الاخبارية – وكالات
تصاعد القتال في قطاع غزة يوم الخميس فيما وصفه السكان بأنه بعض من أعنف جولات القصف الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب، على الرغم من أن الطرفين المتحاربين عقدا ما أطلقت عليه واشنطن “مناقشات جادة للغاية” بخصوص هدنة جديدة.
وكان القصف أكثر شدة على الجانب الشمالي من قطاع غزة حيث أمكن رؤية ومضات برتقالية من الانفجارات ودخان أسود مع بزوغ الفجر عبر السياج الحدودي في إسرائيل. وسُمع هدير الطائرات المحلقة ودوي قصف الضربات الجوية كل بضع ثوان يتخلله دوي إطلاق نار.
وفي الجنوب حيث نزح مئات الآلاف جراء الحرب التي دمرت الكثير من أنحاء القطاع، قالت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إن ضربة إسرائيلية قتلت قائد المعبر الرئيسي الذي فتح أبوابه قبل أيام فحسب لإدخال المساعدات.
وقال سكان جباليا في شمال القطاع على مقربة من الحدود الإسرائيلية إن المنطقة باتت معزولة بالكامل إذ يطلق قناصة إسرائيليون النار الآن على أي شخص يحاول الفرار.
وقال أحد سكان جباليا الذي طلب عدم ذكر اسمه خشية التعرض للتنكيل “كانت إحدى أسوأ الليالي من ناحية قصف الاحتلال”.
ومع انقطاع الاتصالات في غزة لليوم الثاني، تحدث السكان إلى رويترز عبر الهاتف باستخدام شريحة اتصالات لشبكة الهاتف المحمول الإسرائيلية. ويقول سكان غزة إن انقطاع الاتصالات ينذر عادة بهجمات إسرائيلية.
وفي منشور على مواقع التواصل الاجتماعي قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن سيارات الإسعاف لم تعد قادرة الآن على الوصول إلى عدد كبير من المصابين والقتلى داخل جباليا.
وورد في المنشور “وصلتنا عدة مناشدات حول وجود قصف متواصل في شارع البنا النزلة في جباليا وعشرات الشهداء والجرحى المحاصرين هناك دون أن تتمكن أي من طواقم الإسعاف أو فرق الإنقاذ من الوصول إليهم”.
وقالت منظمة الصحة العالمية يوم الخميس إن آخر مستشفى في شمال قطاع غزة توقف فعليا عن العمل في اليومين الماضيين مما يعني أنه لم يعد هناك مكان لاستقبال المصابين.
يأتي تكثيف القتال على الرغم من تعزيز الجهود الدبلوماسية في الأسابيع الأخيرة من العام للحد من الكارثة الإنسانية.
ويناقش الجانبان الآن هدنة جديدة لإطلاق سراح بعض مما يربو على 100 رهينة ما زالوا محتجزين لدى مقاتلي حماس الذين اجتاحوا بلدات في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول. وفي الوقت نفسه يعكف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على صياغة خطة جديدة لزيادة المساعدات.
ويجري إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، المدعومة من إيران والتي تسيطر على غزة، محادثات في مصر لليوم الثاني اليوم الخميس في تدخل شخصي نادر أشار فيما سبق إلى أن الجهود الدبلوماسية بلغت مراحل مهمة. وقالت حركة الجهاد الإسلامي إن زعيمها في طريقه إلى القاهرة أيضا.
ويبدو أن المحادثات هي الأكثر جدية منذ انهار مطلع الشهر الجاري وقف إطلاق النار استمر أسبوعا، لكن المواقف العامة للطرفين متباعدة. فإسرائيل تقول إنها لن تتفاوض إلا على وقف مؤقت للقتال من أجل إطلاق سراح الرهائن بينما تقول حماس إنها مهتمة فقط بالمفاوضات التي ستؤدي إلى إنهاء دائم للقتال.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم البيت الأبيض، للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية يوم الأربعاء “إن هذه مناقشات ومفاوضات جادة للغاية، ونأمل أن تؤدي إلى نتيجة ما”. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن “نمارس الضغوط”.
