اعرف قدر نبيك.. مبادرة مهمة اعلنت عنها وزارة الاوقاف.. خطوة مهمة على طريق طويل شاق..قد يراه البعض شديد السهولة لكنه قد يكون مليئا بالاشواك بقدر ومقدار ما يكتنفه من اشواق وقد يكون محفوفا بالمكاره كما الطريق الى جنة الرضوان..
الجميع يتطلع ويتشوف الى لحظة نور الى فيض من رحمة الى قبس من ضياء وهم في لحظة من ذهول من هول ما يجرى على الساحة من صراعات تتفجر ونيران تشتعل في ارجاء المعمورة والعالم يضرب على غير هدى رغم الصرخات والاستغاثات والنداءات الظاهرة والباطنة بحثا عن طريق لانقاذ مايمكن انقاذه ..
الاخطر فيما يجري حالة التدني والانهيار الاخلاقي وهو ما يهمنا هنا على وجه التحديد.. الصدمات على هذا الصعيد مفجعة مؤلمة بلا حدود.. خاصة تلك الضربات والشطحات التى تعاند الفطرة الانسانية السوية وتتطاول بكل قوة دون ان يكبح جماحها كابح ولا يردعها رادع والاغرب ان تجد من يدافعون عنها ويزينونها للناس ويوفرون لها الحماية تحت مظلات واهية ما انزل الله بها من سلطان..
وكأني بالكون يصرخ ويستصرخ الجميع ان هبوا الى الملاذ الامن ..عودوا الى دينكم ..واعرفوا قدر نبيكم الذي يحمل منذ الساعات الاولى للبعثة المحمدية لواء : “انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق “..
الخلل الحادث في عالم اليوم ليس له من سبب سوى انهيار النظام الاخلاقي في كافة مناحي الحياة وعلى الساحة الدولية قبل كل شيئ..وما الحروب المشتعلة والصراعات الدائرة والتحالفات الشريرة ومن يتعمدون اذكاء النيران واشعال الفتن واثارة الضغائن بين الشعوب الا صورة من صورة الغياب الحقيقي للاخلاق بمفهومها الانساني الشامل..
اعرف قدر نبيك.. رسالة مهمة للجميع للشباب قبل الكبار والشيوخ.. الاجيال الجديدة في حاجة ماسة الى ان تتعرف على النبي صلى الله وسلم بصورة صحيحة لتسترد وعيها الحقيقي بنفسها ودينها ونبيها..ولا اجدني مبالغا اذا قلت ان الاجيال الضائعة حاليا قد سرقت –بضم السين -مع سبق الاصرار والترصد من دينها وحيل بينها وبين الينابيع الصافية للدين والتعرف على مكارم الاخلاق.. وتكالبت على هذه الاجيال عدة قوى غادرة وباسلحة فتاكة نجحت في ان تسلبها الركائز الاساسية للتربية الصحيحة والقويمة لبناء شخصية سوية قوية عفية قادرة على الصمود في مواجهة اي غريب ودخيل على القيم والاخلاق ومن ثم كل ما يمس دينها وعقيدتها السامية ..
جيل سرقته الثورة التكنولوجية والقت به في احايين كثيرة في غيابات الجب وتركته وحيدا صريعا يقاسي ويلات الغربة حينا والانطواء احيانا او توقع به في فلك الغواية لجماعات الشر اياها التى اتخذت منها متكئا ومرتعا لممارسة فنون الشيطنة واللعب بالنيران والعبث بكل القيم والمقدسات الدينية والوطنية على السواء..
ومما يؤسف له او عليه ان الاباء والامهات – الا من رحم ربي – قد تورطوا في هذا التحالف الشرير وقدموا له كل الدعم المطلوب سواء عن عمد اوبدون قصد ليلقوا بالاجيال الجديدة الى عالم مليئ بالغربة والاغتراب بدءا من الانشغال عن الاولاد واهمال الجوانب التربوية وسقوطهم في هاوية الصراع المادي وتوفير المادة فقط وترك شئون التربية لعناصر اخرى هدامة ثم المسارعة للقذف بابنائهم الى اتون المدارس الاجنبية منذ نعومة اظفارهم وقبل ان يعرف احدهم كيف يحرك لسانه..وهو ما خلق اجيالا مشوهة فكريا وثقافيا ودينيا واعتقد ان هناك دراسات عديدة حذرت من خطورة ما يجري لكن لاحياة لمن ينادي..ولا يجوز التعلل هنا بان النظام التعليمي غير مناسب او ليس الافضل بل يجب ان تكون القضية الاولى والاهم هي اصلاح النظام التعليمي ليكون وطنيا قويا ومناسبا ومؤهلا لخلق شخصية علمية قوية على غرار ما يحدث في الدول المتقدمة التى تؤكد دائما في نظمها على الهوية الوطنية وتحافظ القيم الخاصة بمجتمعها ويدافعون عنها بكل قوة ضد اي محاولة للاختراق او حتى النيل منها..
لكل هذا فان امالا كبيرة معقودة على المبادرة الجديدة اعرف قدر نبيك.. خاصة وانها المرة الاولى التي ياتي فيها تحرك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن رد فعل على حملة اوهجوم من قبل المتطرفين او اعداء الدين عموما من ملاحدة وعلمانيين وغيرهم من الاذناب المؤدلجة او المسيسة والعميلة معنى ادق.
