المنطقة امام حالة غريبة وعجيبة من المشاهد المثيرة ليس فقط للدهشة ولكن للقلق والازعاج الحالات ترفع شعار انتهاك القانون الدولي وكل الأعراف والقيم ووأد الحقوق العربية والإسلامية مع سبق الإصرار والترصد .. ويتم الترويج لذلك علانية وبكل بجاحة منقطعة النظير ويطلبون كل أنواع الدعم الحربي والسياسي والإعلامي وهو الدعم الأكثر خطورة لما يحمله من أدوات للتضليل وتزيف الوعي وقلب الحقائق راسا على عقب..
التفاعلات على الساحة وخاصة بعد فوز ترامب بمقعد الرئاسة الامريكية تؤكد ان المنطقة على اعتاب لعبة جديدة ليست جديدة بالمعنى الحرفي ولكنها امتداد للمشروع الصهيوني..الخطوات الجديدة غاية في الخبث والمكر والدهاء لانها تصر على تصفية القضية وطمس معالم الوجود العربي تماما اسما وشكلا وموضوعا..العنوان الرئيسي للمشروع..الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بشكل كامل وصريح رغم التصريحات التي تخرج على استحياء بين الفينة والأخرى ذرا للرماد في العيون الوقحة والعمياء..
ربما تكون الخطوة قبل الأخيرة للتصفية النهائية وهو ما تصارع ضده مصر الا يحدث وترفع الصوت عاليا محذرة من مخاطر ما يجري ومن الصمت المريب علي ما يجري على الأرض ويتم تنفيذه بمباركة ودعم امريكي وغربي اكثر فجاجة..
الاحترافية الصهيونية في تنفيذ مخططاتها في اوج قمتها وباساليب غاية في الصفاقة والابتزاز يقابلها عجز عربي إسلامي.او قل ان الصهاينة يتصرفون وكأن اعداءهم خارج الخدمة وبمعنى ادق هم يتصرفون في الفراغ والمجال الحيوي مشجع ومنشط لتوجهاتهم ومحقق لاهدافهم بلا عقبات تذكر..
المشهدان الأكثر اثارة والاشد ترابطا ويكشفان حقيقة ابعاد ما يجرى وشكل وطبيعة الصراع في اليوم التالي..
الأول : في بداية معركة طوفان الأقصى سارعت أمريكا بخيلها ورجلها الى تل ابيب الرئيس ووزراء الدفاع والخارجية ومعهم الاساطيل والبوارج الحربية وكتائب النخبة في الجيش الأمريكي لنجدة الكيان..وتبعهم القادة الغربيون ومن يدورون في الفلك الأمريكي المعلقين بحبل سري مع الصهيونية العالمية.. هيمنت السردية الصهيونية على المشهد السياسي والإعلامي وبدا الجميع يرددون كلمات واحدة رسمتها الة الدعاية الصهيونية لتبرير العدوان وإعطاء شرعية وغطاء لحرب الإبادة الجماعية التي كانت تنتظرها إسرائيل لحظتها بفارغ الصبر..ولم تفوت الفرصة.
الثاني : بعد اعلان فوز ترامب في الانتخابات بدات الحركة في اتجاه تل ابيب واشنطن..انتقل اركان الكيان بقضهم وقضيضهم الى العاصمة الامريكية الرئيس والوزراء ورئيس الأركان ووزير الدفاع وكل أصحاب النفوذ في الحركة الصهيونية..ليس للقاء بايدن الذي اراق ماء وجهه تحت اقدام نتنياهو وعصابات اليمين المتطرف ولكن للقاء ترامب والوزراء المحتملين للإدارة الجديدة..
رحلة واشنطن –تل ابيب كانت لمواجهة الطوفان وإنقاذ ماء وجه نتنياهو عصابته .. رحلة تل ابيب واشنطن هي الأخطر لانها ببساطة تعد لمعركة اشد شراسة في اليوم التالي..وهي بحسب ما اعلن بوضوح كل من نتنياهو ووزراء حكومة الليكود الأشد تطرفا واجراما لابد من تصفية القضية تماما..لاحل للدولتين لا وجود للفلسطينين فليس امامهم الا خيار من اثنين لا ثالث لهما امام الرحيل طوعا او كرها او الإبادة..وهذا ما يجري الان بالفعل..والسبب الرئيسي لعدم قبول وقف الحرب..
المعركة بدات ملامحها في عدة أمور:
طمس كل معالم الوجود الفلسطيني ليس فقط البشر والحجر .. وكأن العدو لم يكتف بسرقة الأرض فقط بل يسرق الأسماء ويمحو العربية ويستبدلها بأسماء عبرية او تلمودية توراتية وهذه قضية بدات حقيقة مع بداية الاحتلال وتم تشكيل لجان خاصة لتغيير أسماء البلدات والشوارع والميادين وغيرها ..التهويد على قدم وساق..
اعترف رئيس الوزراء بن جوريون في مذكراته: “يجب أن نعطي أسماء عبرية للأماكن إذا كانت موجودة، وإذا لم تكن، نستحدث أخرى جديدة! ويقول انه بعث برسالة إلى رئيس اللجنة الخاصة بإعادة التسمية: نحن ملزمون بإزالة الأسماء العربية لأسباب تتعلق بالدولة. فكما أننا لا نعترف بملكية العرب السياسية للأرض كذلك لا نعترف بملكيتهم الروحية وأسمائهم!
لم اطلع على احدث دراسة عما وصلت اليه نتائج حمى التهويد لكن هناك دراسة أجريت العام 1992 أحصت نحو 2780 موقعًا تاريخيًا تم عبرنتها منها 340 قرية وبلدة، و1000 خربة (أطلال)، و560 وادياً ونهراً و380 ينبوعًا و198 جبلًا وتلاً و50 كهفًا و28 قلعة وقصرًا، و14 بركةً وبحيرةً.
ونظرا لفداحة إجراءات التهويد فان الفلسطينيين يعتبرون عبرنة أسماء الأماكن جزءًا من النكبة الفلسطينية.وشبه البعض ما يقوم به الصهاينة على هذا الصعايد بانه قصف تضليلي بالمفاهيم والمقولات ذات الصلة باغتصاب الاسم للوصول الى نتيجة وهي ان العرب غير موجودين بفلسطين واذا وجد أناس فهم اغراب او اغيار!
المثير للدهشة ان اركان إدارة ترامب بدأت المعركة مبكرا حتى قبل تجليس ترامب رسميا وبعض المرشحين لمواقع رسمية اعلنوا بوضوح ان التهويد أولية أولى لديهم ويكفي ان تقرا وتسمع ما قاله السفير الأمريكي الجديد مايك هاكابي للقناة السابعة الاسرائيلية:لا يوجد شيء اسمه “الاحتلال” هذه هي “الأرض الموعودة”وهو يشير الى ما اتفق عليه اركان الكيان القدامى والمؤسسون على اسم “ايريتس إسرائيل “أي الأرض اليهودية الموعودة.
وعن حل الدولتين قال أعتقد أنه غير شرعي.. ويتماهى ميكابي مع المطالب الإسرائيلية في حرب المصطلحات وضرورة تغييرها على المستوى الدولي باعتبارها مصطلحات غير صحيحة قال: “لم أوافق قط على استخدام مصطلح “الضفة الغربية”.لا يوجد شيء من هذا القبيل أنها “يهودا والسامرة”.
المشكلة الكبرى ان إسرائيل تحلم وتجد من ينفذ اوهامها بالحق والباطل وتعبر المهمة مقدسة..ولا عزاء للعرب والمسلمين..
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com