كتب عادل ابراهيم
قال أبوبكر الديب الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي: إن سياسات الفيدرالي الامريكي برفع اسعار الفائدة ترفع معدلات الدين العالمي ليعادل ثلاثة أمثال الناتج الإجمالي العالمي، وبالتالي تغرق هذه الديون اقتصاد العالم بعد أن بلغت قيمتها 305 تريليون دولار، ما يجعل اقتصاد العالم يواجه أسوأ مشكلة له منذ عقود بسبب استمرار صدمات أسعار الطاقة وتضرر سلاسل الامداد بعد أكثر من 14 ألف عقوبة غربية من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الاوروبيون علي روسيا، وتتعرض دول كثيرة للافلاس .
وأضاف أبوبكر الديب أنه في الاقتصادات الكبري بلغ الدين العام مستويات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، وفي الأسواق الصاعدة، تراكمت الديون إلى مستويات لم نشهدها منذ أزمة الدين في الثمانينات وهناك 50 % من البلدان منخفضة الدخل أصبحت قاب قوسين أو أدني من العجز عن تسديد ديونها.
وذكر أبوبكر الديب قد تغير دائنو البلدان النامية بشكل كبير فقد كانت الديون في الماضي بأيدي الدول الأعضاء في نادي باريس ويمثلون 20 دولة منها مجموعة السبع وروسيا، بينما الآن أصبح الدين بشكل أساسي بأيدي القطاع الخاص فضلا عن دول أخري غنية كالصين والهند ودول الخليج، زيادة في حصتها.. وتفرض المؤسسات الخاصة شروطا أصعب من شروط القروض الحكومية والمؤسسات الدولية وهو الأمر الذي يصعب علي الدول الفقيرة إعادة الجدولة التي يمكن أن تجفف احتياطاتها من العملات الصعبة.
وأشار الي انهاء الأرجنتين، اليوم عملية كبيرة “تاريخية” بحسب الحكومة، لإعادة جدولة الديون المحلية بعملة البلاد البيزو، بهدف “تخفيف” المالية العامة للبلاد على المدى القصير- المتوسط بسبب نقص العملة الأجنبية.
وقال أبوبكر الديب أنه في حين تخوض الأرجنتين معركة مصيرية كبري لمنع عملتها من الانهيار، فإن الانشغال بهذا المسار وفقًا لبعض التحليلات قد يعني انهيار البنك المركزي للبلاد ووفقا لتقارير اقتصادية فقد أنفقت البلاد بالفعل جميع احتياطياتها السائلة، ما زاد من المخاطر في الوقت الذي تكافح فيه الدولة الجفاف التاريخي والركود الوشيك.
وذكر أبوبكر الديب أن الأرجنتين كافحت لبناء احتياطيات بالعملة الأجنبية والحفاظ عليها عند مستويات معقولة وآمنة لعقود من الزمن، لكنها عانت في مكافحة ارتفاع الأسعار في الوقت الذي تحاول فيه الوفاء بالتزاماتها على السندات الخارجية.
وأكد أبوبكر الديب أن أزمة سقف الديون الأمريكية هزت الاقتصاد العالمي ، وكشفت عيوبا جوهرية في السياسة المالية والاقتصادية الأمريكية خلقت حالة من الهلع للحكومات والمستثمرين في جميع أنحاء العالم ورغم أن الكونجرس الأمريكي وافق مؤخرا على مشروع القانون الخاص برفع سقف الديون والمعروف باسم “قانون المسؤولية المالية لعام 2023 ” في اللحظة الأخيرة لتجنب حدوث كارثة وتصديق الرئيس الأمريكي جو بايدن عليه ليصبح قانونا لتجنب تعثر تاريخي في سداد ديون الحكومة.فإن الازمة كشفت عن أن الموقف صعب للغاية ما تسبب في تآكل الجدارة الائتمانية للحكومة الأمريكية وقيمة الأصول الدولارية وسندات الخزانة .
وقال إن الديون الامريكية بلغت 31.4 تريليون دولار لكيانات اجنبية بما فيها الحكومات والبنوك المركزية وشركات وافراد من المستثمرين، ويشمل هذا الدين سندات الخزانة الأميركية وغيرها من السندات المالية الأخرى.. وتمتلك اليابان والصين النسبة الأكبر من سندات الخزانة الأميركية مقارنة بغيرهما من الدول والمؤسسات الأجنبية.. ثم تأتي بريطانيا وبلجيكا وأخيرا لوكسمبورج.
وأشار الي انه في منطقة اليورو تمثل الديون السيادية الأوروبية أزمة ديون متعددة الأوجه تزعج الاتحاد الأوروبي منذ نهاية عام 2009 والعديد من الدول الأعضاء في منطقة اليورو كاليونان والبرتغال وأيرلندا واسبانيا وقبرص لم تتمكن من تسديد ديونها الحكومية أو إعادة تمويلها أو إنقاذ البنوك المثقلة بالديون تحت إشرافها الوطني دون وجود مساعدة من الأطراف الثلاثة مثل بلدان منطقة اليورو الأخرى أو البنك المركزي الأوروبي أو البنك الدولي صندوق النقد الدولي.
