وبعد..
فكيف لي أن أهرب منك..
وكل الدروب تقودني إليك..
ثم..
لا مكان عندك للعائدين من مجاهيل الشوق..
لا مكان للفارين من ضربات الحنين..
الهاربين من كثرة النداءات..
لماذا أطلقت طائر القلب من محبسه إذن..
إلى أي غصن يأوي.. وكل الشجر هنا عاري..
لا أعرف، أيهما الذي يبكي..
العصفور الذي نال حريته..
أم الشجر الذي أمسى بلا ذراع..
في حضرة الصمت، لم يكن لدي ما أفعله سوى الهروب من حروف اسمك..
لا أعرف.. كيف كانت تتسلق حبالي الصوتية..
فأقطع فروض الهدوء..
أنحني معتذرا..
…ثم أتابع السير إلى الهذيان..
كنخلة..
فقدت كلتا ساقيها..
يعلمون جيدا أني لا أحسن الرفقة..
فكيف يلجأ للآخرين من بداخله كل هذا الضجيج..
لكنني ما زلت أتساءل..
من الذي جلب كل هذا الصخب إلى هنا؟!..
عندما كنت طفلا..
كنت أخبئ ألعابي القديمة في مكان سري..
كنت أود أن أدفعها لعساكر الكِبر، حينما يمرون بحينا الريفي..
ليسمحوا لي بالتسلل إليك..
وها أنا الآن، أعود إلى الوراء قليلا..
أتمنى لو عدت طفلا لمرة واحدة..
لكنني لم أعد أملك لعبة أهديها أحدهم..
ولم يعد لدى العمر عسكر يعيدون من يريد الرجوع..
فكيف أغريه ليفعل..
كيف أقنعه بالسير مرتين..
في ذات الدرب المسكون بالشظايا..
وهو يسير حافي القدمين..
منذ حزن ونيف..
وفي حصة الرسم الصباحية..
كان المعلم يطلب منا أن نرسم الوجع..
لكنني تعللت بأنني لا أجيد الرسم..
فطلب مني أن أكتب أي شيء بدلا عن ذلك..
فكتبت كلمة من ثلاثة حروف..
(أنتِ)..
وتركت باقي الورقة فارغا، وخرجت..
…بعدها أخبروني، أنني نجحت باقتدار..
الغريب في الأمر..
أنني ما زلت لا أعرف حتى الآن، كيف أجازتني كلمة..
ربما تكفلت ال(أنتِ) بالأمر..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..