وبين آدم عليه السلام ومَرسّلِ نوحٍ عليه السلام عشرة قرون كلها على الإسلام، فمن أين بدأ الشرك يا تُرى؟
بدأ الشرك من بعد زمن نوح عليه السلام ، وسببه خمسة رجال كانوا صالحين ( ود وسواع ويعوق ويغوث ونسرا ) ..
هؤلاء كانوا خمسةً صالحين، فلما ماتوا أراد أبناؤهم تخليد ذكراهم، فدشنوا لهم تماثيل احتفاءً بهم وعرفاناً لهم ، فلما ماتوا ، اعتقد الذين جاءوا من بعدهم أنهم صوروهم لأنهم كانوا يعبدونهم، من هنا بدأ قانون الشرك في الأرض…
وتنامى إثمه ورجسه بين الأجيال والأرتال، بفعل وصمة ( هذا ما وجدنا عليه آبائنا )
وتمدد في نواحي جزيرة العرب والشام، ونقل عمرو بن لُحي الخُزاعي الأصنام من الشام إلى أرض العرب… وشيئاً فشيئاً استفحلت هذه الآفة الصلعاء، وصارت كل قبيلة تعتقد في صنم بعينه أنه إلهُها، وظل ود وسواع ويعوق ويغوث ونسرا إلى حيث عصر خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم…. فهدم خالد بن الوليد ود، وهدم عمرو بن العاص سواع،، وهُدمَت أصنام أخرى في نواحي جزيرة العرب ، فهدم علي بن أبي طالب الفلس صنم قبيلة طيء، وهدم جرير بن عبدالله صنم ذي الخَلصَة، الذي كان تعبده قبيلة دوس،،
وهنا تبدو دلالة مهمة، بأن شطر الكفر الموضوع في السلف والخلف، إنما في سنة الآباء، لما لهم جلالة في نفوس الأبناء….
وكان صدود الأمم تباعاً عن دعوة الرسل تباعاً ، يُدعم هذه الدراسة الحية، عن هذه البدعة الدنية …
وابتداءً جاء هود عليه السلام يدعوا قومه، فأجابوه قائلين ( قَالُوا أجئتَنَا أن نَعبُدَ اللّهَ وَحدهُ ونَذَر مَا كَانَ يَعبُد آبَاؤُنَا فَأتنَا بِمَا تَعدُنَا إن كُنتَ مِن الصَادقِين) الأعراف 70
وبنفس النهج صد قوم صالح عن دعوة نبيهم ( قَالُوا يَا صَالحُ قَد كُنتَ فِينَا مَرجُواً قَبلَ هذَا أتنهَانَا أن نَعبُدَ مَا يَعبُدُ آبَاؤنَا وإنَنّا لَفي شَك ممَا تَدعُونَا إليهِ مُريب ) هود 62 ..
وقوم إبراهيم يصدوا نبيهم بنفس سنة الآباء ( قَالُوا بَل وجَدنَا آبَائَنَا لهَا عَابدين ) الأنبياء 53
وكان نفس الصدود عن موسى وهارون بتعظيم سنة الآباء ( قَالُوا أجئتَنَا لتَلفِتَنَا عمَا وجَدنَا عليهِ آبَائَنَا وتَكُونَ لكُمَا الكِبريَاءُ فِي الأَرض ومَا نَحنُ لكُمَا بمُؤمِنين ) يونس 78
وعلى درب شرود الأمم عن دعوة أنبيائهم ورسلهم، هدياً بسنة آبائهم، يمضي كفار قريش في الصد عن دعوة خاتم الرسل ( بَل قَالُوا إنَا وجَدنَا آبَائَنَا على أُمةٍ وإنَا علَى آثَارهِم مُهتَدُون) الزخرف 22
وتوكيداً لديمومة سنة الآباء كمنهج وحيد لأهل الكفر والشرك، جاء قوله تعالى ( إنَهُم ألِفُوا آبَاءَهُم ضَالِين) ( فَهُم عَلَى آثَارهِم يُهرَعُون ) الصافات 69 و 70