وأوضح أن أسباب أزمة الديون تتفاوت ففي العديد من البلدان تم تحويل ديون خاصة ناجمة عن فقاعة الممتلكات إلى ديون سيادية لإنقاذ النظام المصرفي واستجابات الحكومة لتباطؤ الاقتصاد بعد الفقاعة التي حدثت وقد ساهم هيكل منطقة اليورو بوصفها اتحادا نقديا (أي عملة واحدة) دون اتحاد مالي (على سبيل المثال مختلف قواعد الضرائب والمعاشات التقاعدية العامة) في الأزمة وحد من قدرة القادة الأوروبيين على الاستجابة وتمتلك البنوك الأوروبية قدرا كبيرا من الديون السيادية حيث أن المخاوف المتعلقة بملاءمة النظم المصرفية أو السيادية تعزز بشكل سلبي.
وتحث الأمم المتحدة الدول وخاصة الغنية منها على اتخاذ إجراءات حاسمة لدرء أزمة الديون في العالم النامي.
وقال أبوبكر الديب أن ديون الدول النامية زادت بأكثر من الضعف خلال العقد الماضي لتصل إلى 9 تريليونات دولار في 2021 خاصة مع انخفاض قيمة عملتها في مقابل الدولار لأن أغلب الديون مقومة بالدولار فضلا عن ارتفاع معدلات الفائدة منذ عدة أشهر.
وأوضح أن ديون القارة الإفريقية تضاعفت 5 مرات خلال الفترة ما بين العام 2000 إلى نهاية 2022 لتصل الي الترليون دولار، وسط توقعات بتخلف واسع عن السداد في العام الحالي حيث وتتركز 66 % من ديون إفريقيا الخارجية في 9 بلدان تتصدرها جنوب إفريقيا بحصة 15 % ووفقا لصندوق النقد الدولي وهناك 22 دولة إفريقية تعاني بالفعل من أعباء الديون أو غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدائنين.
وقذكر أبوبكر الديب أن الديون أصبحت مشكلة صعبة الحل بالنسبة للكثير من الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل وفي حالات عديدة أعلنت حكومات بعض الدول الإفلاس وعدم قدرتها على الوفاء بها، وحذر صندوق النقد الدولي من أزمة ديون عالمية مع اصرار البنوك المركزية الرئيسية في العالم على زيادة أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم، وهو ما يزيد أعباء خدمة الديون للدول ذات الأوضاع المالية السيئة حيث راكمت الدول النامية خلال السنوات الماضية قروضا بنحو ربع تريليون دولار، وهو ما يهدد بانحدار هذه الدول إلى سلسلة إفلاس تاريخية.
وأشار الي أن الصندوق أكد أن 30 % من الدول النامية والصاعدة إما تعاني أزمة ديون أو قريبة منها، وأن ما يقرب من ثلث دول الأسواق الناشئة وما يزيد مرتين على تلك النسبة من الدول منخفضة الدخل تعاني من ضائقة ديون مع تدهور الوضع بعد قيام الاقتصادات المتقدمة برفع أسعار الفائدة، وتضر أزمة الديون في أي بلد اقتصادات بلدان أخرى، بحسب مدى التشابك مع الآخرين، وقد تدفع البنوك لخسائر كبيرة وتقويض استقرار الأنظمة المالية في البلدان المتضررة، مما قد يضر في نهاية المطاف بالنمو الاقتصادي العالمي، ويهدد الأسواق المالية العالمية وهو ما حدث بالفعل خلال الأزمة المالية العالمية 2008 ، عندما أدت أزمة الديون في الولايات المتحدة لتداعيات واسعة النطاق، وتسببت في ركود الاقتصاد العالمي.
وذكر أبوبكر الديب أن العالم في حاجة ماسة إلى تخفيف أعباء الديون لإفساح المجال أمام الاستثمارات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وخفض تكاليف الاقتراض الإجمالية وعلي البلدان الغنية تقديم تمويل جديد بشروط ميسرة للبلدان النامية، والأقل نموا، وإعادة تمويل البنوك الإنمائية متعددة الأطراف وتوفير التمويل طويل الأجل للبلدان النامية للاستثمار في النمو طويل الأمد وتمديد مبادرة البنك الدولي لتعليق الديون حتى نهاية عام 2022، وتشمل البلدان ذات الدخل المتوسط، ويجب التأكد من التزام كل البلدان بإعداد تقارير شاملة وشفافة عن الدين العام، وتشجيع التعاون بين الدائنين والمدينين لإعادة هيكلة الدين، والتفاوض حول شروط الديون، وأسعار فائدة أقل، أو تعديل خطة السداد، من أجل حماية الاستقرار والرخاء حول العالم.