لا تستغرب،
كُلهم عابرون ….
لا تستغرب إن رأيت أحدهم يرتجف برداً قرب النار ..
إن ارتوت حناجره من مُلوحة الدمع و ابتلعه يمّ الحنين
فبعض المشاعر خُلقت لتموت غرقاً، لتُقبر في جوف الضلوع
لا تعرف شمسها سطوعاً.
لا تستغرب
إن انتحب البدر قهرا و تضرع للسماء برهة
و توشح الليل البهيم قمرا
لا تستغرب
إن صافح الشوق الأجرام و بلل وسائد الأحلام
و فاضت عبَرات الغيمات و ذرفت مُزنها دمعا
لا تستغرب
إن تسابقت الفصول و تأجل تاريخ الهطول
فجِد لها عذرا
لا تأبه لصليل حنين دقّ نواقيس النهايات
قبل أن تنزل ستائر البدايات
ممزقا أوداج اللقاء بملء رغبة
لا تفزع يا قلب فجميعهم عابرون …
لا تستغرب
لمن يبتسمُ مهدهدا وجعه اللقيط بين ذراعيه المبتورة
و يعظ على أصابع الأمل المفقود
يشاكسُ حبره الجنوني لتتدفق جداول من نار و نور
تضرم سعيرها ببيداء خافقي البارد
وقتئد لا يُجدي الأنين
لا النحيب يسعفُ لظى الهجر
و لا الأعذار تُرمم شروخ الغدر
انصرف بعيداً عن مكان الحب و القصيدة
حيثُ تبتلع القوافي ملوحة الضجر و ترتل معزوفة لظى الدهشة و تلعن القدر
فقد انقطع حبل الرجاء و اللهفة
أنا الليلة عاصفة هوجاء، طاعنة في الفقد
سأفتق أزرار السماء، سأرتدي كل الطرقات لأصلك
سأهتدي بأريج أنفاسك ،سأجعل منها قِبلتي
سأصلي في محراب عشقك بتهجد، لأطفئ لوعتي
سأردم قلعة الوحدة المنيعة ،ربما أجدُ كلك و تجد بعضي
أو ربما لن نلتقي أبدا…. وقتها
أقِم صلاة الغائب
فقد تعوّدت نفسي برقيات العزاء