القيمة الحادية عشر :
الشعر ديوان العرب مقولة تاريخية هامة تدل علي قيمة الشعر ، وأنه ديوان تاريخ الأمة العربية قال تعالي في حق الرسول صلى الله عليه وسلم : ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له أن هو إلا ذكر و قرآن مبين* لينذر من كان حيا ويحق القول علي الكافرين ) يس /69-70.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم أفصح من نطق باللغة العربية في العرب قاطبة ،
وما من إنسان نبغ وأتقن اللغة العربية إلا وكان له قصب السبق في كافة المجالات ، فاللغة مقياس البيان ، ودليل على سلامة التفكير ، وجمال التعبير ، وكان هذا هو المقياس في تولي الوظائف الكبرى والعامة في عصر الدولة الأموية ، وجاء القرآن بلسان العرب ومن هنا كان التحدى فقال تعالى : ( نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين ) الشعراء / 195..
وقال تعالي في بدايات سورة يوسف ( آلر تلك الكتاب المبين * إنا أنزلناه قرأنا عربيا لعلكم تعقلون ) الآيتان 1-2.
وقد اشتهر جماعة من الشعراء في الجاهلية ، وفي صدر الاسلام ، وبعد عصر النبوة ، إبان ازدهار الحضارة الإسلامية في ربوع الأرض ، فسادوا الدنيا بشعرهم و مقولاتهم المؤثرة والتي توارثتها الأجيال عبر العصور .
فقالت العرب : إنّ أشعر شعراء العرب في الجاهلية أربعة هم:
امرؤ القيس إذا ركب،
و النابغة إذا رهب،
وزهير إذا رغب،
و الأعشى إذا طرب،
وهم بذلك يقصدون أنّ هؤلاء الشّعراء كانوا يقولون أفضل أشعارهم في الحالات الآتية:
(امرؤ القيس إذا ركب) أي عندما
يمتطي فرسه:
وقد أغتدي والطّير في وكناتها
بمنجرد قيد الأوابد هيكلِ.
وكذلك وصفه لفرسه بقوله :
مُكِر مُفِر مُقبل مُدبر معاً
كجُلمود صٓخر حٓطه السيل من عٓلِِ .
(النابغة الذّبياني) فمشهورٌ باعتذارياته للملك النّعمان بن المنذر:
أتاني أبيت اللعن أنك لمتني
وتلك التي أهتمّ منها وأنصب
فإنك شمسُُ والملوكُ كواكبُ
إذا طلعتٓ لم يبد منهنّ كوكب.
( زهير ابن أبي سُلمى ) فإنه إذا رغب في مدح أحد الملوك والأمراء أو شيوخ القبائل كقوله :
تراه إذا ما جئته متهللاً
كأنك تعطيه الذي أنت سائله.
أما ( الأعشى ) فلقد وصف ( بصناجة العرب ) لأنّه كان يقول أحسن الشعر وأجوده ، وكانت الغانيات تتغنى بشعره كقوله:
ودّع هُريرة إنّ الرّكب مُرتحل
وهل تطيق وداعاً أيّها الرّجل
قالت هريرة لما جِئت زائرها
ويلي عليك وويلي منك يا رجل.
هذا هو الشعر ودوره في حياة العرب ولا ننسى أصحاب ( المعلقات السبع ) التي كانت قصائدهم تعلق علي جدران الكعبة قبل الإسلام ، ومجالس الشعر في عكاظ وذي المجنة وغيرهما من أسواق الشعر العربي التي كانت تعقد في بلاد الحجاز وغيرها…
فاللهم احفظ لنا لغتنا شعرا ونثرا و قرآنا ، و اجعلها لغتنا عند دخولنا الجنة بفضلك وكرمك يارب العالمين …