وبعد..
وإني كتبت الحزن بطرق شتى، حتى انتهت الحروف..
كنت أظنه ينتهي حينما تنفد الكلمات..
ونفدت الكلمات يا سيدي، لكن الحزن لم ينته..
فثمة حزن آخر يولد مع الصمت..
لتجمع في خزائنك المملوءة عن آخرها بين وجعين..
وجع بالميراث، ووجع بالمآل..
أنت لم تكن سيئا لتستحق كل هذا السوء..
لكنهم لم يكونوا ملائكة ليمنحوك ما كنت تتمنى..
هم بادروا أطيب ما فيك بأخبث ما فيهم..
فهلا تكف؟!..
هلا عودت قلبك على أن يستقبل ضربات الزمان بالصبر؟!..
حتى ذلك الصبر يا سيدي، وجدوه كثيرا..
فأخذوه في رحالهم حينما مضوا..
وكمموا فاهي..
وتركوني على شفا الجنون أعتمر..
ثم قالوا: عليك بالثبات، إياك أن تجزع..
عهدناك ذا بأس..
والصبر عند الصدمة الأولى..
وأنت، قبل الآن لم تختبر..
فأرنا الرباط الذي عاهدتنا عليه..
إنما فعلنا لنمتحن قلبك، هل يستحق الخلود في فردوس قربنا..
فمن ذا الذي يبلسم جرحي الآن؟!..
وقد سقي بماء الخذلان، حتى استطال في العمق وأضحى أخدودا..
وكيف أقود قلبي إلى موطن غير ذي عثرة؟!..
وكل الدروب التي صنعوها، من حفرة إلى حفرة..
أنا يا سيدي لم أعد أبحث..
لكنه السؤال اليتيم، الذي ينهش روحي كلما واستني عيون الغرباء:(غدا تندمل الجروح)..
أنا يا سيدي ما عدت أفتش في جيوب الزمان عن راحة..
وفي القلب من الأوجاع صروح..
فكيف تعاتب الشجرة الفأس التي اجتثتها ومزقت غصنها..
والفأس في الأصل بعضها؟!..
هل يبقى للعتاب معنى، حينما تذبحك ذات اليد التي زرعت في راحتيها ياسمينا؟!..
ودقت في نعش قلبك مسماره الأخير..
غريب أن تهدمك وردة، ويرممك مسمار..
غريب، أن يغيثك البحر ويلفظك طوق النجاة..
مسكين، ذلك القلب الذي يرتدى الحماقة جهلا، فيظن أن الأرض تربة تصلح لزراعة الأحلام..
وينسى أن السقيا ملح..
فكيف يصلح الخراج، وغذاؤه موت..
وسقياه موت؟!..
وراعيه قاتل بغير دليل..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..