كلما هبت ريحُ الشهر الأكتوبري التشريني، تاق المصريون لإحياء ذكرى انتصارهم الميمون على العدو الصهيوني، في يوم السادس من أكتوبر المجيد بوهيجه التليد وطلعه النضيد، وفي خضم هذه النشوى الروحية الوطنية المشبوبة برياحين العزة والفخار ، وبجسارة الصمود وتباريح الانتصار ، تغافل القوم عن يوم يتماهى مع يوم نصر أكتوبر، إنه يوم المعلم، الذي يحل اليوم الخامس من أكتوبر، والذي تحييه كبرى دول العالم إجلالاً للمعلم وتبجيلاً له،….
لاغرو أن يُفرد العالم الأول للمعلم يوماً في كل عام، للاحتفاء بكينونته التربوية وقامته العلمية، اعترافاً بأنه حجر الزاوية في ولوج التقدم والحظوة، وعروج الصدارة والرفعة ، ولئن سطع أصحاب المهن وأرباب الحرف في سماء المجتمع، وحفتهم النياشين والأوسمة، وطوقتهم رداءات الشهرة والأنصبة، سيبقى المعلمون أبد الدهر ومضة ناصعة ونبراساً للجيل تلو الجيل، تشرءب لهم الأعناق جزاء لما حرصوا على ضخ المعرفة، وما لم يفرطوا في جنب القيم والأخلاق، وإن الأصل والفروع تماريا، من ذا الذي أحرز المجد والشرفا، فالأصل قال أنا الذي صببت في تربة العقل الخاوي أبجديات النطق والقيم، فضجرت الفروع صائحة نحن سماء المجتمع طباً وهندسة وعلوماً وقضاة في القمم، فاحتكما الخصمان إلى لُب المنطق فبه سُيعرف أيهما تعظم الأمم، فأدلى المنطق دلوه بنصرة الأصل بملء الفم، فطوبى لمن عمل بالتدريس وفك طلاسم الأحرف في اللسان المتلعثم، وإن جفته النياشين والأوسمة أو فتكت به النقم، فكفى حمله لرسالة العلم في أول المهد وأوسطه فلنعم الحظوة والشيم،،،
ومن أجل قداسة العلم ودور المعلم، نقش الشافعي في قلب الدهر درته المنحوته وومضته المسطورة، إن كبير القوم لا علم له صغيراً إذا التفت عليه الجافل _ وإن صغير القوم كان عالماً _ كبيراً إذا ردت إليه المحافل…
وكلمة علم خاطفة براقة، أعلاها قدراً العلم الشرعي، وأدناها حظاً التلقين الأبجدي ، ويأتي دور المعلم جليلاً في هذه السلسلة، كحلقة ربط رئيسية في محاور ثلاث، الإبتدائية والإعدادية والثانوية بشقيها العام والفني….