وبيئاتها إن أمكن، ودعم هذه المحميات باستمرار ووضع خطط مستدامة لتوفير المتطلبات والاحتياجات الخاصة بكل نوع من الكائنات الموجودة فيها.
محافظة الدول على البيئة والغابات ومتابعة صلاحيتها للعيش.
الامتناع عن شراء المنتجات التي يدخل في صناعتها كائنات مهددة بالانقراض، مثل الجلود والفراء وقرون وحيد القرن والعاج، وذلك لإيقاف سوقها السوداء وتقليل الإقبال على شرائها الذي يدفع الصيادين لاصطياد المزيد.
حفاظ الأفراد على بيئاتهم من التلوث، والابتعاد عن كل ما يؤذي البيئة والطبيعة والكائنات الحية ويسبب التلوث.
التطوع والمبادرات الشخصية أو الجماعية لتنظيف البيئات الطبيعية أو خدمة البيئة أو الخدمة في المحميات.
الانقراض والقوانين الدولية
يعد الإتجار بالحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض جريمة، على إزاء الإتجار بالبشر، وتجارة الأسلحة، وتجارة المخدرات وغيرها من أنماط التجارة في الأسواق السوداء، ولكل دولة دورها في حماية البيئة والكائنات المتواجدة ضمن حدودها بطرق وأساليب مختلفة، ولأن أخطار الانقراض وعواقبه عالمية، كان لا بد من عقد اجتماعات ومؤتمرات عالمية ووضع خطط مستدامة للحفاظ على التنوع البيولوجي في العالم، ولهذا السبب عُقدت اتفاقية سايتس الدولية، وهي اتفاقية عقدت في جنيف-سويسرا بتاريخ 3/مارس/1973م، ودخلت حيز التنفيذ ابتداءً من عام 1975، تهدف إلى تنظيم التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية، ووقعت عليها 183 دولة حتى الآن، وتوفر درجات متفاوتة من الحماية لأكثر من 37000 نوع من الحيوانات والنباتات، وتعتبر اتفاقية سايتس أقوى أداة وأشهر اتفاقية أُبرِمَت بهذا الشأن، وبعد رؤية نتائجها وآثارها الملموسة، وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة 3/مارس يوماً عالمياً للحياة البرية.
عواقب الانقراض
يصنف الانقراض ضمن قائمة الكوارث الطبيعية لخطورته ونتائجه السلبية؛ فهو أزمة خفيّة ترسم شكل الحياة على كوكبنا، ومن أبرز المخاطر والنتائج السلبية الناتجة عن الانقراض:
الإخلال بالتوازن البيئي: تقوم البيئة على سلسلة من العلاقات والتفاعلات بين الكائنات الحية وغير الحية، وعند انقراض أحد أفراد هذه السلسلة يتوقف أداء الدور الذي كان يقوم به، مما يحدث فجوة ويؤثر على أفراد السلسلة التي كان يشكل جزءً منها كاملة، مما يؤدي إلى التدهور البيولوجي والبيئي، فانقراض نوع من الكائنات الحية يؤدي إلى انقراض أنواع أخرى كانت تعتمد على هذا الكائن، وزيادة أعداد كائنات أخرى كان يعتمد عليها الكائن المنقرض في غذائه.
تقهقر الغطاء النباتي: هو سبب ونتيجة للانقراض، حيث تفرز بعض الحيوانات إنزيمات ومواد عضوية تشكل سماداً عضوياً؛ تحسن من نوعية التربة وتساعد النباتات على النمو وتقوّيها، وعند تراجع أعداد هذه الحيوانات، يتراجع الغطاء النباتي كمّاً ونوعاً.
تلاشي مصادر بعض المواد الطبية: يستخرج العلماء بعض العقاقير والمواد الطبية من بعض أنواع الحيوانات، مثل: الأفاعي، والضفادع، والحيتان، والغزلان، وعند انقراض أمثال هذه الحيوانات ستختفي هذه الأدوية والمواد الطبية.
الأثر الاقتصادي: فعلى سبيل المثال فقدان الثروة السمكية في البحار يؤثر على اقتصاد البلد، مما ينعكس على أفرادها، وكذلك الأمر لو تعرض قطاع المواشي لخطر الانقراض أو آثاره سيؤثر على اقتصاد البلاد سلباً.
التأثير على طعام الإنسان: بينما يعتمد الإنسان في طعامه على كثير من النباتات والحيوانات ويدمرها في ذات الوقت، ستتعرض لخطر الانقراض أو تراجع أعدادها؛ مما يرفع من أسعارها ويقلل من إمكانية حصول الإنسان على هذه الأغذية والاستفادة منها.
موت محتّم للكائن الآخر: هناك الكثير من العلاقات التكافلية أو التبادلية بين الكائنات الحية في البيئة، وعند انقراض أحد أفراد هذه العلاقة حتماً سيموت مكوّنها الآخر، لا سيّما إن لم يستطع إيجاد بديلٍ له عن الفرد المنقرض، ومن الأمثلة على علاقات المقايضة: الأشنات، الفراشة والزهرة، وحيد القرن وطيور الأوكسبيكر، التماسيح والطيور.
بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ – عضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم