الطبيب سالم بك هنداوي :
ولد بالمنوفية ونشأ بالقاهرة وحصل على إجازة الطب في سنة 1910، ثم سافر إلى ألمانيا والنمسا حيث حصل على شهادة الدكتوراة في الطب والجراحة والولادة وشهادة الامتياز من الدولتين، ثم عاد إلى مصر ليعمل طبيباً للرمد في المستشفى العباسي الذي أنشأه الخديوي عباس حلمي الثاني.
وفي سنة 1918 عين “مديرا وكحَّالا” لبيمارستان قلاوون الخاص بأمراض العيون، وكان فيه قسمان قسم للعلاج الخارجي تفحص فيه المرضى و تعالج ثم تنصرف إلى منازلها و قسم داخلي فيه نحو تسعين سريراً يقيم فيها المرضى للعلاج حتى يتم شفائهم. و كان فيه من الأطباء نحو ستة وصيدلاني وكتبة وممرضون وممرضات وطباخ وغسالون و سائر ما يلزم من الخدم. وكان جملة ما ينفق عليه في سنة 1927 نحو 6231 جنيهاً مصرياً وهو مبلغ هائل بمقاييس ذلك الزمان.
ووبالإضافة لذلك عين الدكتور سالم مديراً للقسم الطبي بوزارة الأوقاف، وتفوق في تخصصه، واتسعت شهرته في مصر، وذاع صيته خارج مصر، حتى أن الملك عبد العزيز آل سعود في عشرينات القرن الماضي أرسل مستشاره الخاص الشيخ حافظ وهبة إلى القنصلية المصرية في جدة، بطلب سفر الدكتور سالم بك هنداوي للمملكة ليعالج أكبر ابناء الملك الأمير سعود بن عبد العزيز من مرض الرمد. إلا أن الدكتور سالم اعتذر عن السفر، لارتفاع درجة الحرارة الشديد في مكة المكرمة، وهو ما لا يساعد على إجراء العملية الجراحية اللازمة.
وأمام ذلك الاعتذار رأت الحكومة المصرية توجيه دعوة للأمير سعود بن عبد العزيز لزيارة مصر للعلاج، فوصل إلى السويس من جدة بباخرة الشركة الخديوية “المنصورة” في أغسطس 1926، ونزل ضيفاً على الحكومة المصرية في منزل أُعد له خصيصاً في حي المنيرة.
مكث الأمير سعود في مصر لمدة شهر ونص، أجرى له خلالها الدكتور سالم عمليتين جراحيتين ناجحتين في عينيه.
وبعد ذلك استجاب الدكتور سالم لدعوة الملك عبد العزيز لزيارة مكة المكرمة في الشتاء، وهناك استقبله الملك بحفاوة بالغة في القصر الملكي، ونشرت صحف المملكة صورته وهو في ضيافة الملك بالقصر مع مساعده الدكتور جلال بك أبو السعود، وهناك قام بعلاج الملك من رمد عينيه بنجاح.
وفي عام 1932 أقام الدكتور سالم هنداوي مستشفى خاص أسماه “دار الحكمة لابن هنداوي”، وكان واحدًا من أفضل مراكز طب العيون في العالم في ذلك الوقت. وليست هناك معلومات عن تاريخ وفاة الدكتور سالم هنداوي إلا أنه توفي عن ثروة طائلة.
وفي مارس 2019 عرض ورثة الدكتور سالم هنداوي الفيلا التي كان يقيم بها الكائنة في شارع عبدالله الكاتب بحي الدقي بالجيزة، والمعروفة باسم : فيلا هنداوي” مقابل مبلغ 5 ملايين دولار لموقعها المتميز ومساحتها الكبيرة، إلا أن الحكومة المصرية تدخلت باعتبار هذه الفيلا أثراً لا يجوز هدمه، وللورثة بيعه فقط ولن يسمح بالهدم بعد ذلك لأي مشتري.
إنها مصر …. تاريخ …. وقمم …. وحضارة …. عصية على غير ذلك…. قد تكبو أحياناً …. ولكن عودتها لقيمتها وقامتها مرة أخرى لا ريب فيها.