والدي “إحسان عبدالقدوس” أو “سانو” رحمه الله سأل إمام عصره الشيخ “محمد الغزالي” ربنا يرحمه ووالد زوجتي سؤالاً أعتقد أنه يهمك خاصة وأن إجابته غير تقليدية !
قال: من صفات الله العظيمة الرحمة ، مستهل كل صلاة نردد جملة “الرحمن الرحيم” .. يعني واسع الرحمة ، وفي القرآن الكريم: “كتب ربكم على نفسه الرحمة” ..
وسؤالي مادامت رحمته واسعة إلى هذا الحد فلماذا خلق جهنم ووعد المشركين بأن يكونوا خالدين فيها ؟؟
كانت إجابة الشيخ “الغزالي”: في الدنيا لابد أن يكون مكافأة للمحسنين وعقوبة للمقصرين ولا يعقل أبدا أن يستوي الفريقين .. وهذا أيضاً موجود في الآخرة والله كما وصف نفسه بالرحمة وصف نفسه بالعدالة أيضاً .. ولا يعقل أن يترك الظالم والمسيئ عند الله دون عقاب على ما أقترفوه من آثام عندما كانوا في الدنيا ، وصدق الله العظيم: “أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ”!!
كلام رباني صحيح تماماً لأن معاملة الجميع على قدم المساواة عند الحساب أمر غير منطقي ، بل وفيه ظلم ويتنافى مع العدالة الإلهية.
كان تعليق والدي : هذا كلام جيد ولكن تصوري لرحمة ربنا الواسعة تجعلني أستبعد الخلود في جهنم إلى الأبد على أعمال خاطئة تمت في زمن محدود وهي حياتنا في الدنيا !!
كانت إجابة شيخنا الجليل مفاجأة تامة لوالدي : الخلود في جهنم قد يعني الزمن الطويل مثل الأشغال الشاقة المؤبدة في الدنيا !!
يعني مدة معينة ، حتى ولو كانت طويلة يطلق سراحه بعدها بل وقد يخرج قبل إنقضاء المدة .. فالعدالة الإلهية وحدها هي التي تقرر مدة عقوبة المجرم في جهنم ، بل وأن هناك من العلماء من قالوا إن جهنم هذه ستفنى يوماً بمن فيها !
ومن هؤلاء شيوخ كبار مثل “إبن القيم” والشيخ “رشيد رضا” ، ويمكن الإطلاع على الموضوع كله في تفسير “المنار” ، وهو من التفاسير المشهورة للقرآن الكريم.
تساءل الكاتب الكبير والدي تعليقاً على هذا الكلام قائلاً في دهشة: أيوجد رأي إسلامي بأن نار جهنم ستخمد بأمر إلهي ؟؟
أجاب الشيخ “الغزالي” مؤكداً: نعم وأقرأ ما كتبه شيخ الأزهر السابق العالم الجليل “محمود شلتوت” في كتابه العقيدة والشريعة.
قال والدي في ختام اللقاء: أنا أول مرة أسمع هذا الرأي ..
الثقافة الإسلامية واسعة جداً ورحبة وتشبع العقول ، لكن المشكلة أن كثيراً من الآراء المطروحة فيها على يد علماء ثقات لا يعرفها الجمهور !!