قاربت من الانتهاء من قراءة نصف الكتاب بفضل الله ، الذي قام صديقي الصحفي المختص بالتحقيقات الصحفية المهمة من تأليفه ، والذي يتناول موضوع حساس ومهم وشائك للغاية وهو “مدعي النبوة” الذي هز مجتمعه في حينها وشغل الرأي العام بتصرفاته وتصريحاته المثيرة وأفعاله التي قام بها لاتباعه الذين يؤمنون به ، وقد زودني به لأنني مختص ب”علم الديانات” والكتاب المقدس “اللاهوت “، وأنا قراءة كتب كثيرة عن هؤلاء في عصرنا الحالي وفي الماضي أيضا ومنهم أصبحت ديانتهم باقية حتى يومنا هذا وآخرين أختفوا ولا نجدهم إلا في بطون الكتب .
لقد وضع في كتابه الرائع قصة واقعية عاش أدق تفاصيلها وأحداثها يوم تلو يوم وهو يتنقل ويسأل ويصور ويجمع المعلومات ، عن رجل جاهل كان يسكن إحدى المدن المصرية الجميلة ، وفي أحد الأيام وبعد خروجه من المسجد بعد الانتهاء من صلاة الظهر جماعة بدأ بالصراخ بشكل هستيري بأعلى صوته ، وجمع الناس حوله ليعلن حينها أن الوحي قد نزل عليه ،وأنه أحد الأنبياء المرسلين في “آخر الزمان” لكي يصلح المجتمع وأنه “رحمة للعالمين”..!!
الأمر عادي هنا فكل شهر أنا أقرا عبر وسائل الإعلام حول العالم عن مدعي نبوة جديد يثير زوبعة من حوله هو وأتباعه ، يظهر لكنه يصبح هو ودعوته موضوعا للسخرية ، “المضحك المبكي” أن مدعي النبوة الذي تابع صديقي قصته الدرامية من البداية وحتى النهاية قد أمن بدعوته الكثيرين ، طبعا يتوقع البعض ممن يقرأون ما أكتبه أن أتباعه هم من الطبقات الأمية الجاهلة التي لا تعرف شيء ، لكن العكس هو الصحيح حيث أنهم من صفوة المجتمع من الأكاديميين والأطباء والمشهورين ، وهذه “الطامة الكبرى”.
استمر المدعي في دعوته هذه عدة شهور حتى تم إلقاء القبض عليه متلبسا مع عدد من الأفراد الذين قال لهم “أن الوحي سوف ينزل عليه ليبلغه بأمر هام “، وتم الكشف أن لديه مبالغ كبيرة حصل عليها من الأتباع المخلصين ، وعلاقات منحرفة مع عدة نساء من المغيبين ،و مرضى يدعون أنه تم معالجتهم بيده “المباركة ” ، وآخرين يقولون أنه يظهر لهم بالاحلام ،وآخرين يقولون أنه شاهدوه وهو لديه جناحين باللون الأبيض وهو يحلق بالسماء عاليا ، وتبين في النهاية أنه كان يقدم للبعض العصير الممزوج بحبوب الهلوسة المطحونة، والسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة لماذا مجتمعاتنا التي تعاني من هذه الظواهر الشاذة المقرفة دون غيرها..؟؟
بالنسبة لي لا أجد سلاح متاح أمامي إلا سلاح التوعية بالعلم والمعرفة حتى يتم تنظيف هذه الشوائب التي تشوب مجتمعاتنا المسكينة الغارقة بالجهل المدمر ، وعدم تكرار رجوعها لنا مرة أخرى .