استعداد الدّواب كل جمعة خوفاً من وقوع السّاعة والجن والإنس لا يترقبون هذا اليوم لغفلتهم عنه أقرأ وتدبر
يوم الجمعة هو اليوم السابع من أيام الأسبوع وقد جعل الله -تعالى- يوم الجمعة يوم عيدٍ للمسلمين، يجتمع فيه المسلمون لذكر الله -تعالى- وعبادته، فتشيع الألفة والمحبّة بينهم، ورغّب فيه بالإكثار من الطاعات والذكر والاشتغال بها عن ملهيات الدنيا وأشغالها.
[١] أسباب تفضيل يوم الجمعة على سائر الأيام فُضِّل يوم الجمعة على سائر أيام الأسبوع لمَا في هذا اليوم من أحداث مهمة كما ذُكر في أحاديث صحيحة، نذكرها فيما يلي:-
[٢] أولًا: خلق آدم وموته
وردت أحاديث عدّة أثبتت أن الله -تعالى- خلق آدم يوم الجمعة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بيَدِي فَقالَ: خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَومَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الجِبَالَ يَومَ الأحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَومَ الاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَومَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَومَ الأرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَومَ الخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عليه السَّلَامُ بَعْدَ العَصْرِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ، في آخِرِ الخَلْقِ، في آخِرِ سَاعَةٍ مِن سَاعَاتِ الجُمُعَةِ، فِيما بيْنَ العَصْرِ إلى اللَّيْلِ) .
[٣] فالله -تعالى- خلق الكون وهيأه في أيام الأسبوع، وخلق آدم في يوم الجمعة، وهذا بيانٌ لقدرة الله تعالى وعظمته وتناسق خلقه، كما ودلّت أحاديث أخرى صحيحة على أنّ اليوم الذي أُهبط فيه آدم وزوجته حواء إلى الأرض لمّا أكلا من الشجرة التي نهاهم الله عن الأكل منها كان يوم الجمعة وفيه تاب الله عليه، وكذلك كان يوم موته.
[٤] ثانيًا: وقوع يوم القيامة وما فيه من أهوال وهذا من أعظم أسباب تفضيل يوم الجمعة وذلك لما يقع في يوم القيامة من أهوال عظيمة أثبتتها النّصوص الشرعية من الكتاب والسنة، وإنّ جميع الخلائق تعلم أنّ يوم القيامة سيكون يوم جمعة وذلك لإثبات الأحاديث الصحيحة ذلك، فقد رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وما من دابَّة إلَّا وَهي مُصيخَةٌ يومَ الجمُعةِ من حينِ تصبحُ حتَّى تطلعَ الشَّمسُ شفَقًا منَ السَّاعةِ إلَّا الجنَّ والإنسَ) .
[٥] ففي الحديث إخبار باستعداد الدّواب في هذا اليوم خوف وقوع السّاعة فهي تصغي وتستمع وتترقب في كل صباح جمعة، عدا الجن والإنس فإنّهم لا يترقبون هذا اليوم لغفلتهم عنه.
[٦]ثالثًا: وقوع صلاة الجمعة فيه جعل الله تعالى حرمةً ليوم الجمعة بالنّهي عن الاشتغال عن صلاة الجمعة بالملهيات من بيع وشراء وغيرها، وقد وردت أحاديث عدّة صحيحة في بيان فضل صلاة الجمعة خاصّة، نذكر منها ما يلي:-
[٨] صلاة الجمعة كفارة للذنوب: فقد رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الصَّلَاةُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُنَّ، ما لَمْ تُغْشَ الكَبَائِرُ).
[٩] الأجر العظيم في المشي إلى المسجد لصلاة الجمعة: فقد ورد في أحاديثَ صحيحة أن أجر المشي لصلاة الجمعة يعدل أجر صيام سنة وقيامها، فعن أوس بن أبي أوس -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من غسَّلَ يومَ الجمعةِ واغتسلَ ثمَّ بَكَّرَ وابتَكرَ ومشى ولم يرْكب ودنا منَ الإمامِ فاستمعَ ولم يلغُ كانَ لَهُ بِكلِّ خطوةٍ عملُ سنةٍ أجرُ صيامِها وقيامِها).
[١٠] الفضل الوارد في التبكير لصلاة الجمعة: فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ دَجَاجَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ).
[١١] رابعًا: في الجمعة ساعة يُستجاب فيها الدعاء جعل الشّرع فضيلةً عظيمةً ليوم الجمعة أيضاً، وهي استجابة الدّعاء في ساعة من ساعاتها، وقد اختلف أهل العلم في تحديد هذه الساعة، فقال بعضهم أنّها حينما يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة إلى أن تنتهي الصلاة، وقال بعضهم أنّها من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وجاء في أحاديثَ صحيحةٍ أنّها آخر ساعة من يوم الجمعة قبل غروب الشمس، وهذه الأوقات كلها ورد فيها أحاديث صحيحة ويُرجى فيها إجابة دعاء المسلم بالخير إذا أيقن بالإجابة وحَسَّنَ ظنّه بالله.