يتمتع الأمن القومى المصرى فى بُعده السياسى بالعديد من المزايا التى تساعد على تعضيد الاستقرار بالدولة؛ فعلى المستوى الداخلى تلتزم الدولة المصرية بما نص عليه دستور البلاد فى الشأن السياسي؛ حيث تعقد كافة الاستحقاقات الانتخابية فى مواعيدها المحددة ووفق الضوابط التى تجعلها تخرج بنتائج تتسم بالنزاهة والشفافية والحيادية؛ فى ضوء تنظيمٍ عُهد به للهيئة العليا للانتخابات، تلك الهيئة المستقلة التى أنشئت إعمالاً لنص الدستور فى مادته 208 بشأن إنشاء الهيئة؛ حيث تختص دون غيرها بإدارة الاستفتاءات، والانتخابات الرئاسية، والنيابية، والمحلية، بدءًا من إعداد قاعدة بياناتٍ للناخبين وتحديثها، واقتراح تقسيم الدوائر، وتحديد ضوابط الدعاية والتمويل، والإنفاق الانتخابي، والإعلان عنه، والرقابة عليها، وتيسير إجراءات تصويت المصريين المقيمين فى الخارج، وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة. وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون.
ومن ثم فإن جميع النظم السياسية بالدولة المصرية تُعد شرعيةً تقوم على الانتخاب والاختيار الحر، ويشارك فيها جموع الشعب المصرى ممن لهم حق التصويت فى الانتخابات بكافة تنوعاتها، وبالطبع يحقق ذلك مناخًا ديمقراطيًا يتيح الحريات فى صورتها المشروعة ويؤكد على المسئولية؛ لتصبح مساق الاختيار أو الانتخاب وفق البرامج التى يتبناها المنتخبين ويطلع عليها الناخبين بالطرائق والأساليب التى تتبناها الدعاية الانتخابية المنضبطة بتاريخ بدء الحملة الانتخابية ونهايتها من خلال الهيئة الوطنية للانتخابات.
ومعدل المشاركة الانتخابية يعد مؤشرًا على الوعى السياسى لدى المصريين، وهو ما لمسناه فى الانتخابات الرئاسية وغيرها من الانتخابات المنصرمة؛ حيث حرص الشعب المصرى على بناء نظامه الديمقراطى دون وصايةٍ يتلقاها من الداخل أو الخارج؛ فقد أكد للعالم بأسره بأن لديه وعيًا سياسيًا راقٍ يستهدف البناء والنهضة المرهونة بالاستقرار الداخلى فى نظامٍ سياسى قادرٍ على إدارة شئون البلاد وتحمل المسئولية، وهذا ما حقق ماهية الأمن القومى فى بُعده السياسى بكل تأكيدٍ..
كما أكدت المشاركة الشبابية فى الاستحقاقات الدستورية على أمرٍ جلى تمثل فى مناخ السلم المجتمعى ونبذ العنف السياسى بكل أنماطه على الساحة المصرية؛ فقد فقه شباب مصر أن بوابة الوصول إلى السلطة مجالها الانخراط فى الأحزاب السياسية والتى تنتهج استراتيجياتٍ وأساليب معلومةً فى هذا الخضم، وقد حرصت الدولة المصرية على نزع فتيل الأزمة لتحقيق ماهية الأمن القومى فى هذا الجانب، وهو عدم تأسيس الحزب على أساسٍ عقديٍ؛ لضمانة أن تكون التوجهات مدنيةً خالصةً، لا دخل للدين أو العقيدة فيها، بما أدحض مآرب بث الفتن الطائفية على أرض المحروسة؛ فالوطن للجميع دون إقصاءٍ أو استثناءٍ.
وقد جاء اهتمام الدولة ومؤسساتها منصبًا فى الفترة الأخيرة على تعزيز التوعية السياسية لدى جموع الشعب الأبى من خلال العديد من المنابر الرسمية وغير الرسمية؛ كى يدرك المواطن الحقوق والواجبات، ويصبح على علمٍ بالتحديات التى تحدق بالوطن، ويدحض كل الأكاذيب التى يطلقها أعداء الوطن ويروجون لها عبر منابرهم المشبوهة والمفضوحة للقاصى والداني؛ فتلك الأبواق تعتمد على مبدأٍ خطيرٍ وهو تزييف الوعى الذى يهدد الأمن القومى المصرى اعتمادًا على إضعاف الثقة بين الشعب وقيادته المخلصة، ومن ثم أضحت التوعية السياسية فرض عينٍ؛ حيث إنها تحث المواطن على أن يصطف خلف دولته وقيادته ليشارك فى حماية أمن بلاده القومي.
وقد عضد الرئيس السيسى ماهية الشراكة فى بناء ونهضة الدولة، ومن ثم لا مجال للمصالح الشخصية التى تقوم على المصلحة العامة للوطن؛ فمن يسعى للمنصب كى يحقق مصالح خاصة لن يجد المناخ مواتياً؛ فالرقابة الشعبية والمؤسسية تفرض نفسها ولا تسمح بتحقيق مكاسبٍ ذاتيةٍ، ومن ثم فقد ألغى منذ عقد من الزمان زواج السياسة برأس المال، وحل مكانه زواجٌ شرعى تمثل فى خدمة الوطن دون انتظار مقابلٍ؛ فالأمن والأمان والاستقرار المجتمعى ونهضة الدولة لا يعادلها مقابلٌ عند من يفقهون ماهية الولاء والانتماء والمواطنة فى صورتها الحقيقية.
وندرك أن سُبل الفساد والإفساد من رشاوٍ وبلطجةٍ ومقايضةٍ بغيضةٍ وغير ذلك من الطرائق غير المشروعة لنيل مكانةٍ سياسيةٍ يُعد أحد مهددات الأمن القومي، وعاملاً من عوامل هدم كيان الدولة، وإضعاف للسلطات المخول لها إدارة شئون البلاد، وهذا ما رفضت أن تقوم عليه الجمهورية الجديدة تحت قيادة الجسور عبد الفتاح السيسي؛ حيث قضى بقوةٍ على الأنانية السياسية، وحظر بشجاعة كافة الحروب غير المشروعة بين المتنافسين على كافة المناصب السياسية، وجعل مبدأ الاختيار قائماً على معاييرٍ معلنةٍ يأتى فى مقدمتها الكفاءة والنزاهة والشرف والجد والاجتهاد والعمل المتواصل.
والأمر لا يقتصر على الاستقرار السياسى الداخلي؛ فللعلاقات السياسية الخارجية معولٌ مهمٌ فى تأصيل وتعزيز الأمن القومى المصري، ومن ثم نرى القيادة السياسية اهتمت بتعضيد العلاقات السياسية مع دول الجوار والقارة السمراء، وكافة دول العالم أجمع، واعتمدت مصر فى هذا الملف على عوامل النجاح التى تتمثل فى المصداقية والشفافية والنزاهة وشرف الكلمة؛ فكان للدولة وقيادتها المكانة المستحقة بين دول العالم قاطبة.
حفظ الله وطننا الغالى وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.