[ من بين الحسنات الكثيرة التي قدَّمها لنا الرِّوائيُّ المصريُّ “ناصر عراق” في روايته (الأزبكية)، (دعْكُم من “حسنات” إحدى شخصيات الرواية)، أنه كفانا جَهْدَ قراءة سِفْرٍ ضخْمٍ في تاريخ مصر،
هو (عجائب الآثار في التراجم والأخبار)، وأنه لخص لنا هذه الآثار تلخيصاً فنيا من خلال أحداث روايته (الأزبكية)،
وأننا بدلَ أن نُصاحبَ “عبد الرحمن الجبرتي” في يومياته التي كان يسجِّلُها أولا بأول، مما قد يدفعنا إلى شيء من السأم، جعلنا نُصاحبُ أبطالَ روايته في حياتهم، في بداية القرن التاسع عشر،
ونشهدَ حملة “نابليون بونابرت” على مصر، ودخول الجيوش الفرنسية أرض المحروسة، واجتياح خيولهم لجامع الأزهر، وما صاحبَ ذلك من وقائع ومواقف، وذلك في لغة سلسةٍ عذبةٍ،
والأحداثُ «انتظمت في حبْكاتٍ صغيرةٍ مُتجاورةٍ كالعنقود، أخذتنا من حدثٍ إلى حدثٍ، حتى فوجئنا بنهايةٍ غير متوقعةٍ وصادمة لكنها مقنعة»، كما قال أحدُ الدارسين للرواية، وهو “عبد المقصود محمد”.
“ناصر عراق” تمثَّلَ “الجبرتي” في صورةٍ جديدةٍ، لم تمْحُ ملامحَهُ الأصْليَّةَ كُلَّها، ولمْ تحتفظْ بلغته القديمة، بلْ أسبغ عليه وعلى لغته ملامح العصر الحاضر، ولغة الصِّحافة الحديثة، ونزع عنه عِمامتَه، وألبسه لباسَ العَصر، (أتحدث عن الغاية)،
وهو ليس بأمرٍ غريبٍ، فهو نفسه (أي “ناصر”) رجلُ صحافة، وغايته أن يبعث رسالةً إلى أبناء وطنه، وأبناء الوطن العربي كافَّةً، فيها تنبيه، وتحذير، مما يجْري، لأنَّ ما جرى بالأمس يشبه ـ نوْعاً ما ـ ما يجري اليومَ.
“ناصر عراق” سافر بنا عن طريق خياله المبدع إلى فترةٍ من فترات تاريخ مصر، لا تكادُ تختلف عن فترة مصر الحالية،
ومن بين أوجه الشبه بين الفترتين الخيانةُ والمؤامرة… وللقراء واسع النظر لرؤية أوْجه الشبه هذه!
الرواية تستحقُّ جائزة (كتارا)، وأهمُّ من الجائزة تستحقُّ القراءة ].
- فازت الأزبكية بجائزة كتارا للرواية العربية/ الدورة الثانية 2016، كما فازت بجائزة أفضل رواية قابلة للتحويل الدرامي في الدورة نفسها.
- صدرت الطبعة الأولى من الأزبكية في 7 يونيو 2015 عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة، ثم توالت الطبعات بعد ذلك.
- شكرًا جزيلا للأستاذ الخضر الورياشي