أصحاب الأيكة هم قوم نبي الله شعيب عليه السلام ومعنى الأيكة: الشجرة الملتفة، فقد كانت مساكنهم في أماكن كثيفة الأشجار، وذكر في بعض التفاسير أنهم كانوا يعبدون هذه الشجرة المسماة بالأيكة، واختلف المفسرون في ما إن كانوا هم أنفسهم أهل مدين فذهب عدد ومنهم ابن عاشور والرازي والقرطبي والشوكاني إلى أنهم قوم آخرون يختلفون عن أهل مدين، بينما ذهب الشنقيطي وابن كثير والقاسمي إلى أن أصحاب الأيكة هم أهل مدين نفسهم .
صفات أصحاب الأيكة:-
من صفات أصحاب الأيكة: الظلم: والشرك بالله. بخس حقوق الناس: بالغش والحيل وغيرها. التعدي: على الأنفس والأعراض. نشر الفاحشة: والآثام وإفساد أخلاق المجتمع. السعي في صد الناس: عن أبواب الخير والاستقامة وهدم العمران بالجهل .
دعوة شعيب لأصحاب الأيكة:-
بعث الله عز وجل شعيب لقومه لما فيهم من فساد وصفات سيئة ليدعوهم إلى عبادة الله عز وجل وحده، وإلى الأخلاق الحسنة، وقد تميزت دعوة شعيب عليه السلام لقومه بعدة ركائز منها .
المعرفة الشاملة بقومه:-
فقد كان يعرف عقيدة قومه ومعاملاتهم وأخلاقهم، فكان في دعوته لهم يبين لهم نقاط الفساد والضلال بدقة ثم يوجههم نحو الحق ويبين لهم الدليل عليه، وذلك من صور النقاش بموضوعية وحسن الأسلوب.
التكامل المنهج:-
كان شعيب عليه السلام في دعوته يركز على التوحيد بالإضافة إلى أمور تتعلق بالأخلاق والمعاملات ليوصل لقومه رسالة بأن المنهج الإلهي هو منهج متكامل.
الأسلوب المؤثر:-
اتبع شعيب عليه السلام منهجًا مؤثرًا ليكسب قلوب قومه ومودتهم ويشعرهم بالألفة، ومن ذلك مناداتهم بشيء محبب لهم مثل: {يَا قَوْمِ}، ومعاملته لهم بحسن الخلق واللين موضحًا لهم أنه يريد لهم الخير ويريد لهم الفوز والصلاح، وفي القرآن بيان لذلك: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}، وقوله لهم أيضًا بلين ورفق: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.
كيف كان موقف أصحاب الأيكة من دعوة شعيب؟
دعا شعيب عليه السلام قومه إلى الإيمان متلطفًا معهم فكان ردهم عليه مليئًا بالاستعلاء والجفاء فقالوا: {يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ}، أي لا نعلم حقيقة ما تدعونا إليه من ترك الأوثان والتصرف في الأموال، وبعد ذلك هددوه باستخدام القوة فقالوا: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ}، فاستمر شعيب في دعوتهم هددهم بعذاب الله فلم يستجيبوا له، فأنزل الله عليهم العذاب. شعيب يدعو ربّه! استكبر قوم شعيب ولم يجيبوه فدعا ربه متوكلًا عليه ومتضرعًا بقلب مملوء بالإيمان قائلًا: {وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}، فاستجاب الله سبحانه وتعالى له ونجاه والمؤمنين الذين كانوا معه من الكافرين.
العذاب الذي نزل بأصحاب الأيكة:-
أنزل الله على أصحاب الأيكة ثلاثة أنواع من العذاب وذلك لقبح أفعالهم وصفاتهم، وقد بين الله ذلك في القرآن في ثلاثة
مواضع الرجفة:-
وذكر ذلك في سورة الأعراف فقال الله تعالى: {وَقَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتبعتم شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذاً لخاسرون * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}، والرجفة هي الزلزلة. الصيحة: وذكر ذلك في سورة هود، فقال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ}
عذاب يوم الظلة:-
فقد سلط الله سبحانه وتعالى عليهم الحر الشديد لمدة سبعة أيام، قال تعالى: {فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.}
العبر المستفادة من قصة أصحاب الأيكة:-
إنَّ الذين يبخسون الميزان والمكيال ويغشون في معاملاتهم عذابهم حاصل في الدنيا والآخرة وهذا من الأذى المستحق للويل قال تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}. إنَّ الدين قائم مستمر ولا يقف على إنكار أو استهزاء البعض منه، فالله خير حافظًا له ولدعاته. إنَّ العدل والإحسان وآداء العبادات من أعظم الأسباب للفوز بالجنّة ونعيمها.