إن الموقف والدور المصري لم ولن يتغير تجاه القضية الفلسطينية، وعلى الدوام ستقف الدولة المصرية وقيادتها السياسية الجسورة في وجه مخططات التقسيم والمآرب التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والمحاولات المستميتة التي تجبر الشعب الفلسطيني الأعزل على التهجير بصور باتت ممنهجة ومفضوحة من قبل الكيان الصهيوني، والعمل على مقومات الحياة كي لا يستطيع الفلسطينيون البقاء فيها ومن ثم تركها وهجرتها لأماكن أخرى.
إن ما صرح به فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته بالقمة العربية الإسلامية غير العادية يؤكد على موقف مصر الثابت وعقيدة شعبها وقيادتها الراسخة التي تؤمن دون مواربة بعدالة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب التاريخية المتجذرة في الوجدان المصري والعربي بأسره، ومن ثم فقد أكد الرئيس بأن مصر سوف تقف حجر عثرة أمام المحاولات المستميتة للكيان الصهيوني ومنهجيته المعلنة التي تقوم على تعددية أنماط القتل والقمع والقهر، والتي تستهدف التجويع والتفكيك والعزل والتهميش، وإيجاد حالةٍ من العوز تساعد في التهجير وتكريس التواجد الإسرائيلي بالقطاع الذي أضحى منكوبًا.
لقد أكد فخامة الرئيس في كلمته بلسان مبين على الحل الذي يضمن تحقيق ماهية الأمن والأمان والسلم والسلام والتنمية في المنطقة باسرها؛ حيث إنه لا مناص ولا مراوغة عن حل الدولتين بناءً على حدود عام (1967)، للتمكن من إقامة دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ عاصمتها القدس الشرقية، وهذا يتسق مع المعيار القيمي والأخلاقي والسياسي للحفاظ على سلامة الإنسانية والعيش تحت راية السلام.
لكن الكيان الإسرائيلي يصر على خلق مناخ للصراع لا ينتهي ويؤصل لعداء مستدام من جيل تلو الأخر، ويدحر مقومات السلام ويقوض التنمية في مجالاتها المختلفة، وفي الأصل لا يحارب دولة بقدراتها الكاملة؛ لكنه يمارس عمليات العنف والقتل لشعب أعزلٍ لا يمتلك أدني مقومات الحياة الأساسية؛ بغرض تخلي الشعب عن موطنه ومن ثم إنهاء تلك القضية للأبد.
وأود الإشارة إلى أهمية الدولة القومية ودورها في حماية مقدراتها، وهذا ما تؤكد عليه السياسة المصرية المتعاقبة حيث التمسك بإقامة دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ عاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يؤكد أن مصر ثابتة على موقفها الذي لم يتغير بتغير أنظمتها السياسية؛ إيمانًا راسخًا بحق الشعب الفلسطيني ببناء دولته واستقلاله على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ ليستطيع أن ينهض ويصمد داخليًا، ومن ثم يعزز من قدراته ومكانته بين الشعوب.
وفي هذا الخضم تدعم الدولة المصرية وقيادتها الدول الأشقاء في نيل حقوقها وتقدم المساعدة اللازمة لتحقيق هذا الهدف المشروع، ومن ثم أكد فخامة الرئيس على دعم الدولة اللبنانية كي تصمد مؤسساتها وفي المقدمة جيشها، وفي هذا إشارة واضحة بأن الجيوش النظامية التي تتبنى حماية الدولة والشعب هي الأجدر بالاهتمام والدعم والمساندة.
وفي هذا الإطار نؤكد على ضرورة الصمود وحتمية التحدي إزاء أي عدوان تتعرض له الشعوب والدول، وأن حرية الأوطان تكمن في ثبات الشعوب واستقرارها على تراب الوطن، وأنه لا مجال للتخلي عن الأرض والخروج من الديار صاغرين؛ فالتاريخ لا يرحم من يتنازل عن مقدرات وطنه وأرضه مهما كلف ذلك من أرواح ودماء، وهنا نعول على أن تحقيق السلام مرهون بصلابة الشعوب ودعمها ومناصرتها بكل الطرائق والسبل المشروعة.
ونعي بأن التاريخ لن يذكر الضمير المجتمعي وخاصة الغربي بالخير؛ فقد تراجعت وتخاذلت دول عن نصرة المستضعفين، كما أيدت دول أخرى حقوق المغتصبين وإجرامهم الممنهج، ونوجه النداء للمجتمعات التي تُساند إسرائيل وتغض الطرف عن ممارساتها غير الشرعية أن تتراجع عن ذلك وتأخذ على يد إسرائيل من استكمال طغيانها؛ فقد بات على العقلاء الإنصات لصوت مصر الحر من خلال قيادتها السياسية التي تحمل السلام وتتمسك به كخيار استراتيجي.
واعتقد أن كلمة الرئيس تؤكد لأصحاب العقول المستنيرة أن الدولة المصرية دومًا راعية السلام وتحمل رايته، وليست من دعاة الحرب، وأنها دومًا تتمسك بالعدل وتنادي بتفعيل القوانين، ليسود الأمن والأمان والسلام؛ لتصبح منطقة الشرق الأوسط داعمة لمناخ التعايش السلمي الذي تنادي به الإنسانية جمعاء بغض النظر عن تباين الثقافة أو الجنس أو المعتقد.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر