يصوم المرءُ ليَجني ثمرة صومه جنياً ذاتياً، لا يشترك معه في الأجر إنسي، ويُصلي المرءُ فرضه ونافلته، لا ينتفع بأحدهما أو كلاهما إلا هو في دنياه وآخرته، أما الصدقة فايم الله نفعها متعدٍ ، وأجرها مُمتّد…
وبحاصل دبلجة العنوان وما تلته من مقدمة جلية البيان، يتبدى لأولي البصائر النيرة، والنظائر الواعدة، الفرق بين النفع المتعدي والنفع الذاتي.. ..
فنافلة الصوم ذاتية خالصة، بينما نافلة الصدقة مُتعدية عامة….
فرب صدقة تصب في دائرة فقراء، مساكين، أرامل، أيامى، يتامى.. فيكون نفعها آكد على الأمدين، قريبه وبعيده… فيما تنزوي فضائل الأعمال الأخرى عند حدود الذاتية المحدودة…..
ولا غرو أن جل الأعمال نفعها ذاتي، فيما تبقى الصدقة ذات النفع المتعدي..
وقد أحاط القرآن الكريم بأمر الصدقة في مواطن حاضة على الإصغاء… وأنضرها بياناً، حال ذلك الميت الذي يقول في برزخه ( رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكونن من الصالحين )..
فضل الصدقة يتعدى حدود المتلقي، من واحد إلى ما يشاء الله لهم أن ينتفعوا، أما سائر الأعمال الصالحة فذاتية محضة…
( مَن ذَا الذي يُقرضُ اللّهَ قَرضاً حَسَناً فَيُضَاعفهُ لهُ أضعّافاً كَثيرةً ) البقرة 245
وأَن تَصّدَقُوا خَيرٌ لكُم إن كُنتُم تَعلَمُون) البقرة 280
لَن تَنَالُوا البَرَ حتَى تُنفِقُوا ممَا تُحبُون ومَا تُنفِقُوا مِن شَيءٍ فَإنّ اللّهَ بهِ عَلِيم ) آل عمران 92
( إنمَا الصَدقَاتُ للفُقَراءِ والمسَاكينِ والعَاملينَ عليهَا والمُؤَلَفَةٍ قُلُوبُهُم وفي الرقَابِ والغَارمينَ وفِي سَبيلِ اللّهِ وابنِ السَبيلِ فريضَةً من اللّهِ واللّهُ عَليمٌ حَكيم ) التوبة 60
ألم يَعلَمُوا أنّ اللّهَ هُو يَقبلُ التَوبةَ عَن عبَادهِ ويَأخُذَ الصَدقَات وأنّ اللّه هُو التَوابُ الرَحيم ) التوبة 104
ولو لم يكن في ثنايا القرآن سوى هذا الموطن عن فضل الصدقة لكفى وشفى ( وأنفِقُوا مِن مَا رزَقنّاكُم مِن قَبلِ أن يَأتِي أحدَكُم المَوتَ فَيقُول ربِي لَولَا أخَرتَني إلى أجَلٍ قَريبٍ فأَصَدّقَ وأكُونَنّ مِن الصّالحين ) المنافقون 10
ويتلاقى ذلك كله مع حديث رسول الله ( والذي نفس محمد بيده لا يتصدق رجل بصدقة إلا وقعت في يد الله)