متى تبوح ثورة 30 يونيو باسراها ؟!
الاجابة الحقيقية عن هذا السؤال الجوهري كفيلة باظهار حقيقة وحجم التغيير الهائل الذي حدث في مصر الجديدة منذ الثورة وحتى الان وحجم التحديات والتضحيات التى قدمتها مصر في مواجهة قوى الشر سواء في الداخل او الخارج.. الذين عاشوا وعاصروا اللحظات الاولى وشاهدوا حالة الفوضى والارتباك والتوتر والقلق في لحظات احتضار الحكم البئيس والتعيس لجماعة الاخوان الارهابية يدركون حقيقة ما حدث وان تحقيق الامن والاستقرار كان حلما بعيد المنال بعد ان اختلط الحابل بالنابل وعمت الفوضى وفقدت كثير من القوى البوصلة الحقيقية وتنازعت التيارات المختلفة وغابت الحكمة وكان هناك من يحرك ويدفع نحو مزيد من الفوضى والتدمير والتخريب ولم تجد القوى المخلصة المحبة للوطن بدا من اللجوء الى الجيش الوطني والحت عليه بضرورة التدخل وانقاذ الموقف ووضع حد للفوضى المفرطة وحماية البلاد من الانزلاق نحو مزيد من الفوضى واشياء اخرى لقوى لا تريد الخير لمصر ولا للمصريين..
وبدأ الناس يتنفسون الصعداء مع اول خيوط اعادة الامن والاستقرار الى كثير من المناطق الملتهبة والسيطرة على البلطجية والخارجين على القانون.. الصور المأساوية لتلك الاحداث والتى مر عليها عشر سنوات واكثر لا تزال ماثلة في الاذهان وترن صدى جمعات الغضب والاسماء اياها في الذاكرة لذلك يشعر الناس بالفارق وبنعمة الامن والاستقرار الامن على النفس وعلى الاموال والممتلكات وغيرها التى كانت معرضة للسلب والنهب ليل نهار ولم يكن هناك منقذ او مغيث او مجير..
الاجيال الحالية سواء الجديدة الصاعدة او حتى الصغار وكبروا ولم يكونوا يدركوا حقيقة ما حدث بحاجة الى تقديم تلك الفترة بصورة حية وصادقة مع تقديم التحليل والتفسير والابعاد التى تكشفت فيما بعد عن الاحداث ومن كان وراءها والقوى التى كانت تعبث بمقدرات الوطن سواء في الداخل والخارج .. لا اعرف لماذا لم نقدم اعمالا تسجيلية سواء افلام او برامج تعتمد على الصورة الحية نقدم صورة من لحم ودم حتى يشعر بها الجميع ويدركوا حجم التحدي وكم من جهد وارواح واموال قدمت للوصول الى النتائج الحالية وذلك بدلا من السقوط في دوامات لا تغنى ولا تسمن من جوع وترديد كلمات وعبارات على مدار الساعة بمناسبة وغير مناسبة..
لحظات تحتاج الى ابداع حقيقي ليحقق الاثر المطلوب وليخفف من معاناة وقسوة الظروف والضغوطات المتتالية التى تحملها الشعب في سبيل اجتياز العقبات والمطبات التى اعترضت مسيرة البناء والسعي نحو حياة كريمة..
شهادات الشهود على الوقائع والاحداث وتحليل المضمون بالطرق العلمية والاستقراء الطبيعي والمنطقي لتداعيات الاحداث والقاء الضوء على ما وراء الاكمة من خطط واستراتيجيات وخاصة ما تكشف منها بمرور الايام وسقوط الاقنعة عن الكثيرين من المتاجرين والمتآمرين واشباههم ومن شايعهم في الشرق والغرب .. مسائل في غاية الاهمية واظنها اكثر فائدة واعمق اثرا في المعركة الحقيقية للوعي المفقود..
لعل من اهم الاسرار التى يجب اماطة اللثام عنها ما حدث ويحدث مع القوى الدولية المختلفة .. فالمؤكد ان الثورة اسقطت كثيرا من اوراق التوت وكشفت عن مفاجات مدوية على صعيد الاصدقاء والاعداء من هم اهل الخير ومن هم اهل الشر..من معك ومن ضدك من يساند بجد ومن يكايد ومن يركب الموجة المذبذبون لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء..
