عندما تكون شخصية عامة وبالذات فى بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية فلا بد أن تنتبه، فكل خطوة وكل كلمة بل وحتى الهمسة ستكون محسوبة عليك، سيعدون عليك أنفاسك، ولولا المبالغة لقلت إنك ستُحاسب حتى على أحلامك وإن لم تُطلع عليها أحدا! فإذا تم ضبطك فى حلم شارد فربما يكلفك ذلك مستقبلك، خاصة لو كنت من لاعبى السياسة.
كانت لحظة فضفضة وربما أقرب للتفكير بصوت عالٍ تلك التى قال فيها ترامب عندما كان رئيساً لأمريكا: إن الديكتاتور النازى أدولف هتلر فعل أشياء جيدة وليست سيئة. الفضفضة كانت فى حضور جون كيلى الذى كان يتولى منصب كبير موظفى البيت الأبيض إبان ولاية ترامب الأولى والتى يحاول أن يفعل كل ما هو ممكن لكى لا تكون الوحيدة. لم يكتف كيلى بذلك بل وصف ترامب بأنه كان فاشياً لأبعد الحدود وبكل ما تحمله الكلمة من معان. ورغم محاولة ترامب وحملته التغطية على ما صاحَبَ هذه التصريحات من جدل بالتأكيد على أن كيلى يحاول الانتقام من ترامب لأنه فشل فى مهمته مما اضطر ترامب لفصله من وظيفته والاستغناء عنه إلا أن ترامب وأعضاء حملته لم يتعرضوا للموضوع من جديد عقب تصريحات خطيرة أدلى بها كيلى مؤخراً وكرر فيها نفس الاتهامات وزاد عليها أنه مستعد لإثبات تصريحات ترامب واعجابه الخفى بهتلر بالمستندات وليس فقط بالكلام المرسل.
طبعا لم تدع كامالا هاريس الفرصة تفلت من يديها وملأت الدنيا بتصريحات عن ترامب الفاشى الذى يتخذ من أدولف هتلر مثلاً أعلى مؤكدة: مؤسف للغاية أن يسعى شخص بهذه المواصفات الفاشية لقيادة الأمة الأمريكية العظيمة غير مكتفٍ بما أحدث من شروخ فى جدارها الاجتماعى القوى عندما حرض أتباعه على اقتحام الكونجرس فى واقعة جعلت العالم يؤرخ منها تاريخاً جديداً مؤسفاً لأمريكا. وأضافت أن رأيه فى هتلر يؤكد شبقه للسلطة المطلقة وأنه قد أصبح مؤخرا شخصا غير متزن نفسياً. واستخدمت هاريس لغة صارمة فى وصف قدراته الذهنية، مشيرة إلى تقدمه فى العمر والافتقار إلى الكفاءة.
وقالت هاريس إن خطاب ترامب للأمريكيين يحرض على تدمير البلاد اجتماعيا، فى إشارة لأحداث السادس من يناير ٢٠٢٢ عندما حرض على اقتحام الكونجرس وتصرفاته فيما بعد والتى تؤكد أنه لم يعد مسيطرا على انفعالاته ولا تصرفاته مثل اتهام بعض المهاجرين بأكل حيوانات القطط والكلاب، وغيرها من الأساليب الغريبة وغير المسبوقة فى الحملات الرئاسية على مدار تاريخ أمريكا.
وقالت هاريس إن بعض العقلاء من حزب ترامب الذى يتمنى تغيير الحزب باسمه يقفون بشجاعة ويواجهونه بخطاياه بل إن هناك العديد من المسئولين العسكريين الذين خدموا فى إدارة ترامب يتهمونه بمحاولة فرض حكم استبدادى على البلاد وأن هتلر هو مثله الأعلى والنموذج الذى يحتذى به. بدوره، رد المرشح الجمهورى على منافسته الديمقراطية وقال: بل هى “فاشية ماركسية”، مشيرا إلى أنها تمثل تهديدا للقيم الأمريكية. ولم يكتف بذلك بل اتهم هاريس بأنها تستعين بقوى خارجية لتغيير إرادة الشعب الأمريكى متهماً إياها بأنها قبلت “مساهمات أجنبية غير قانونية واضحة قدمها حزب العمال البريطانى وقبلتها اللجنة الانتخابية لحملة هاريس”. ووفقا للجنة الانتخابات الفيدرالية، يمنع القانون الأمريكى الحصول أى مساهمات مالية أو نفقات من الأجانب فى الانتخابات، لكنه يسمح لهم بالتطوع فى أنشطة الحملات دون مقابل مادى. ويمكن للمتطوعين الأجانب حضور فعاليات اللجنة واجتماعاتها الاستراتيجية، شريطة عدم المشاركة فى صنع القرار أو إدارة شئون الحملة.
وفى رد على اتهامات ترامب قال كير ستارمر رئيس الوزراء البريطانى وقائد حزب العمال، إن أعضاء الحزب المتطوعين فى حملة هاريس “يقومون بذلك فى وقت فراغهم” وليس بصفتهم موظفين فى حزب العمال.