وقالت حماس في بيان إن الفصائل الفلسطينية اتخذت موقفا موحدا بأنه لا ينبغي الحديث عن الأسرى أو اتفاقات تبادل إلا بعد الوقف الكامل للعدوان.
وأضافت حماس “هناك قرار وطني فلسطيني بأنه لا حديث حول الأسرى ولا صفقات تبادل إلاّ بعد وقف شامل للعدوان”
وقال طاهر النونو، المستشار الإعلامي لهنية، لرويترز “لا نستطيع الحديث عن مفاوضات في وقت تستمر فيه إسرائيل في عدوانها. مناقشة أي أطروحة تتعلق بالأسرى يجب أن تتم بعد وقف العدوان”.
وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أن المفاوضات بخصوص الإفراج عن الرهائن جارية لكنه رفض الإدلاء بتفاصيل، بينما كرر موقف إسرائيل بأن الحرب لن تتوقف ما دامت حماس تسيطر على غزة.
وقال كوهين لتلفزيون واي نت “لا علم لدي بأي تراجع في شدة القتال. لا يوجد حديث عن تقليل شدة (القتال)، على الأقل ليس في الأسابيع المقبلة”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء في بيان “من يظن أننا سنتوقف فهو منفصل عن الواقع… كل إرهابيي حماس من أولهم إلى أخرهم محكوم عليهم بالموت”.
وطلبت واشنطن من إسرائيل في الأيام الماضية تقليص هجومها البري بعد أن قال بايدن إن “القصف العشوائي” لغزة يقوض التعاطف العالمي الذي تدفق على إسرائيل في أعقاب هجوم حماس.
* مقتل مدير معبر في ضربة جوية
قال مسؤولو حماس إن ضربة جوية إسرائيلية صباح يوم الخميس قتلت أربعة بينهم العقيد بسام غبن، المدير المعين من قبل حماس لمعبر كرم أبو سالم التجاري الذي تسيطر عليه إسرائيل.
وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه لا علاقة له بالأمر قائلا إنه “ليس لدينا دراية بهذه الحادثة”.
وسمحت إسرائيل بإعادة فتح معبر كرم أبو سالم هذا الأسبوع فقط مما زاد من حجم المساعدات، مع أن وكالات الأمم المتحدة تقول إنها لا تزال أقل من الاحتياجات الهائلة إذا قورنت بحجم المساعدات التي كانت تدخل قبل الحرب.
وقبل إعادة فتح هذا المعبر كان الإسرائيليون يفتشون المساعدات في معبر كرم أبو سالم ثم تعود الشاحنات إلى مصر مجددا لدخول غزة من معبر رفح المخصص أساسا للمشاة.
وأطلقت إسرائيل حملتها المستمرة منذ أكثر من 10 أسابيع على قطاع غزة بهدف القضاء على حماس بعد أن هاجم مقاتلوها إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول. وأدى الهجوم إلى احتجاز نحو 240 رهينة ومقتل 1200 شخص، وفقا لإسرائيل التي تقول إنها لا يمكن أن تنعم بالأمن إلى أن يتم القضاء على الحركة.
ومنذ ذلك الحين، أكدت وزارة الصحة في غزة مقتل ما يقرب من 20 ألفا مع احتمال وجود آلاف الجثث المدفونة تحت الأنقاض. وأُخرج كل سكان غزة، الذين يقدر عددهم بنحو 2.3 مليون نسمة، من ديارهم تقريبا.
ومن المقرر أن يصوت مجلس الأمن الدولي يوم الخميس على قرار لزيادة المساعدات للقطاع بعد تأجيل التصويت بناء على طلب الولايات المتحدة. وتمنح مسودة القرار الأمم المتحدة دورا أوسع في الإشراف على شحنات المساعدات، وهو ما يُنظر له بأنه يضعف سيطرة إسرائيل.
وتشعر واشنطن، التي حمت حليفها مرتين باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرارات تطالب بوقف إطلاق النار، بقلق أيضا بخصوص الصياغة التي تدعو إلى وقف الأعمال القتالية.