الثورة كشفت حقيقة الصديق والحليف الاستراتيجي وتلك القوى التى تريد استنزاف قدراتك وتطويع الاحداث لخدمة مصالحها فقط ولتذهب انت الى الجحيم لا يهم .. ظهرت ورقة المصالح بقوة وتأكد للجميع زيف الشعارات الخادعة وانه لا مبادئ ولا شيء يحول دون تحقيق المصلحة ولامانع من ضرب القانون والشرعية الدولية بعرض الحائظ ولا قيمة لحقوق انسان ولا غير ذلك من عبارات وشعارات ومطالب يزلزلون ويبتزون بها كل دول العالم .. لكن عندما تصطدم تلك الاقاويل بمصالحهم ورغباتهم وتوجهاتهم الانتهازية والاستعمارية فلتسقط ولتذهب الى الجحيم ..
ولعل قراءة بسيطة واعية لتطورات الاححداث وتشابك العلاقات وتعارض المصالح يكشف بوضوح عن حقيقة ما جرى ولا يزال يجرى..وهو ما كان سببا في توجهات وصياغات جديدة وطنية للعلاقات الدولية سواء مع القوى الشرقية او القوى الغربية النافذة المتحكمة وتراعي في الاساس المصلحة الوطنية العليا وترفض بقوة اي املاءات او تلويحات بالقوة فقد مضى زمن العقوبات والهدايا المجانية للقوة الدولية على حساب المصلحة الوطنية..
لابد ان نعترف ان الامر لم يكن بالسهولة المتصورة ولكن لكل شيء ثمن غال واحيانا فادح بقدر حجم المواجهة والالم الذي يسبه للطرف لاخر الذي يقاوم بكل غرور وعنجهية ولا يريد ان يسلم بالحقوق ولا يعترف بالكبرياء والكرامة الوطنية ولا يهمه جرحها من الحفاظ عليها.. والتجربة المصرية على هذا الصعيد ثرية وتحتاج الى تقديم واع يرصد الابعاد والمتغيرات وكيف استطاعت ترسيخ منهج جديد قائم على الاحترام والموازنة بين مصالح الوطن العليا وتطلعاته نحو البناء والازدهار..
الامر الاكثر اثارة في بركات الثورة واسرارها ما حدث ويحدث على الصعيد الفكري وسقوط اوراق التوت عن اصحاب الشعارات سواء في حقوق الانسان او الدفاع عن القضايا الوطنية واحترام المقدسات الدينية والوطنية ايضا.. هنا سقط اصحاب المعايير المزدوجة سقوطا ذريعا وانكشفت كل عوراتهم.. فما كان حديثهم عن حقوق الانسان والدفاع عنها الا لحاجة في نفس يعقوب قضاها باليورو والدولار ليس فقط في جنح الليل بل في وضح النهار بعد ان بلغ الفجر والعهر السياسي والفكري مداه..فما هو حلال للغربيين حرام على العرب والمسلمين وما هو ممنوع ومحرم المساس به للديانات الاخرى والصهيونية فهو مباح ومسموح به ضد العرب والمسلمين وبالشعارات نفسها والقواعد ذاتها..
فقد ثبت بما لايدع مجالا لشك ان اي حديث عن حقوق للانسان لم يكن الا ورقة ضغط وابتزاز سياسي فقط في لحظة معينة مع دول بعينها .. ثم يتم غض الطرف عن حقوق الانسان والانتهاكات الفظيعة اذا كانت خاصة بالمسلمين في اي مكان او بالفلسطينيين في الاراضى المحتلة بل والادهى انه يتم تبريرها والدفاع عنها بكل الطرق ويتم حجب المواد الاعلامية التى تدينها او حتى تظهرها بكل الطرق ليس هذا فقط بل يتم شن حملات شعواء ضد من يفغل ذلك ويقلبون له ظهر المجت حتى ولو كان صديقا حميما او حليفا استراتيجيا..
