وتبرز أهمية بناء الوعي في ظل ما تواجهه الدولة من محاولات مختلفة لتزييف الوعي المجتمعي، واستنزاف قدرات وطاقات المجتمع، لا سيما في ظل اعتماد قطاع كبير من الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، وهو ما يمكن معه توظيفها كأداة للاستقطاب الفكري للجماهير بصفة عامة، والشباب بصفة خاصة، من خلال نشر وبث الشائعات المغرضة التي تستهدف تغييب الوعي الجماعي، وإفقاده أسس التفكير المنطقي والعلمي والمنهجي، مما يجعل قطاعات عريضة من المجتمع عرضة للأفكار المتطرفة والمغلوطة.
لهذا أتت كلمة الرئيس السيسي لطلبة الأكاديمية العسكرية والتي تعتبر رسالة لمصر والعالم اجمع والتي ركز فيها أن مصر تحترم التنوع والتعدد والاختلاف، فليس من المنطقي أن يكون هناك تيار يريد فرض أفكاره على المجتمع لأن ذلك سيكون مسارا ديكتاتوريا.. موضحا أن الأفكار والثقافة التي تناسب مجتمعا ليس بالضرورة أن تتلاءم مع مجتمع آخر،
وأن التطور الطبيعي والتقدم الحضاري والإنساني يحتاج إلى الوقت لكي يحدث. تحتل إشكالية بناء وعي المواطن المصري صدارة أولويات الدولة، إيمان بأن بناء الشخصية القوية السوية والقادرة على مواجهة التحديات هي نقطة الانطلاق نحو بناء الإنسان المصري القادر على دفع جهود التنمية المستدامة بمختلف أبعادها.
أولـــت الدولـــة اهتمامــا كبيـــرا بمواجهـــة الأمية متعـــددة الأبعاد باعتبارها مشــكلة اجتماعيــة شائكة تعكس العديـــد مـــن الختالات والدالات المجتمعيـــة؛ نظـــرا لتجـــاوز تأثيراتهـــا الســـلبية حـــدود الفـــرد إلـــى المجتمـــع والدولـــة ككل. والتصــدي للأفكار المتطرفــة والهدامــة التــي تعــوق تقــدم المجتمعــات وازدهارهــا، بــل وتســعى إلــىً تدميرهــا، خلال العقود الثلاثة الأخيرة
احتلت قناة السويس مكانة متميزة على خريطة موارد النقد الأجنبي، حيث ظلت تمثل المورد الثالث من حيث القيمة، بعد تحويلات المصريين بالخارج والصادرات السلعية في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، حتى إنها احتلت المركز الثاني بعد تحويلات العاملين بالعام المالي 1993/1994، ثم تراجع مركزها إلى ما بين الخامس والسادس طوال بقية سنوات التسعينيات وطوال سنوات العشرية الأولى والثانية من الألفية الجديدة مع ارتفاع قيمة إيرادات السياحة والصادرات البترولية.
وإذا كان الاقتصاد المصري قد تضررت بعض قطاعاته من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية مثل السياحة، فقد استفادت قناة السويس من تلك الحرب استفادة واضحة، حيث تسبب الحظر الأوروبي للطاقة الروسية في بحثها عن بدائل، كان بعضها في دول الخليج العربي ودول آسيوية، وكذلك بحث روسيا عن أسواق بديلة لنفطها وغازها الطبيعي المسال. هذا الأمر عزز من عبور ناقلات النفط والغاز الطبيعي عبر القناة، سواء من الخليج وجنوب آسيا إلى أوروبا أو من روسيا إلى الهند وغيرها من الأسواق الآسيوية، كذلك تسبب ارتفاع سعر البترول الذي بلغ متوسطة خلال عام الحرب الروسية نحو 100 دولار، مما يزيد من تكلفة إبحار السفن القادمة من آسيا متجهة إلى أوروبا أو إلى أميركا الشمالية، أو العائدة من أوروبا متجهة نحو آسيا في حالة اتخاذها طريق رأس الرجاء الصالح.
