اتجهت باكستان وإيران إلى تخفيف حدة الصراع بينهما بعد تبادلهما ضربات بالصواريخ والمسيّرات، استهدفت مواقع مناوئين لهما في منطقة بلوشستان المضطربة، وكانت إيران قد استهدفت تنظيم جيش العدل في باكستان بهجوم صاروخي، وردًا على ذلك وجهت باكستان ضربات استهدفت إقليم سيستان وبلوشستان الإيراني، ما أوقع حصيلة قتلى بالمنطقة الحدودية في إيران من 7 إلى 9 أشخاص، وفق الإعلام الرسمي في طهران.
وكانت الضربات التي شنتها إيران على إقليم بلوشستان الباكستاني، الثلاثاء الماضي، بمثابة تطور كبير في ظل العلاقات المشحونة بين البلدين والأجواء المتوترة داخل منطقة الشرق الأوسط بأكملها على إثر الحرب في غزة، وزعمت إيران أنها ضرباتها استهدفت الإرهابيين الإيرانيين فقط على الأراضي الباكستانية، وهم جماعة “جيش العدل” السنية المتشددة، المعروفة في إيران باسم “جيش الظلم”، وأكدت أنه لم يتم استهداف أي مواطن باكستاني، وهو الامر الذي نفته السلطات الباكستانية، ووصفت ما ارتكبته إيران بأنه انتهاك فاضح للقانون الدولي وروح العلاقات الثنائية بين البلدين.
وبعد يومين من الهجوم الإيراني، ردت باكستان بما أسمته “سلسلة من الضربات العسكرية الدقيقة والمنسقة للغاية” على معاقل للانفصاليين في سيستان وبلوشستان. وقالت وزارة الخارجية الباكستانية، في إعلانها عن الضربات يوم الخميس، إن عددا من المسلحين قتلوا. وقالت السلطات الإيرانية إن سبعة أشخاص على الأقل قتلوا في سلسلة من الانفجارات – ثلاث نساء وأربعة أطفال.
ويمكن النظر الى تلك الهجمات التي شنتها إيران على أنها كانت تهدف بشكل غير مباشر إلى إظهار القدرة العسكرية الإيرانية وإرسال رسالة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما، حيث تشير إلى استعدادها لمواجهة أي عدوان خارجي، وقد أثارت تلك الضربات المتبادلة مخاوف دولية وإقليمية عدة، خشية اتساع الصراع وفتح جبهة أخرى للحرب في المنطقة، وبالتالي واجه البلدين، دعوات دولية وإقليمية لخفض التصعيد وضبط النفس واستخدام الوسائل الدبلوماسية.
وفي إطار السعي للتوصل للتهدئة وتخفيف حدة التوتر، قال مكتب رئيس الوزراء الباكستاني بعد اجتماع رفيع لقادة الجيش والاستخبارات حول تداعيات التوتر، إن الجارتين قادرتان على التغلب معاً على الخلافات البسيطة عبر الحوار والدبلوماسية، وأكد وزير الخارجية الباكستاني جليل عباس جيلاني في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، على أهمية التعاون في القضايا الأمنية، معبراً عن استعداد بلاده للعمل مع إيران في جميع القضايا، لإعادة العلاقات إلى مستواها. وشملت تلك المكالمة مباحثات حول العودة الوشيكة لسفيري البلدين، وتلقي عبداللهيان دعوة من نظيره الباكستاني لزيارة إسلام آباد، وفقاً لوزارة الخارجية الباكستانية، وبالتالي تعد تلك الجهود مؤشرات إيجابية للتوجه نحو التهدئة وتخفيف التوجه العدائي بين البلدين، خاصة وأن المنطقة لا تحتمل فتح جبهة صراع أخرى في الوقت الحالي.