يبدو اننا نعيش في عالم فقد عقله بكل تأكيد .. كل شيئ يجري خارج اطار اللامعقول واللامنطق واللاانسانية ..كل صاحب عقل مصاب بحالة من الدوار وعدم القدرة على التفكير .. المشكلة هذه المرة ليست في الجهل او غياب التعليم او تدهور المستوى التعليمي او غياب أصحاب العقول .. لكن المصيبة في النخبة او من يسمون انفسهم كذلك سواء من متخذي القرار او من يدعمون الأفكار والتوجهات إياها .. المصيبة الأكبر والاشد دهشة تلك الدائرة الجهنمية من التلفيق والكذب وقلب الحقائق والإصرار على اجبار العالم ان يصدقها ويسير في ركابها واي معارضة او رفض او حتى وقوف على الحياد فصاحبها يحكم على نفسه بالاعدام او انه يدخل نفسه في المقصلة التي لاترحم ولا تبقي ولا تزر ..
هؤلاء لايجدون في انفسهم حرجا ولا لدولهم في ان يتماهوا مع أحلام النازيون الجدد في الكيانة الصهيوني في القضاء على الدولة الفلسطينية .. الذين لا يريدون ولا يطيقون سماع مصطلح الدولة الفلسطينية وما قرب اليها من قول وعمل.. تلك الأفكار التي ما فتأ نتنياهو يرددها هو وزبانيته على مدى سنوات وسنوات وتعمد خلالها وأ أي أفكار عن السلام وحل الدولتين وسارع الى كل فعل على الأرض يجهض أي حديث عن ارض فلسطينية متصلة قطعها بالمستوطنات وجعل الفلسطينيين في كانتونات متباعدة بعد ان التهم الأرض وهدم الدور وشرد السكان الى الداخل والخارج ومارس التطهير العرقي والتجير القسري في القدس والضفة الغربية بكل قوة وسط صمت مزر من العالم والعرب أيضا ..
العالم الذي يتشدق بالديموقراطية وحقوق الانسان واحترام القانون والشرائع الدولية ..الان هو نفسه الذي يرفض بصوت عال القانون الدولي وكل القواعد الإنسانية ويضرب بها عرض الحائط ولا يريد ان يستمع الى نصائح او حتى أي صوت للحق او إشارة الى العدل والانصاف ..
كان طوفان الأقصى كاشفا وبكل دقة لحالة التردي والانسياق الاعمى لرغبات النازيين الجدد الذين سقطت كل الأقنعة عنهم في اول مواجهة حقيقية ..وغرق النازيون في طوفان الأقصى ومعهم أوهام السلام الابراهيمي المزعوم او المشئوم غير مأسوف عليهم..ومن عجب انهم لا يتورعون في رفع شعارات مضادة للقوانين والأعراف الدولية ويدعون الى الالتزام بها ويتخذون من الإجراءات ما يعطل أي محاولة لاقرار القانون او الاعتراف بالحقوق والتوجه نحو إقرار العدالة والانصاف.
.. ظهر الامر جليا في الشعار الخادع المرفوع حق إسرائيل في الدفاع عن النفس .. وفج|أة صار الشعار وكانه نص مقدس لايجوز المساس به ..من يعارضه او حتى يتحفظ عليه كمن يلقي نفسه في الجحيم ويتم طرده فورا ليس من منصبه فقط بل الى مكان لايحمد عقباه ..
اعتقد انها سابقة لم تحدث في التاريخ الإنساني انيتم الادعاء بان قوى الاحتلال تملك حق الدفاع عن نفسها وفي المقابل لا حق للمقاوم او الضحية في الدفاع نفسه وكأن عليه ان يرضخ ويستسلم لما يقره السيد المعتدي.
الأكثر غرابة ان تسير القوى الكبرى بهذا الشعار الكاذب الخاطئ المنافي لكل الأعراف الدولية والقوانين والشرائع الى الأمم المتحدة وتقاتل من اجل فرضه على الأعضاء مع انه يتعارض وقوانين المنظمة نفسها وهو ضد الهدف الذي قامت من اجله لفرض الامن والسلم الدوليين..وتجهض بالفيتو أي محاولة لوقف شلالات الدماء المراقة صباح مساء..
عشرات من القرارات الدولية تؤكد حق الشعوب في المقاومة وتقرير المصير والدفاع عن نفسها بكل القوى المتاحة لها حتى تتمكن من الحصول على حقوقها المشروعه والدفاع عن وطنها وشعبها.
