د.
المسرح ذلك الفن الأثير ..أبو الفنون .. لايخفى على أحد انتكاسته وترديه ولذا لابد بكل أمانة من طرح أسباب ومظاهر الداء وتشخيصه سعيا لعلاجه وإدراكه ، وتكمن أسباب ومظاهر الداء في:
أولا: الإطاحة بالمواسم المسرحية لازدحام الأجندة المسرحية بالمهرجانات صفرية المردود وعددها التي أمكن إحصاؤه ٣٤ مهرجانا أي مهر جان كل ١٠ أيام كما حدث من تعارض موعد مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والموسم الصيفي ، بل وتتابعها بوتيرة سريعة متلاحقة لتختزل الحركة المسرحية في مهرجانات يسيطر ويهيمن عليها شلل بعينها تحكيما وتكريما ومشاهدة واختيار ونقدا ،وضيوفا من مصر والبلاد العربية ،والوجوه لا تتغير لكأنما تحالف هؤلاء على اختزال المسرح في شخصهم .
ثانيا : حين يتقدم لجائزة ساويرس ١٤٣ نصا مسرحيا ،وهو عدد كبير كبير يؤكد ما قلناه ورددناه عن مذبحة كتاب المسرح ،واحتكار التأليف من قبل ذات الشلة المهيمنة والمحتكرة ليس تأليفا فقط بل وإخراجا ،في ظل محاصصة ونصيب مفروض لهم ولأتباعهم ،أي أن الميزانية موجهة لمجموعة بعينها ،والصرف على عروضهم الفاشلة .
ثالثا: بعد المسارح عن تقديم ما يناسب طبيعتها مثل القومي وعرض مش روميو وجوليت ليس مكانه القومي.
رابعا: عروض قصور الثقافة البالغ عددها أكثر من ٣٠٠ تقدم لمن؟؟؟ ،ومدة العرض قليلة ،ولا يتم عرضها في أماكن أخرى ،ولنفس المؤلفين والمخرجين ،يعرضون بدون أن يشعر بهم أحد درجة عاشرة.
. خامسا: جودة عروض الهواة- دون أدنى محاولة أو اهتمام لاحتوائهم – والمسرح الجامعي وتبلغ ذروتها مع المسرح الكنسي .
سادسا :الميزانيات طبعا تعتبر قليلة مقارنة بارتفاع تكاليف الانتاج ولكن لو اتبعنا سياسة الكيف وليس الكم والإغراق بالعروض التافهة وركزنا في شفافية ونزاهة لأنتجنا مسرحا قيما .
سابعا: هروب أو فرار كبير للممثلين من العمل بالمسرح لكثرة بروفاته وقلة عائده المادي ،ناهيك عن الفنانين من مسرح الدولة الذين يتم الاستعانة بهم في العروض في حالة إشراكهم بأدوار صغيرة وهامشية .
ثامنا: تقلص أعداد المسارح بالهدم والبنية التحتية المتهالكة مما جعل بعضها خارج الخدمة . تاسعا :كثرة عدد الفرق التابعة لمسرح الدولة ومحصلة عروضها لا شيء.
عاشرا: تدهور المسرح الخاص وخاصة بعد أن زعزعت فرقة مسرح مصر (الإفيهاتجية السخفاء) ثقة الجمهور في المسرح الجاد .
حادي عشر: المرض العضال المتمثل في سوء اختيار من يتولون شؤون المسرح لانعدام رؤيتهم الآنية أو المستقبلية للمسرح ،وحرصهم على تنفيذ مشاريعهم الخاصة وذويهم ،مع إقصاء معارضيهم
. ثاني عشر: إعلام مسرحي معتل الضمير بشقية الصحفي والنقدي إلا من رحم ربي ،والترويج الزائف لعروض تافهة لا يقبل عليها الجمهور .
ثالث عشر : كل ما سبق مع الغلبة لوسائل الاتصال وبسط سيطرتها وتغلغلها في أعماق الجمهور ووجدانه مع رداءة ما يقدم من عروض أدت جميعا لانصراف الجمهور عن المسرح وإسقاطه من دائرة اهتماماتهم.
وأكرر ناشرا مقالتي ورؤيتي لتدارك المسرح المصري وإقالته من ترديه بعنوان
روشتة لإصلاح المسرح المصري
كثر الكلام عن السلبيات دونما مردود إصلاحي ملموس ، أو يوافق الحلم الطموح التواق للإصلاح ، ،ولذا أراه لزاما أن نطرح مقترحات للإصلاح من خلال معايشة ورصد لمكامن الخلل،وطرح رؤية للإصلاح ،وتلك الرؤية في عدة نقاط قابلة للتنفيذ والأخذ بها ،وهي :
أولا:في البدء كانت الكلمة،ومن ثم وبعد محاربة ومذبحة ووأد الأعمال المسرحية لكتاب المسرح المصريين ،يجب الاعتماد على نصوص لمؤلفين مصريين وعرب والدفع بهم للساحة المسرحية ،وتقليل تناول العروض الأجنبية تحت مسمي دراماتورج وإعداد على الأقل لمدة ٥ سنوات .
ثانيا:بث دماء جديدة لأعضاء لجان قراءة النصوص بعيدة عن المجاملة .
ثالثا:عودة المكاتب الفنية للمسارح .
رابعا:لجنة عليا من كبار الكتاب والمخرجين لاختيار النصوص تؤدي عملا فعليا وليست حبرا على ورق.
خامسا :تقليل المهرجانات حيث أن عددها مبالغ فيه قد انفرط عقده ،حتى يتسنى تقويم مردودها على الحركة المسرحية .
سادسا: الاعتماد على فناني البيت الفني للمسرح ،حيث أن منهم من خرج على المعاش بدرجة فنان قدير ولم يصعد خشبة المسرح.
سابعا:كسر احتكار ثلة تسيطر على العروض إخراجا وتمثيلا وإعدادا وإضاءة وموسيقى واستعراضات في كل عناصر العرض.
ثامنا:الإبقاء على المسارح الأساسية القومي والحديث والكوميدي والعرائس والطفل وضم مسرح الطليعة والغد والشباب والهناجر مع بعضها بإدارة واحدة ،مع تخصيص القاعات بالتبعية لها لعرض المنتج المسرحي للشباب ،والمعهد العالي للفنون المسرحية وأقسام المسرح بالجامعات ووزارة الشباب والهواة والعمال والكنائس.
تاسعا :صيانة دور العرض ودعم الفنيين بالإحلال والتجديد.
عاشرا:اتباع سياسة الكيف المنتج المسرحي وجودته لا الكم والعدد في الليمون.
حادي عشر:الاهتمام بتسويق العروض وعمل جولات بالمحافظات المختلفة .
ثاني عشر:استضافة العروض المتميزة للجامعات والثقافة قصور الثقافة والمدارس للعرض على خشبات البيت الفني.
ثالث عشر:الاهتمام بنوعية النصوص المقدمة على مسارح قصور الثقافة والاعتماد على النصوص المصرية .
رابع عشر: الارتقاء بالحركة النقدية والتأكيد على تخليصها من اللغة المعقدة الكهنوتية لتيسيير التواصل مع الجمهور والارتقاء به.
خامس عشر : الاهتمام بالكوادر الفنية المساعدة والارتقاء بالمدرسة التكنولوجية الثانوية .
سادس عشر : زيادة جرعات التدريب والدراسة العملية في مقررات المعاهد الفنية المسرحية المتخصصة وتقليل المساحة الزمنية للدراسة النظرية .