عزيزى القارئ.. هل تحب أن يراك الناس على حقيقتك أم يروك على الصورة المثالية التى يعتقدون أنك عليها؟ اقرأ حكايتى لعلنا نصل سويًا لإجابة تقنعك وتقنعنى. لقد حدث معى منذ أيام آخر شىء كنت أتوقعه وهو أن أعثر يوما على مصباح علاء الدين, حدث ذلك منذ أيام عندما كنت عائدًا ليلًا أهيم فى الطرقات فاصطدمت قدمى بشىء صلب فالتقطته، رغم أننى ممن يصدقون دائماً النصائح التى كنا نسمعها منذ أن كنا صغارًا بألا نلتقط أى شيء فى زمن حرب اكتوبر المجيدة عندما عرفنا أن العدو الإسرائيلى يلقى من طائراته بأقلام ومساطر وأساتيك لإغراء تلاميذ المدارس وما هى فى الحقيقة إلا قنابل صغيرة سوف تنفجر فى وجوهنا.
لم أستطع أن أقاوم فضولى وأمسكت بهذا الشىء الصلب الذى كان مدفوناً تحت طبقة من الأتربة أضاعت جميع ملامحه. قلت لنفسى: هل يكون هو ذلك المصباح السحرى الذى يحلم به الناس جميعاً للاستعانة به فى تحقيق كل أحلامهم. لم أكذب الخبر وبدأت تنظيفه وكلما زال جزء من التراب أكتشف أننى فعلاً قاب قوسين أو أدنى من المصباح السحرى. فركته مرة ومرتين وثلاثاً ولكن العفريت زرجن ولم يخرج. هل أنا واهم إذن وهذا المصباح ليس أكثر من فانوس قديم ألقاه أحدهم فى الشارع بعد انتهاء رمضان منذ عدة سنوات ثم تم دفنه تحت التراب بفعل العوامل الجوية حتى كشفته الأمطار الغزيرة؟! يبدو أن نقبى طلع على شونة وأن أحلامى ستظل مجرد أحلام. أوشكت أن ألقى بالمصباح إلى حيث كان قبل أن ألاحظ أن بابه مغلق بإحكام وكأن داخله شىء عزيز أراد صاحبه أن يحتفظ به, هل يكون بداخله خريطة كنز مدفون فى مكان ما, ترى ماذا فى ذلك الكنز؟!
حاولت فتح الباب فكان من الواضح أن الصدأ الذى يعلوه يقف حائلاً بينى وبين فتحه فألقيته على الأرض بشدة فانفتح الباب فعلاً ومددت يدى لألتقط ما بداخله فإذا به قناع قديم أو ماسك جلدى سميك للوجه كان يبدو عليه الفخامة وكان ملتصقاً به ورقة صغيرة فتحتها بسرعة لأعرف سر هذا القناع فوجدت مكتوباً فيها: القناع السحرى حيث يراك الناس كما يريدون هم وليس على حقيقتك!
لم أتردد لحظة ونفضت الغبار عن القناع ووضعته على وجهى وكانت المفاجأة أنه مقاس وجهى بالضبط. وأسرعت للبيت حيث التقيت أولا بحارس العمارة يقف أمام الباب فأوقفنى قائلا: إلى أين يارجل؟ فقلت له:ألا تعرفنى,أنا فلان؟ فقال: هذا فعلاً صوت فلان لكن ماذا حل بك هل أنت عائد من عملية تجميل, ولماذا لم تشخط فيّا كعادتك طالبًا منى الاهتمام بنظافة العمارة؟ لم أشأ أن أرد عليه وأسرعت للشقة وطرقت الباب وعندما فتحت زوجتى ورأتنى أسرعت بغلق الباب واختبأت وراءه وهى تقول: واضح إن حضرتك عايز الشقة اللى قدامنا, فقلت لها: افتحى يا روحى أنا زوجك ففتحت وهى تنظر لى مندهشة قائلة: وهل تركت الصحافة وبقيت بطل سينمائى لدرجة أن تقول لى يا روحى؟! ثم نادت على البنات صائحة: تعالوا يا بنات بابا بقى ملاك! فلم يكدب البنات الخبر وكلما طلبت إحداهن طلباً لبيته لها دون نقاش.
فى صباح اليوم التالى استوقفنى الأمن فى المؤسسة يسألنى عن وجهتى قبل أن يقتنعوا بأننى زميلهم الذى يعمل فى هذا المكان منذ خمسة وثلاثين عاماً أما عن أصدقائى الصحفيين فحدث ولا حرج حيث لم يتعرف علىّ أحد فى البداية ومنهم من اعتقد أن الإدارة استعانت بخبير أجنبى ومنهم من قال ربما يكون مبعوثاً من كوكب آخر جاء ليدرس أوضاع الصحافة على كوكب الأرض. وبعد انتهاء العمل عدت مسرعا للبيت ففوجئت بالحارس يقول:
ها أنت عدت لطبيعتك, وعندما طرقت الباب شاخطاً: افتحى يا ست إنتى بقالى ساعة على الباب قالت زوجتى: أهلاً بيك فى وطنك إيه إللى جرالك حسدناك ولا إيه؟ أسرعت إلى حيث الورقة التى كانت مع القناع فوجدت مكتوباً على وجهها الآخر: القناع ليس سحرياً ولا يحزنون, أنت لست فى حاجة لسحر حتى يرى الناس أفضل ما فيك, تعيش وتاخد غيرها يا إتش!
Hisham.moubarak.63@gmail.com