نعيش في عالم رقمي وحشي يغرقنا بالمحفزات المتتالية، تاركا إيانا لاهثين باستمرار وراء القادم مهما كان، المهم فقط أنه يشكل جرعة جديدة لنا، وذلك في وقت متسارع ضيق جدا.
أصبحت أذهاننا تدور حول ذاتها مثل السمكة الحمراء في إنائها الزجاجي، حيث أنها بذاكرتها البدائية التي لا تتجاوز الثواني الثمان تكتشف عالما جديدا في كل دورة لها، وهذا بالتحديد ما كشفته حسابات قوقل عن الجيل الجديد وحجم تركيزهم الذي لا يتجاوز التسع ثوان لا غير.
اتخذ عمالقة الرقمية من تشتيت انتباهنا اقتصادا لهم، وأصبح يعرف باقتصاد الانتباه، مستحوذين على أوقاتنا طواعية عبر إدماننا للشاشات وحقننا في كل لحظة بالاغراءات، الأمر الذي ولد هشاشة عقلية لدى المستهلك قد تجلت، حسب الكتاب، في القلق من فوات المكالمات والرسائل علينا، والخوف من نسيان الآخرين لنا، وبالوقت عينه الخوف من حضور الآخرين أكثر منا أو ما يسميه الكتاب التجهم الوجودي، إلى جانب أيضا تعدد الهويات المصطنعة لدرجة تصل إلى تشوش الهوية الذاتية.
الكتاب رحلة نقدية تكشف لنا سلبيات هيمنة تقنيات الاتصال والتواصل وجحيمها، وكيف تمت قرصنة عقولنا وكيف أصبحنا رهائن وسجناء للشاشة طوال اليوم.
يقول الكاتب: جحيمنا اليومي هو نحن ذاتنا. وعن دور التنقل السريع يقول: لم يعد للرغبة الوقت الكافي كي تتبلور. وأخيرا يقول: إذا كنا في السابق نرى كي نعتقد، أصبحنا في العالم الرقمي نعتقد كي نرى.