لذلك اتصور ان التحرك هذه المرة سيكون مختلفا تماما سواء فيما يتغلق بنوع التحرك وشكله ونطاقه والجمهور المستهدف سواء في الداخل او الخارج. بمعنى اخر الا تكون المسالة مجرد مجموعة ندوات ولقاءات وخطب واحتفالات وما الى ذلك .. بل يجب ان نرتقي بالحدث الى المستوى الوطنى الشامل نظرا للاهداف المرجوة على المستوى العام والخاص والتاثير المطلوب والنتائج المرجوة والاهداف المنشودة.. بمعنى اخر فالامر لا يعنى وزارة بعينها او هيئة دينية فقط بل تشارك فيه كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية والثقافية لخلق حالة ثقافية ووجدانية ترتقي وتسمو بالانسان المصري في كل مناحي الحياة.. وتنعكس اثارها ونتائجها على سلوك الافراد والجماعات وبالتالي حركة الاستقرار والتقدم والازدهار وفوق كل ذلك الرقي الحضاري..
وذلك لسبب بسيط وكما اعلن بوضوح في الدعوة للمبادرة أن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع هديه من أكبر الدوافع للأخذ بالأسباب فمن يحب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يكون كذابًا ولا غشاشًا ولا محتكرًا ولا يأكل الحرام ولا يكون سبابا ولا لعانا ولا فاحشا ولا بذيئا ومن يحب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدق يكون محبًا لوطنه لأن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان والإسلام لم يطلب من الفرد مجرد العمل بل يطلب اتقان العمل لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه”..
في السياق تتداعى الكثير من الاسئلة وتلح على الاذهان من قبيل ألسنا نحب رسول الله حقيقة ؟ ام ان مفهوم المحبة للنبي قد تغير ويحتاج الى تطوير يناسب العصر والاوان ؟ وكيف نحب النبي اذن دون ان يخشى البعض من همزات الهمازين والمشائين في الظلمات واللامازين ومن على شاكلتهم من مدعي العلم والتحضر؟!!
والحقيقة التى لامراء فيها ان الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القلب ثابت راسخ رسوخ الجبال لا يتزعزع باعتباره جزءا ومكونا رئيسيا للايمان الصادق الكامل بل هوشرط للايمان “ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما “..ثم ان الامر الثابت والواضح في القران الكريم كما جاء في سورة الحجرات :”لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبخوه بكرة واصيلا “..
وأهمية تعظيم وتوقير وتعزير رسول الله صلى الله عليه وسلم كشفت عنها ايات سورة الاعراف يقول تعالى: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [157] فالمعظم لرسول الله وسلم في زمرة المفلحين بإذن الله .
قضية التعزير والتوقير مرتبطة بطرق النصر لله ورسوله والمسألة وثيقة الصلة بالتطور ومتعلقة بطريقة التعبير عن الحب
فطرق المواجهة والنصرة تتطور في مواجهة تطور طرق الهجوم على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعقل ان نغض الطرف او نقف مكتوفي الايدي امام ما يحدث في عالم اليم والادوات المستخدمة في الهجوم والاساءة للنبي سواء لشخصه الكريم او لمنهجة وسنته وهديه الكريم.. وقد شاهدنا كيفية استخدام الدراما والفنون المختلفة في كثير من الاعمال لتوجيه السهام الى النبي والسنة المطهرة افلام ومسلسلات والرسوم الكاريكاتورية..وما احدثته من ضجة في العالم الغربي..وغير ذلك من وسائل وادوات للعبث بالعول وتضليل الافهام وتزييف الحقائق وتزوير وقائع التاريخ الثابتة.
ايضا ما يحدث على منصات السوشيال ميديا وغيرها وما يبث خلالها من مواد اعدت خصيصا لها ولتناسب الجمهورالمستهدف وما تستخدمه من طرق للاتصال التفاعلي على مدار الساعة وتجنيد مختصين مجهزين ومدربين يجيدون التواصل واعداد مواد مثيرة تثير البلبلة والحيرة في نفوس الشباب خاصة..
الاجابة على سؤال كيف نحب الرسول صلى الله عليه وسلم ستفتح ابوابا كثيرة وتزيل الكثير من العقبات في مواجهة المتنطعين ومن يدعون المدنية والتحضر ويسلكون المؤمنين والمحبين لله ورسوله بالسنة حداد.. وستواجه ايضا المدعين واصحاب الرؤى المشوشة وحتى المتطرفين والمتشددين وايضا المفرطين والذين لا يجدون حرجا في تجاوز حدود الادب المفروض والواجب مع رسول الله ويتشدقون بهلاوس من قبيل ان الدنيا تتطور ولم يعد مقبولا التفرغ بعض الوقت للصلاة على رسول الله بل انهم يتطاولون اكثر ويرفضون حتى المسارعة الى اداء الفرائض والصلوات الواجبة وانه يجب اداء الصلاة وقتما تسمح ظروفهم ولا يجب ان يقوموا لصلاة الفجر مثلا وانه يمكن جمع الصلوات مع بعضها بعد انتهاء العمل واشاء اخرى من قبيل هذه الخزعبلات والتي يبحثون من خلالها عن صك يتحللون منما فرضه الله عليهم من عبادات وطاعات!!
فهؤلاء واشباههم مجافون لسنة النبي ولا يعرفون معنى حب النبي صلى الله عليه وسلم ولا معنى الادب مع الله ورسوله!!
**يقول أنس رضي الله عنه عن النبي ﷺ: “ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما”
**من اقوال العارفين :”فلما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة”.
**أتحب أعداء الحبيب وتدعي حباً له ما ذاك في إمكان!!
** اللهم ارزقنا حبك وحب نبيك وحب من يحبك ..
والله المستعان ..
megahedkh@hotmail.com