التطورات الأخيرة على الساحة العربية والدولية تؤكد أن العالم أمام مأزق حضاري رهيب.. مأزق يفرض احداث زلزال في الفكر الاستراتيجي العام والعربي الإسلامي خاصة التماسا لطرق ناجحة لمواجهة التحديات القهرية على المدى القصير والبعيد.
التطورات متسارعة والتقلبات خطيرة والانقلاب في معادلات العلاقات الدولية والرؤية للمصالح المشتركة بين الحلفاء سواء كانوا استراتيجيين أو حلفاء على مستوى أدنى أو أقل حادة جدا..
بالفعل نحن أمام صورة جديدة ومغايرة للنظام العالمي وتفاعلاته وموازين القوى على الأرض يعاد تشكيلها ونظام عالمي جديد تبدو ملامحه مرعبة احيانا شديدة القلق حينا آخر.
مكمن الخطورة الحقيقية يتمثل في اعتماد قواعد غريبة
لاعلاقة لها بالقيم الإنسانية ولا بالقانون الدولي ولا حتى بالاعراف..باتت معه المنظمات والمؤسسات الدولية التى ابتكرها الفكر الإنساني لحماية الحقوق والحفاظ على إنسانية الإنسان في وجه أي ظلم أو طغيان أو خروج على القيم القانونية الدولية- عديمة الفائدة أو منزوعة الدسم أو تحولت إلى مجرد دمى في يد من يملك القوة والاكثر ارهابا والقادر عليه بكل السبل حتى أصبحت المنظمات مشلولة تماما..
إلى جانب اعتماد سياسة الكذب والتضليل والخداع بلا أدنى حرج واجبار الأطراف الأخرى على اعتماد سرديات الكذب والتضليل رغم مخالفتها الصريحة لابسط قواعد العقل والمنطق فضلا عن تعارضها مع أسس وقواعد القانون الدولي العام والخاص..
الاكثر إيلاما أن يتم توظيف كل وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها والقنوات الفضائية والأدوات الدبلوماسية في تعزيز منظومة الكذب والاجتراء على القانون الدولي وتبرير انتهاك حقوق الإنسان ووأد الحريات العامة والخاصة وإشاعة نوع من الفوضى لتحقيق أغراض سياسية خاصة والدفاع عن أنظمة متمردة على العدالة الدولية وكل القواعد والمبادئ الإنسانية والدينية والأخلاقية..
ولا يخفى انعكاس هذه الحالة السوداوية غير المسبوقة على مختلف الشعوب في الكرة الأرضية وما تسببه من إحباط وشعور باليأس إذا استمر أكثر قد يؤدي إلى تفاعلات لا تحمد عقباها..
السؤال الان ماذا نحن فاعلون؟!
والجواب بكل تأكيد إنها لحظة نفض الغبار والتقدم إلى الأمام بسرعة والعمل بجدية على دراسة وتحليل كل التفاعلات والتداعيات على الساحة ومشاركة صانعي القرار في تقديم رؤى علمية خلاقة للمواجهة وكيفية التعامل الجدي الذي يحفظ ويصون الأمن القومي سواء على المستوى الوطني. الخاص او المستوي العام الاقليمي والدولي.
الأمر لا يحتمل الان تراجعا أو انتظارا أو الجلوس في مقاعد المتفرجين والأمور المهمة من حولنا تقضى بعيدا عنا أو دون اعتبار لمصالحنا الاستراتيجية وأمننا القومي..
واذا قلنا إن الدولة الوطنية في حالة يقظة ووعي وإدراك للتحديات وتعالج أمورها بما يحقق أهدافها ومصالحها الخاصة فلابد من أن تمتد الرؤية لتشمل كل العناصر الفاعلة في المنطقة ..أن يحدث تعاون جاد وحقيقي يوفر الحماية والأمن للجميع .وقد شاهدنا أن التطورات في اللحظات الأخيرة كان يمكن أن تشعل المنطقة نارا لا تبقي ولاتذر وهذا ما كان يطمح إليه اليمين الصهيوني المتطرف بشدة لتكتمل دوائر الفراغ الاستراتيجي حول الكيان اعتقادا منهم أن هذا هو طريق جلب الأمن والاستقرار للمستوطنين وسياسات فرض الاحتلال بالقوة واغتصاب الحقوق وممارسة التطهير العرقي بدم بارد تحت مظلات توفر له الحماية والأمان من اي عقاب على الساحة الدولية وتمنحه صك الهروب بجرائمه والافلات دائما من العقاب..
بلادنا ذاخرة بمراكز بحوث علمية عالمية معروفة ومقدرة آن الأوان أن تشارك بفاعلية وان تقتحم وتخوض معركة الوعي العام والخاص بالجدية المطلوبة حتى لا نترك الجماهير نهبا لعمليات التضليل والتشويش والتشويه الفكرى تحت اي لافتة مخادعة يرفعها الآخرون رغم سقوطهم الشنيع في كل الاختبارات عن القيم والمبادئ والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها..
التحديات أمامنا كثيرة وخطيرة..بإرادتنا نستطيع وبعزيمتنا نحن قادرون عليها..
والله المستعان..