اخر الامثلة الصارخة على ذلك ماحدث مع واقعة سماح حكومة السويد رسميا بمظاهرة لحرق المصحف امام مسجد استكهولم الكبير وتحت رعاية وحماية قوات الامن غير مبالين بحرمة وقداسة الدين والقران الكريم ومشاعر ملياري مسلم في العالم .. طبعا تحت فرية حرية الراي والتعبير..
الامر لم يقف عند موقف الحكومات بل انه يتم تسخير واستغلال المؤسسات التكنولوجية ووسائل الاتصال في تحقيق اغراضهم الدنيئة ولا يهمهم ان كانوا يكيلون بمكيالين ام لا او انهم يتعاملون بمعايير مزدوجة ام لا..
مهزلة حرق المصحف في السويد كانت تأكيدا ودليلا متجددا على عنصرية ليس فقط الحكومات الغربية بل والمثقفيين الغربيين ايضا فقد بات مشهورا في الاونة الاخيرة ان تقوم جهات مثل الفيس بوك وتويتر واخواتها بحذف اي مادة في الفضاء الالكتروني تكشف حقيقة الجرائم الصهيونية وحماقاتها ضد الانسانية واي مادة اخرى لا تعجبهم ويقولون انها تحرص على الكراهية والعنف .. ولما حدثت واقعة حر ق المصحف رفض الشيخ جوجل واخوانه ايضا حذف تلك المواد وقالوا انها حرية التعبير وقالت شركة جوجل انها لن توقف بث الاساءه للقران الكريم معتبره ان المقطع حرية فكرية!!
الغريب اننا ايضا لم نسمع صوتا لجحافل العلمانيين واشباههم ممن يؤرقهم الهجوم النقدي على رواية اواي عمل خزعبلي يرونه لاحد من انصارهم او من نكرات اللادينيين والملحدين وهم من يقيمون الدنيا ولا يكادون يقعدونها في اي حالة شرقا او غربا وتتنادى قطعانهم من كل واد سحيق ان هبوا انقذوا علان وترتان ويطالبون بفرض العقوبات وغيرها.. اما وان الامر يتعلق بالقران الكريم وبالمسلمين فلا حرج ان بحدث ويتم دعمه تحت بند حرية التعبير والتهجيص والتهييس وغير ذلك..
الملاحظ ان ردود الافعال على الواقعة السويدية لم تكن مرضية سواء على المستوى الرسمي والشعبي واعتبرها البعض لا تتناسب وحجم الاهانة للقران الكريم كتاب الله الكريم مع التقدير للادانات الصادرة من الوزارات والهيئات الا ان تفعيل طلب المقاطعة ربما يكوم ردا مناسبا لتوصيل رسالة للمجرمين والمخطئين وحتى تفكر الحكومات المساندة لللارهابيين والمتطرفين الف مرة قبل ان تسمح اوتوافق على عمل مشين وجريمة ضد الانسانية وضد الاديان..
توقفت امام اقتراح البعض بوقف استعمال محرك جوجل ويوتيوب لمده يومين فقط في كافه الدول الاسلاميه كانذار للشركه ولافهامها بان امه المليار ونصف مليار مسلم لن تقبل الاساءه للقران الكريم وحددوا يومي الاول والثاني من يوليوالجاري موعد المقاطعه للموقعين المذكورين وتوقعوا ان تتسبب المقاطعه في انخفاض سعر سهم شركه جوجل وخسارة مالية تقدر210 ملايين دولار.
السؤال الاهم هنا : اين البديل لجوجل؟ لماذا لم ننجح في انشاء محرك بحثي منافس؟ لماذا تعثرت محاولة انشاء محرك بحث اسلامي او عربي حتى لا نظل فريسة لمثل هذه المواقع المغرضة والتى تقدم لنا السم في العسل وتمنع وتمنح لنا ما تشاء وتحجب عنا ما تريد وفقا لمصالح مشغليها؟
على ما يبدو ستظل مشكلتنا دائما في توفير البديل..والا نكف عن الصراخ والعويل ومر الشكوى في كل وقت وحين!!
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com