ولكن بما اننا في عالم فقد عقله فان القاعدة انقلبت واصبح الدفاع عن النفس من حق المعتدي ولا يملك الضحية هذا الحق..الفكر الطبيعي والعقلي يؤكد ان اسرائيل قوة الاحتلال القائمة منذ 75 عاما هي المطالبة بعدم قمع المقاومة وليس العكس.وقد أكدت ذلك محكمة العدل الدولية في فتواها بشأن بناء الجدارفي العام2004: ردت المحكمة على الادعاء الإسرائيلي بأن بناء الجدار يأتي دفاعاً عن النفس بالقول إن هذا الحق لا أهمية له استناداً إلى حقيقة أن إسرائيل تمارس سيطرة فعلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وجاء قرار محكمة العدل الدولية بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تصدر على وجه السرعة فتوى بشأن المسألة التالية: ما هى الآثار القانونية الناشئة عن تشييد الجدار الذى تقوم إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، بإقامته فى الأرض الفلسطينية المحتلة بما فى ذلك فى القدس الشرقية وحولها..
وكان قرار محكمة العدل الدولية انه لا يحق لإسرائيل أن تتذرع بحق الدفاع عن النفس وتتخذ من الإجراءات التى تمثل عقابا جماعيا للشعب الفلسطينى الواقع تحت الاحتلال، وقد تلقفت الدوائر العلمية والأكاديمية فى الدول الغربية هذه الفتوى القانونية، أو القرار الذى أصدرته محكمة العدل الدولية بالدراسة والتحليل، وقد اعدت دراسات عنه فى كليات القانون فى الجامعات الكبرى فى أوروبا وأمريكا، وللأسف لم ينل نفس الاهتمام فى الدوائر الاكاديمية العربية.كما يقول الدكتور نصر عارف أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والجامعات العربية.
وهناك واقعة أخرى اكثر أهمية على هذا الصعيد ومرتبطة بالكيان الصهيوني وما يقوم به في الأراضي الفلسطينية المحتلة وهو التقرير الذي قدمته لجنة التحقيق الدولية للجمعية العامة وهي لجنة تحقيق دولية مستقلّة تابعة للأمم المتحدّة معنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة بما في ذلك القدس الشرقية وإسرائيل واكد التقرير وجود أسباب معقولة تدعو للاستنتاج أن الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية بات غير قانونيًا بموجب القانون الدولي نظرًا لاستمراره وسياسات الحكومة الإسرائيلية للضم بحكم الأمر الواقع.
ودعت لجنة التحقيق المؤلّقة من ثلاثة أعضاء الجمعية العامة إلى إحالة طلبٍ عاجل إلى محكمة العدل الدولية لتقديم فتوى بشأن الآثار القانونية الناشئة عن استمرار إسرائيل برفضها لإنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية المحتلّة مشيرةً إلى انه بموجب القانون الدولي الإنساني احتلال أرضٍ ما خلال الحرب هو وضع مؤقّت ولا يحرم السلطة الواقعة تحت الاحتلال من وضعها كدولة أو من سيادتها.
ركّز التقرير المؤلّف من 28 صفحة على تعزيز المشروع الاستيطاني وتوسّعه بما في ذلك البيانات التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون يشيرون فيها إلى النيّة على استمرار السيطرة الدائمة على الأرض بما ينتهك القانون الدولي. واستنتجت لجنة التحقيق أنه تقع على إسرائيل إثر استمرارها باحتلال الأرض بمفعول القوّة مسؤوليّات دولية ولا تزال مسؤولة عن انتهاك حقوق الفلسطنيين فرادى وجماعات.
و”نتيجة تجاهل القانون الدولي في إنشاء المستوطنات أو تسهيل إنشائها ونقل المدنيين الإسرائيليين بشكلٍ مباشر وغير مباشر إلى المستوطنات مهّدت الحكومات الإسرائيلية المتتالية لوقائع على الأرض لضمان السيطرة الدائمة على الضفّة الغربية”كما قالت رئيسة لجنة التحقيق السيّدة نافي بيلاي.
