في مذكراتها”حياتي” الذي نشرتها مؤسسة دار التعاون الصحفية تحت عنوان “اعترافات جولد مائير ” والتي رأست وزراء اسرائيل لخمس سنوات تخللها حربا ١٩٦٧ و١٩٧٣ تتناول احداث حرب أكتوبر تحت عنوان الهزيمة وذلك في الفصل الرابع عشر فالكتاب ١٥ فصلًا وقد ترجمه عن الإنجليزية عزيز عزمي وقدم له ممدوح رضا رئيس مجلس إدارة دار التعاون ورئيس تحرير جريدة السياسي التي أصبحت الرأي فيما بعد ثم ضُم صحفيوها إلى جريدتنا “الجمهورية” كما قدم للكتاب الذي صدر في سلسلة كتاب التعاون أيضا عبد القادر السعدني رئيس التحرير التنفيذي للسلسلة. كما كان المترجم مقمة أيضا .
بدأت جولدا مائير الفصل الخاص بالهزينة بقولها : ” ليس أشق على نفسي في الكتابة من بين كل الموضوعات التي كتبت عنها في هذا الكتاب قدر أن أكتب عن حرب اكتوبر حرب يوم كيبور لكنها حدثت ومن هنا فلا بد لي أن أكتب عنها لا من الناحية العسكرية؛ فذلك أمر أتركه للآخرين وإنما ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي وسيظل باقيًا معي على الدوام .فقد وجدت نفسي في موقف كنت في قمة المسئولية في الوقت الذي واجهت الدولة أكبر خطر عرفته”
وبالمناسبة يوم كيبور عيد ديني لدى اليهود يتوقفون فيه عن العمل والطعام والشراب يبدأ من مساء اليوم وحتى نهاية نهاره فاليوم يبدأ بالليل وليس بالنهار.
وتقول :” ولا زال هناك حتى على الصعيد الشخصي الكثير مما لا يمكن قوله الآن .لذا فإن ما سأقوله ليس كل شيء.. ولا بد أن أؤكد للعالم بشكل عام ولأعداء إسرائيل بشكل خاص أن الظروف التي أودت بحياة ٢٥٠٠ إسرائيلي قتلوا في حرب يوم كيبورد (أكتوبر) لن تتكرر مرة ثانية .
في حديثها عن الاجتماعات المصغرة بوزير الدفاع ديان ورئيس المخابرات ورئيس الأركان لمناقشة ما يصل إليها من معلومات عن حشود واحتمال هجوم مصري سوري قالت :” قالوا إن التفسير للحشود السورية هو خوف سوريا من أن نقوم نحن بالهجوم” أي أنها كانت تسألهم تفسير ما يتم من حشود على الجبهة السورية ” وأكدوا أن لديهم إنذارًا كافيًا لأي متاعب ،كما أن تعزيزات قد تم إرسالها إلى الجبهات لصد أية عمليات عند اللزوم ،وقد تم اتخاذ اللازم فوضع الجيش في أقصى درجات التأهب خاصة الطيران والمدرعات” وتعود لتصف آثار الهزيمة على نفسها فتقول:”.. وسوف أحيا بهذا الحلم المفزع بقية حياتي ولن أعود مرة أخرى نفس الشخص الذي كنته قبل حرب يوم كيبور “
وتصف بداية الحرب فتقول في الساعة الرابعة صباحا (تقصد فجر السبت ٦ أكتوبر ) دق جرس الهاتف فأخبرني سكرتيري العسكري أن المصريين والسوريين سيشنون هجومًا مشتركًا في وقت متأخر من بعد ظهر اليوم ( كانت المعلومة تذكر أنه الساعة السادسة مساء كما جاء في مذكرات الجمسي ) فطلبت اجتماعًا بوزير الدفاع ومسئول المخابرات ورئيس الأركان في الثامنة صباحًا وكان كل اهتمام ديان موجهًا نحو حجم الاستنفار ،فأوصى رئيس الأركان بتعبئة سلاح الطيران وأربع فرق، وقال إنه إذا تم الاستدعاء فورًا فسيكون بإمكان هذه الفرق أن تتحرك وتعمل صباح اليوم التالي (الأحد) ، أما ديان وزير الدفاع فكان يحبذ استدعاء سلاح الطيران وفرقتين فقط، ويرى أن سلاح الطيران وفرقتين بمقدورهما معالجة الموقف،فإذا ساء الموقف في المساء فإن بإمكاننا معالجة الموقف باستدعاء المزيد “
ثم دعت جولدا مائير الحكومة كلها لاجتماع وقت الظهر. تقول : ” فطلبت عقد اجتماع الحكومة عند الظهيرة واستمعت الحكومة إلى وصف كامل للموقف ..وفجأة بينما نحن مجتمعين دفع سكيرتيري العسكري باب غرفة الاجتماع حاملًا الأنباء بأن الضرب قد بدأ وسمعنا في نفس اللحظة تقريبًا نعيق صفارات الإنذار “
تقول : كان هناك تفوق ساحق علينا سواء في الأسلحة أو الدبابات أو الطائرات أو الرجال وكنا نقاسي من إنهيار نفسي سحيق.. ولم تكن الصدمة في الطريقة التي بدأت بها الحرب فحسب ولكن أيضًا في حقيقة أن عددًا من افتراضاتنًا الأساسية قد ثبت خطؤها فقد كان احتمال الهجوم في أكتوبر ضئيلًا ،وكان هناك يقين بأننا سنحصل على الإنذار الكافي قبل وقوع الهجوم ،وكان هناك إيمان بأننا سنقدر على منع المصريين من عبور قناة السويس”.
وفي حديثها عن يوم السابع من أكتوبر تقول: ” لا أظنني سوف أنسى ذلك اليوم الذي سمعت فيه أسوأ التنبئوات المتشائمة ففي عصر يوم ٧ أكتوبر عاد ديان من إحدى جولاته على الجبهة وطلب مقابلتي على الفور وعندما قابلته أبلغني أن رأيه هو أن الموقف في الجنوب قد وصل إلى درجة من السوء إلى حد أننا يجب أن نقوم بانسحاب جذري ونقيم خطًا جديدا للدفاع واستمعت إليه في قزع ..”