(الطشت المصرى)
** الطشت زمان كان يلعب دوراً مهماً فى حياة المصريين وخاصة فى الأرياف والأحياء الشعبيه
وهو من أقدم الأوعيه التى عرفها الشعب المصرى وأستخدمها فى حياته اليوميه عبر العصور المختلفه حيث كان يستخدم فى غسيل الملابس وكان المكان الذى يتم فيه الغسيل يسمى (الطشتخانه) كما كان يستخدم أيضاً فى عجن الخبيز فى حالة عدم وجود (الماجور الفخار)
** أنا زيى زى كل الأطفال فى فترة الستينات كان الإستحمام لابد أن يكون فى الطشت وكان الإستحمام فيه متعه كبيره وخصوصاً لو كنت مسافر فى (كفر شكر) حيث المكان المخصص للإستحمام فى جزء منعزل عن باقى الدار وكان دائماً متواجد به كلب للحراسه وبالرغم من تنبيهات (ستى أم كامل الله يرحمها) بعدم الخوف منه إلا أننى فى كل مره كنت بأكون مرعوبا منه وتقريباً كان هو يشعر بذلك فكان يحاول أن يتقرب ويتودد منى
** كان يرافق الطشت بعض المستلزمات الهامه والتى لا غنى عنها مثل ذلك الكرسى الخشبى الصغير والتى كانت تجلس عليه المرأه لممارسة عملها سواء كان غسل الملابس أو عجن الخبيز وكذلك وجود بستله للمياه الساخنه وكوز لصب المياه
وعصاية الغليه
** ومن المناظر المحفوره فى ذاكرتى وذاكرة كل المصريين هو جلوس الستات على شط الترع لغسل الملابس فى الطشوت وكذلك منظر البائعات وهن يجلسن أمام الطشت لبيع بعض الأغذيه مثل الجبنه والزبده والبيض والكرشه والممبار وأرجل الفراخ وبعض الفاكهه مثل التوت ومن أكثر الأماكن التى كانت تتواجد فيه هذه النوعيه من البائعات أمام محطة المطريه الخاصه بالقطار فى شارع ترعة الجبل مابين جامع أبو قفص ونادى المطريه الرياضى وكذلك فى شارع الحريه وخاصة فى أيام الخميس والجمعه والأحد وكنت أحيانا أركب قطار شبين القناطر من محطة حدائق الزيتون للذهاب إلى سوق شبين القناطر يوم الإثنين لشراء الممبار
** أيضاً من ذكرياتى مع الطشت هو (بل الشربات) فى أيام ظهور نتايج الإمتحانات وقد كتبت قبل ذلك عن هذا الموضوع
إرتبط (الطشت) أيضاً بالسنيما المصريه حيث أهتم به كثير من المخرجين مثل حسن الإمام وصلاح أبو سيف وحفلت كثير من المشاهد فى الأفلام المصريه بوجود الطشت سواء كان للغسيل على شط الترع والمصارف أو للعجين او لتجهيز العروسه فى يوم فرحها ودخلتها
ولا يمكن نسيان أغنية (الطشت قال لى) والتى غنتها (عايده الشاعر) وأنتشرت بعد نكسة يونيو عام (١٩٦٧) كتعبير عن حالة اليأس التى كانت تسود حياة المصريين
** دخل على (الطشت) تغييرات وتقلبات الزمن مثله مثل كل شئ فى الحياه فبعد أن كان مصنوعا من النحاس وكان دائماً يحتاج لتنظيفه واللجوء إلى مبيض النحاس لتبييضه وتلميعه كما أنه كان ثقيل الوزن وغالى الثمن فتمت صناعته من الألومنيوم بعد ذلك وكان أشهر بائع للطشوت الألومنيوم فى الزيتون محل فى شارع المتوكل على الله بس للأسف ناسى إسمه
ثم بعد ذلك ومع إنتشار صناعة البلاستيك فى مصر على يد مصانع الشريف تم صناعة (الطشت) من البلاستيك ليتم ركنه بعد ذلك ولم يعد يستخدم فى غسيل الملابس لإنتشار الغسالات بأنواعها المختلفة كما فقدت (حماية العيد) بهجتها لوجود البانيو والسخان كما لم يعد أحد يخبز فى البيوت حتى فى القرى والأرياف ليتم ركن الطشت نهائياً ويخرج من حياتنا مثلما خرجت أشياء كثيرة من حياتنا ورحم الله زمان وليالى زمان