ما قُدِرَ لأمةٍ في الأسلاف والأعقاب رفعةً إلا بقيادة نبيٍ مُرسل، وما توهجت أمارات القيادة إلا بسؤددٍ وتعقل، وما الأحلام إلا مرادفةً لصبرٍ يُؤثَر، وما تناهى الصبر إلا ليتأتى دونه النصر المُؤزر…
تلك هي حكمةُ الله في اصطفاء معشر الأنبياء، لحمل الرسالة وقيادة الأمم على بساط الغَبرّاء…
وعنوان الحكمة النبوية قبل قيادة الأمم، مبعوث من بداهة الفطنة وسماحة الألفة على رعي الغنم…
بلىَ ولا جرم أن ثواء أي نبي في معشر قومه خلّقَتهُ الفراسة في رعي الغنم ابتداءً، فكان رعي الأنبياء للغنم أجدرُ مناطٍ لقيادة عرمرم الأمم انتهاء….
ذلك أن أثقل أعباء القيادة بحق ، هي قيادة الغنم، والتي تتماوج في فلكها، وتشرد عن قطيعها، وتتثاقل في سيرها، وتتفاوت في عقولها ، وتستعصي على راعيها في مُراحها…
من أجل ذلك.. احتيج لقيادة الغنم أناس ذووا طبائع خاصة، وملكات فائقة، تَتجلدُ على التأوه، وتتجاوز بأحلامها عقبات الرعية الكؤود… فكانوا هم معشر الأنبياء، الذين ارتقوا برعيهم الأمثل للغنم، إلى قيادة البشر على اختلاف طبائعهم وتعدد مسالكهم، أكانوا مؤمنين أتقياء أم غوغاء سفهاء..
الذين توادعت على مُجمل نواحيهم صفاتٍ جبليةٍ رحيبة، ومناطاتٍ قياديةٍ نجيبة، في التربية والتهيئة، في الحلم والإيثار، في الفطنة واليقظة، في التقويم والتوجيه والتآلف والائتلاف…..
ولله در أبرع وأبدع راعٍ للغنم، وأكمل وأنبل قائد للأمم، سيد الخلق وجامع الصدق واللين والرفق… قائلاً : ما بعث الله نبياً إلا ورعى الغنم…..
الفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل ، والسكينة في أهل الغنم…