ودائما ما كانت إيرادات قناة السويس من أبرز موارد الموازنة المصرية، حيث ظلت تتقاسم مع هيئة البترول صدارة أعلى فوائض تحققها الهيئات الاقتصادية، لكن الصدارة أصبحت لهيئة القناة بالسنوات الأخيرة، إلى جانب الضرائب التي تدفعها بنسبة نحو 40% من أرباحها. وحسب آخر بيانات ختامية منشورة بالعام المالي 2020/2021، فقد سددت هيئة قناة السويس ضرائب بقيمة 28.7 مليار جنيه مقابل 31 مليار جنيه بالعام المالي الأسبق.
ولأن عقل الموطن ووعيه هما حجر الزاوية في عملية التنمية الشاملة من وجهة نظر الرئيس، فقد حرص على تأكيد ذلك من خلال مداخلته مع الكاتب عبد الرحيم كمال والإعلامية الكبيرة عزة مصطفي قبل أيام قليلة، حينما دعا إلى الاهتمام بزيادة الوعي لدى المواطنين، موجها كلامه إلى المفكرين والمثقفين وصناع الأفلام من المنتجين والمخرجين، وأوضح الرئيس قائلا: (أنا أتصور أن القضية الأهم هى الوعى بمفهومها الشامل، سواء الوعي بالدين) معقبا: (كلنا اتولدنا المسلم مسلم والمسيحي مسيحي، حد عارف أنه المفروض نصيغ فهمنا للمعتقد، وعلينا إعادة صياغة فهمنا للمعتقد الذي نحن فيه).
الرئيس تحدث عن بناء الوعي بمعنى أن يكون هناك إعمال العقل النقدي لدى المستمع أو المشاهد أو القارئ، بحيث إنه لا يؤمن بأي كلام يسمعه من الكلام الذي تبثه الجماعات الإرهابية، وأعتقد أن مسؤولية الوعي تقع بالدرجة الأولى على الإعلام؛ لأن الإعلام هو الذي يصل إلى الناس في كل مكان، خاصة أننا لدينا الكثير من الأشخاص الأميين الذين يتلقون وعيهم من الإعلام مثل الدراما والبرامج التليفزيونية، وهنا تكمن فحوى توجه الرئيس برسالته في هذا التوقيت إلى عبد الرحيم كمال كرمز للمثقفين وخاطبه بلغة تؤكد على حرص الدولة على إنتاج دراما حقيقية تركز على البطولات من ناحية ومن ناحية أخرى تتضمن مفاهيم السلم الاجتماعي.
وتأتي في إطار حرص مصر على تمكين النشء والشباب وقيامهم بدور فعال ضمن الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ. وعلى الصعيد العالمي، يواجه جميع الأطفال تحديات مرتبطة بتغير المناخ والبيئة الطبيعية. بعض الأطفال هم أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ من غيرهم – ويعتمد ذلك إلى حد كبير على توافر الخدمات الأساسية للأطفال واستدامتها، مثل المياه والصرف الصحي، والرعاية الصحية، والتغذية، والتعليم. وتجتهد القيادة السياسية في تمكين الشباب المصري وتُعده لأن يمتلك المهارات القيادية في مستوياتها المختلفة؛ ليستطيع أن يفاوض ويحقق صور التواصل الفعال مع الآخرين،
ومن ثم يصل إلى ما يستهدفه من نتائج لصالح دولته أو مؤسسته التي ينتمي إليها، وبدون شك يسهم ذلك في تنمية تقديره لذاته، وللآخرين، وتحقيق الثقة، والالتزام. ويستند الواقع المأمول في ظل الجمهورية الجديدة أمر مهم يتمثل في إتاحة مسارات الابتكار في مجالاته المختلفة عبر تبني الفكر الاستراتيجي الذي يحقق نتائج إيجابية على المستويين المادي والمعنوي، ومن ثم يعظم من مقدرات الدولة المصرية، ويشيع حالة من التميز لتحقق الدولة مكانتها المستحقة، اعتمادًا على ثروتها البشرية المتفردة.–
دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي
ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري
وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا