لقد تجلى الاستقرار الدولي في طبيعة تشكيل الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، فقد نصت الديباجة من ميثاق الأمم المتحدة على (وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي)، ونصت المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها، حيث خول مسؤولية حفظ السلم والأمن الدولي إلى مجلس الأمن، وأعطاه صلاحيه تفسير معنى السلم والأمن الدولي وتحديد أي مشكله دولية تعتبر تهديد للسلم والأمن الدولي،
تنص المادة (1) من ميثاق الأمم المتحدة على أن أحد مقاصد الأمم المتحدة يتمثل في “حل المنازعات الدولية أو الحالات التي قد تتسبب في الإخلال بالسلم أو تسويتها بالوسائل السلمية وبما يتفق مع مبادئ العدالة والقانون الدولي”. وتكفل سيادة القانون تطبيق القانون الدولي ومبادئ العدالة بصورة متساوية على جميع الدول والتقيد بها على قدم المساواة. ويهيئ احترام سيادة القانون بيئة مؤاتية لتحقيق مقاصد الميثاق.
يرى أرسطو ان العدالة هي التصرف وفق القوانين و التشريعات، وتحقيق المساواة في مقابل الظلم، الذي يعتبر خرقا للقوانين و منافاة للمساواة، ليؤكد أن العدالة هي حد وسط بين الإفراط و التفريط، و قد اعتمد أرسطو أسلوبا وظف خلاله التقابل و التمييز و التأكيد، فهو يميز بين نوعين من العدالة: عدالة بمفهومها الأخلاقي أي الإمتثال للقوانين وتحقيق الفضيلة الأخلاقية وعدالة بمعنى المساواة والإنصاف وتنقسم إلى عدالة توزيعية تقوم على توزيع الخبرات الإقتصادية بين الأفراد بالمساواة حسب طاقاتهم و أعمالهم، وتصحيح السلوك الذي ينحرف عن القانون، ليخلص بعد ذلك إلى أن غاية العدالة هي تحقيق الفضيلة.
ويوفر الميثاق الأساس المعياري للعلاقات الودية بين الدول. وجنبا إلى جنب مع مجموعة نصوص القانون الدولي الأوسع نطاقا، يوفر الميثاق هيكلا لإدارة العلاقات الدولية. فهو يكرس مبدأ المعاملة بالمثل بين الدول على أساس المساواة في السيادة، ويضفي قابلية التنبؤ والمشروعية على أعمال الدول في نظام متعدد الأطراف متفق عليه، ويوفر وسيلة لحل النزاعات الناشئة. ومن المبادئ التي تحظى بأهمية خاصة لتحقيق السلام والأمن مبادئ السلامة الإقليمية، وعدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها على أي نحو يتعارض مع الميثاق، والالتزام بتنفيذ الالتزامات القانونية الدولية.
وتعتبر المادة (33) من الميثاق عاملاً أساسياً لمنع نشوب النزاعات وتسوية المنازعات بالوسائل السلمية ويمكن لأطراف أي نزاع دولي أن يلتمسوا حله بتدابير وآليات متنوعة لتسوية المنازعات، منها التفاوض، والتحقيق، والوساطة، والتوفيق، والتحكيم، والتسوية القضائية أو الترتيبات الإقليمية.
ومن شأن التنفيذ الفوري لسيادة القانون، على نحو يحمي حقوق الإنسان، أن يساعد في منع وتخفيف الجرائم والنزاعات العنيفة من خلال توفير عمليات مشروعة لتسوية المظالم، ومثبطات للجريمة والعنف. وعلى العكس من ذلك فإن ضعف التنمية الاقتصادية وعدم المساواة يمكن أن يكونا دافعين للجريمة والعنف. وفي هذا السياق، يتسم مبدأ المسؤولية عن الحماية الذي اعتمدته الجمعية العامة في الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة العالمي لعام 2005، بالأهمية. فهو يسلط الضوء على أهمية دعم المؤسسات الوطنية المعنية بسيادة القانون وبحقوق الإنسان لضمان أن تتوافر للحكومات كل الأدوات اللازمة للامتثال لالتزاماتها لحماية سكانها من الإبادة الجماعية، والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وجرائم الحرب والتطهير الإثني، ويدعو المجتمع الدولي إلى دعم تلك الجهود.
وحماية المدنيين في حالات النزاع المسلح من أولويات الأمم المتحدة. ويجب أن يقوم أي نشاط في مجال الحماية، سواء كان بدنياً أو سياسياً، أو من خلال تهيئة بيئة توفر الحماية، على سيادة القانون، وأن يهدف إلى إعطاء القوانين السارية أهمية عملية في الظروف الصعبة. ويمثل الإطار التشريعي الواجب التطبيق، والتزامات الدول الأعضاء بموجبه، عوامل رئيسية في جميع الأعمال في مجال الحماية. ولتوفير الحماية للمدنيين على نحو أفضل، يجب على الدول الأعضاء التقيد بالمعاهدات الدولية ذات الصلة، وإدراج أحكامها في التشريعات الوطنية، وإنشاء مؤسسات تعمل بشكل جيد ووضع ضوابط داخلية. ويتسم بنفس القدر من الأهمية التثقيف والإعلام فيما يتعلق بالمعايير الإلزامية والممارسات المحظورة وإنفاذ الإجراءات الجنائية في حالات الخروقات الخطيرة.
ولا تعتبر تهديدا وخوله عبر الفيتو الذي تتخذه احدى الدول الخمس الدائمة العضوية، ومن ثم أعطى مجلس الامن حق قبول أو رفض أي توصية من مؤسسات الأمم المتحدة مثل الجمعية العامة، اذا لم يكن يرى في الموضوع الموصى فيه تهديد للسلم والأمن الدولي، ومثال ذلك الأحالة الى محكمه الجنايات الدوليه للدول الغير موقعه على ميثاق روما، حيث تتطلب موافقة مجلس الأمن، ثم نلاحظ ذلك في طريقة التصويت في منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي الذي اعطى للدول الكبرى حقوق توازي حجمها الاقتصادي وذلك من اجل تحقيق الأستقرار الاقتصادي.
ويُعد إنشاء مؤسسات معنية بسيادة القانون أمرا حيويا لضمان ترسيخ الأمن الفوري والاستقرار اللازم لبناء السلام. وتتسم مؤسسات العدالة والإصلاحات القوية، جنباً إلى جنب مع الشرطة ووكالات إنفاذ القانون الخاضعة للمساءلة، والتي تحترم حقوق الإنسان احتراماً كاملاً، بأهمية بالغة لاستعادة السلام والأمن في فترة ما بعد النزاع مباشرة. فهي تتيح تقديم مرتكبي الجرائم إلى العدالة، وتشجع الحل السلمي للنزاعات واستعادة الثقة والتماسك الاجتماعي القائم على المساواة في الحقوق.
وتتسم تهيئة تلك الأوضاع بنفس القدر من الأهمية في تحقيق السلام والأمن، والتنمية المستدامة. وفي هذا الصدد، تسلم الأمم المتحدة بالحاجة إلى تطبيق نهج عام من خلال دعم سلسلة العدالة الجنائية بأكملها. وكجزء من نهج شامل لتعزيز سيادة القانون وحقوق الإنسان، من الضروري دعم جهود إصلاح قطاع الأمن التي تتولى زمامها السلطات الوطنية.
ومن بين أعظم التحديات التي تواجه السلام والأمن الجرائم التي، وإن كانت ارتُكبت في الإقليم الوطني، فإنها تخترق الحدود الوطنية وتؤثر على مناطق بأكملها والمجتمع الدولي ككل في نهاية المطاف. ويمثل هذا تحديا متجددا لسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان، ويوضح كذلك الصلات القوية بالسلام والأمن.
ويجلب الإرهاب العنف وعدم الاستقرار، ويمكن أن يحُد من حرية التنقل، والحصول على فرص العمل والفرص التعليمية، ويؤدي إلى تدهور نوعية الحياة ويهدد الحقوق الأساسية للناس، بما في ذلك الحق في الحياة والأمن.
ويمثل الإرهاب تهديدا للأمن والاستقرار ويمكن أن يقوض التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد وُضع ثمانية عشر صكا عالميا (14 اتفاقية و 4 بروتوكولات) لمكافحة الإرهاب الدولي، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، في إطار الأمم المتحدة المتعلق بأنشطة إرهابية محددة. ويشدد المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب على أن اتخاذ تدابير لمكافحة الإرهاب تمتثل لحقوق الإنسان يساعد على منع تجنيد الأفراد لارتكاب أعمال إرهابية وأن انتهاكات حقوق الإنسان غالباً ما تساهم في المظالم التي تجعل الناس بخطئون الاختيار ويلجأون إلى الإرهاب.
وبالمثل، فأن الجريمة المنظمة عير الوطنية في مجالات متنوعة تهدد السلام والأمن وتقوض التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات في جميع أنحاء العالم. وشددت الجمعية العامة ومؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكولاتها على الأثر السلبي للجريمة المنظمة عبر الوطنية على حقوق الإنسان وسيادة القانون.