لست ممن يعتقدون أن الرصاصة غير الطائشة التى تم إطلاقها على الرئيس السابق دونالد ترامب سيكون لها أبلغ الأثر فى ترجيح فوزه فى الانتخابات الرئاسية التى تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر نوفمبر المقبل والتى يتنافس فيها ترامب والرئيس الحالى جو بايدن. بل أرى أن الفوائد التى سيجنيها بايدن أكثر بكثير من منافسه.
أعتمد فى توقعاتى على عدة أسباب منها: أن الناخب الأمريكى ليس من السذاجة ليعتقد أن تلك الرصاصة جاءت من معسكر الرئيس بايدن، فاغتيال المنافسين السياسيين لا تعد ظاهرة ولا يمكن اعتبارها من الثقافة الأمريكية رغم حدوثها أكثر من مرة لعل أشهرها اغتيال الرئيس الأسبق جون كنيدى والذى تبين أن منفذه هو جندى مشاة سابق كانت وراءه قصة حب فاشلة لممثلة لا تبادله المشاعر وأراد إثبات وجوده بهذه الجريمة. وكان كينيدى هو رئيس الولايات المتحدة الثامن والأخير الذى مات فى منصبه، والرابع الذى أُغتيل بعد أبراهام لينكون، جيمس جارفيلد وويليام ماكينلى. وأصبح نائب الرئيس ليندون جونسون رئيسًا تلقائيًا للولايات المتحدة عند وفاة كينيدى.
كذلك نجح بايدن فى التعامل بذكاء مع إطلاق النار على منافسه خلال مؤتمر انتخابى بولاية بنسلفانيا، حيث سارع بإدانة الحادث وطالب من كل العالم إدانته. ليس ذلك فقط بل اتخذ قرارًا بتعليق حملته الانتخابية مؤقتًا قبل أن يخرج للناس وهو يدين الحادث ويتمنى الشفاء لترامب مؤكدًا أنه سوف يحادثه تليفونيًا عندما تسمح ظروف ترامب بذلك.
على الجانب الآخر كانت ردود فعل ترامب انفعالية اندفاعية هدفها كسب مزيد من التعاطف من قبل أنصار الحزب الديمقراطى المنافس لحزبه الجمهورى فاستخدم لغة العنف وأخذ يدعو الأمريكيين للحرب وهو يلوح بقبضته بقوة، وهى لغة إن كانت مجدية مع المتعصبين من أنصاره الجمهوريين إلا أنها غير ذات جدوى مع الديمقراط. بل تمادى واتهم إدارة بايدن برفض طلب حملته الانتخابية بتعزيز الإجراءات الأمنية لحملته وهو ما يعنى تحمله المسئولية الضمنية عن وقوع الحادث وهو ما دعا إدارة الشرطة أن تعلن أن القناص الذى حاول اغتيال ترامب كان يقبع خارج نطاق الطوق الأمنى الذى ضربته السلطات حول المؤتمر. وهو عذر اعتبرته حملة ترامب بأنه أقبح من ذنب. ولعل إدارة الأمن الداخلى ستكون فى مرمى الرأى العام الأمريكى بشدة خلال الفترة المقبلة بعد تلك الشهادة الصادمة لأحد شهود العيان عندما قال أنه لمح شخصًا مسلحا يعتلى أحد البنايات المحيطة بالمؤتمر الانتخابى.
على كل الأحوال جاءت تلك الرصاصات غير الطائشة لتعلن عن معركة انتخابية ساخنة جدا وليست سهلة أبدًا كما يحاول ترامب وحملته ترويجه، وإن شهر نوفمبر لناظره قريب.
Hisham.moubarak.63@gmail.com