يبدو أن للأحفاد أسلوبهم الخاص لتطويع التواصل الاجتماعي في اتجاه التأثير الإيجابي لصالح التماسك الأسري والروابط الاجتماعية وهذه تجربة شخصية فوجئت بقيام أحفادي بها دون سابق إحاطة ولكنها تسير بحمد الله على طريق النجاح..
**منذ قديم الزمان.. أدرك كبير العائلة أهمية الحكمة القديمة.. التى أطلقها الحكيم العجوز عندما حضرته الوفاة.. استدعى أبناءه جميعاً.. وطلب منهم حزمة من العصى .. جمعها معاً.. وطلب من أقواهم بدنياً أن يحاول كسرها.. لم يستطع.. ثم أخرج منها واحدة.. وطلب من أضعفهم كسرها.. ففعل ذلك بسهولة ووصلت الرسالة إلى الجميع.. حافظوا على الود والحب والتواصل بينكم.. تنعموا بالعزوة والأمان.. وتخطى الصعاب والتحديات.
**بعدها أمتلأ التراث بحكايات تؤكد هذا المعنى الجميل.. على مستوى الأفراد والمجتمعات وترجم ذلك الجد.. الأب.. أهمية ذلك التلاحم لدعم تواصل الأجيال.. فكان البيت الكبير.. جامعاً للأبناء والبنات.. يكبر بهم عندما يتزوجون ويرزقون بالأطفال.. ويسعدون بإشارة فلان هذا بيت عائلة فلان.. وعندما لم يصبح ذلك ممكنا فى المدينة على سبيل المثال.. جاء الحل المناسب.. اصرار من الأب عندما يكبر الأبناء.. ويبدأون بحلم الزواج والاستقلال يحاول جاهداً ان يجمع البيوت الجيدة فى دائرة البيت القديم...
**لكى تتمدد المدن ويبتكر المعماريون الكمبوند والمنتجع والمشروعات السكنية ذات الطابع الخاص ناهيك عما أصاب علاقات الجيرة فى العمارات القديمة من تراجع وانطواء وساهمت مشاغل الحياة فى تعقيد المشكلة ليحدث التباعد المقصود أو غير المقصود بين الأخوة والأخوات
**الكل يبحث عن مسكن مناسب.. ولا يشترط ان يكون قريباً.. من بيوت الأخوة الآخرين.. وكانت تلك النواة.. وما سببته مشاغل الحياة.. عن انفصال ملموس فى العلاقة المجتمعية.. والزيارات العائلية حتى فى المناسبات تنقطع صلة الرحم تماماً أو تقريباً.. لا فرق.. لأن الأحفاد يدفعون ضريبة البعاد.. يكبرون ويفاجأون بأقارب لهم.. يحملون اسم العائلة فقط.. دون مشاعر بالود وصلة الرحم.. وشراكة الأفراح والأحزان.
**المشكلة صعبة.. لا تستطيع إنكارها.. إلا أن بشائر الحل المنشود أصبحت متاحة.. والفضل للأعضاء الأذكياء.. الذين استثمروا إمكانيات التواصل الاجتماعى وعائلة الفيس بوك.. فى انشاء جروبات وسعوا لدعوة أقاربهم «فى نفس السن» للانضمام لها، تحت المظلة الجاذبة للجميع.. أسرتى.. أو عائلتى.. أو آل فلان
**بعض الكبار قدموا الدعم للفكرة.. وشاركوا فيها.. لضمان التوجيه والأمان.. والآخر للأسف لازال متحفظاً.. يدعوها بـ «لعب العيال».
وباسم الأجداد أقول لهؤلاء هذا استثمار ذكى لامكانيات غير محدودة لهذه التكنولوجيا الذكية التى غزت كل مناحى الحياة.. وان كان القدماء وجدوا طريقهم لضمان كيان خاص للعائلة بوسائلهم الخاصة والبسيطة.. لا مانع أبداً من تطويع الوسائل الالكترونية الفارقة بقوة.. لتمكين الصغار.. من ترميم «جدران العائلية».. قبل الشروخ واحتمالات الانهيار.. وللأبناء أقول «اسمعوا كلام الأجداد.. وادعموا هذه الفكرة الذكية.. تسعد الجميع.. ويباركها جميع الأجداد.
صالح إبراهيم