للسنة النبوية الشريفة مكانة عظيمة في التشريع الإسلامي ، فهي تأتي بعد الكتاب العزيز مباشرة ، وتعد المصدر الثاني من مصادر التشريع ، ولها أدوار عظيمة ومتنوعة في التشريع الإسلامي من بينها :
ـ تبين ما جاء في القرآن الكريم ، فقد اشتمل القرآن الكريم على كثير من الآيات المجملة وآيات الأحكام الكلية ، وقد قامت السنة الشريفة ببيان الإجمال ، وتفصيل ما جاء في القرآن الكريم من كليات والأمثلة على ذلك كثيرة ، فأحكام العبادات من صلاة وصيام وحج جاءت مجملة والسنة هي التي وضحت ذلك .
كذلك ما جاء في أحكام المعاملات فالقرآن الكريم أحل البيع وحرم الربا قال تعالى : (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ) وقد بينت السنة الشريفة شروط البيع وحدود الربا وما يكون فيه من أموال .
ـ من أدوارها أيضًا أنها تخصص ما جاء في القرآن الكريم ومن أمثال ذلك ما جاء في أحكام المواريث قال تعالى : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ ) فالآية بها حكم عام في الإرث ولكن السنة الشريفة خصصت هذا الحكم باشتراط ألا يكون الوارث قاتلًا لقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا يرث القاتل )) .
ومن هذا القبيل أيضًا ما رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه من الحديث الذي أباح أكل ميتة البحر وبذلك خصصت الآية القرآنية التي تحرم أكل الميتة .
ـ من أدورها أيضًا أنها مقيدة لما جاء مطلقًا في القرآن الكريم ؛ لذا أجاز الأحناف تقييد الإطلاق الوارد في الآية الكريمة ( مِنۢ بَعْدِ وَصِيَّةٍۢ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍۢ ۚ) بالحديث الذي منع الوصية بأكثر من الثلث .
ـ من أدوارها أيضًا أنها متممة لأحكام القرآن الكريم ، فقد أوجبت السنة الشريفة أحكامًا سكت عنها القرآن الكريم ومن ذلك توريث الجدة في تركة حفيدها فقد جاءت الجدة تسأل أبا بكر رضي الله تعالى عنه القضاء لها بميراثها في حفيدها المتوفى فقال لها : لا أعلم لك قضاء في كتاب الله عز وجل ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن سأسأل الناس في ذلك ، فقام المغيرة بن شعبة وأقر أنه سمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى للجدة بالسدس فطلب أبو بكر بمَن يشهد بصحة ذلك فصدقه محمد بن مسلمة فقضى لها أبو بكر بذلك .
كما حرمت السنة الشريفة أفعالًا سكت القرآن الكريم عن تحريمها فقد حرم القرآن الكريم الجمع بين المرأة وأختها في عقد الزواج ثم جاءت السنة الشريفة بأحكام تحرم الجمع بين المرأة وعمتها أو بين المرأة وخالتها ….
وقد تؤكد السنة الشريفة أحكامًا جاءت في القرآن الكريم .
قال ابن القيم : السنة مع القرآن على ثلاثة أوجه ، أن تكون موافقة له من كل وجه فيكون توارد القرآن والسنة على الحكم الواحد من باب توارد الأدلة وتضافرها ، والثاني أن تكون بيانًا لما أريد بالقرآن وتفسيرًا له ، والثالث أن تكون موجبة لحكم سكت القرآن عن إيجابه أو محرمة لما سكت عن تحريمه فلا تخرج عن هذه الأقسام فلا تعارض القرآن بوجه .
مما سبق يتضح أن السنة لها مكانة عظيمة في التشريع فهي أصل من أصول الدين يجب اتباعها وتحرم مخالفتها وعلى هذا أجمع المسلمون ولم يخالف إلا أهل البدع والأهواء قال تعالى : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ)
وغيرها من الآيات التي تدل على أننا إن تمسكنا بالسنة فقد تمسكنا بتعاليم القرآن الكريم ؛ إذًا لا مجال لمن يدعون أنهم قرآنيون ، وأنهم لا يعملون إلا بالقرآن فكلامهم ودعواهم منقوضة ومرفوضة بالقرآن الكريم نفسه .
ختامًا قيل لمطرف بن عبد الله : لا تحدثونا إلا بالقرآن فقال : والله لا نبغي بالقرآن بديلًا ولكن نريد مَن هو أعلم منا بالقرآن .