ورغم ان حق المقاومة للمحتل حق اصيل الا ان الغريب ان القوى الدولية تسعى جاهدة بكل ما اوتيت من قوة للالتفاف على حق مقاومة العدوان المشروع وتمارس كل الوان التضييق على قوى المقاومة وتحاول ان تنزع عنها أي صفة شرعية للقيام بواجبها الوطني وتستخدم في ذلك لعبة الإرهاب فتلاحق قوى المقاومة باتهامات شنيعة من قبل الإرهاب والتطرف وانها تمثل قوى الرجعية والتخلف وان المقاومين هم أعداء الحضارة والإنسانية وانهم لا يعرفون الا القتل واسالة الدماء وتستخدم في ذلك وسائلها الإعلامية والدعائية حتى تجعل من تلك الاتهامات قاعدة وصفة لازمة يتم ذكرها ووصف المقاومة حين يأتي ذكرها في أي مكان وفي أي وسيلة ..
وللأسف الشديد فانه وبعدما حدث من تقدم على مستوى التشريعات وإقرار الحقوق في الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية واصبح “. لكل شعب الحق في الوجود ولكل شعب حق مطلق وثابت في تقرير مصيره .. وأنه من حق الشعوب المستعمرة المقهورة في أن تحرر نفسها من أغلال السيطرة واللجوء إلى كافة الوسائل التي يعترف بها المجتمع”.. تحدث مثل هذه الانتكاسة الفظ\يعة التي نشاهدها صباح مساء..
أصابع الاتهام كلها تشير الى الدور الأمريكي غير الشريف على هذا الصعيد سواء في صناعة الإرهاب نفسه ورعايته وتصديره او في الايعاز الى حلفائها وشركائها ومن يدورون في فلكها الى ممارسة اللعبة سواء لتأكيد هيمنتها من ناحية او لتوفير الحماية لربيبتها إسرائيل والتمكين لها في المنطقة على حساب الحقوق العربية الواضحة والصريحة..
وللأسف فانها قد حققت نجاحا كبيرا في خطتها حتى وصلنا الى هذا المستوى غير الأخلاقي في التعامل مع القيم والقوانين والأعراف الدولية والإنسانية ..
تبا لهذا العالم الذي يخرج علينا فيه ممثلو النازية الجديدة ليلقوا على العالم دروسا في الأخلاق والفضيلة ويتحدثون بملء اشداقهم عن الحضارة والكرامة الإنسانية..
ينفذون جرائم ضد الإنسانية ويرتكبون أفظع المذابح ضد الأبرياء اطفالا ونساء ويمارسون سياسات التطهير العرقي والتصفية الجسدية على الهواء وعلى مرأى من العالم كله الذي لاتطرف له عين ولايهتز جفن..بل يؤيد ويبارك.. ويبرر أن وقف الجنون في القتل ليس في المصلحة!
يخرج نتياهو يوميا على الشاشات الفضائية وفي لقاءات مع قادة دول كنا نظنها كبرى الا انها وضعت نفسها في حقيبة نتنياهو مشجعة له وداعمة للنازية والعنصرية الجديدة..
ومن مساخر العصر ان نسمع نتياهو يقول إنه يمثل الحضارة ضد البربرية والوحشية.. يمثل الديموقراطية ضد التخلف والرجعية ..ويقول إنه يخوض معركة الحضارة للعالم المتقدم وان هزيمته هزيمة للإنسانية !!
الانكى الا احد يرد عليه ويواجهه صراحة بحقيقية ..خوفا من أن تتسلط عليه الالة الإعلام الصهيونية واذرعها تقطيعا وتشويها ..
العالم في حالة دهشة من النفاق الرهيب المقيت للكيان الصهيوني وعصابات النازية المتجبرة بالدعم المطلق من امريكا والقوى الغربية..
لااحد يتحدث عن دافعي الضرائب ولا اين تذهب ولا فيما تنفق المليارات ولا اين ذهب مخزون السلاح الاستراتيجي ولا اين الحماية لأسرار احدث الأسلحة التى لا يجوز امتلاكها الا للجيش الأمريكي فقط..
ولم يستغرب احد من استقالة مسئولين كبار في الخارجية الأمريكية وغيرهم في مواقع اخرى في لندن وغيرها لأن اسرائيل طلبت أسلحة واشياء اخرى لا يمكن الموافقة عليها ..
علامات استفهام كثيرة وقلقة لا تزال مطروحة في مقدمتها متى يعود العالم الى رشده ؟؟
والله المستعان ..
megahedkh@hotmail.com