تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للصحفيين على متن طائرته الرئاسية بخصوص نقل بعض الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الدول المجاورة (مصر والأردن)، هى بمثابة أحلام قديمة مزعجة أطلقها العديد من الرؤساء الأمريكيين والقادة الإسرائيليين قديما وحديثا، فى إطار رؤيتهم العدوانية لتوسيع نطاق دولة إسرائيل على حساب حق الفلسطينيين فى اقامة دولتهم المستقلة طبقا لقرارات الشرعية الدولية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
هذا المخطط اللعين القديم الجديد يستهدف إلغاء حل الدولتين، وتوسيع نطاق دولة إسرائيل، وإنتفاء القدرة على إقامة دولة فلسطينية للفلسطينيين فى أراضيهم المحتلة.
ولأن مصر دائما وأبدا لا تفرط فى حق الفلسطينيين، فقد سارعت وزارة الخارجية المصرية إلى تأكيد تمسك مصر بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، مشددة على أنها القضية المحورية بالشرق الأوسط، وأن التأخر فى تسويتها، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى هو أساس عدم الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط.
بيان وزارة الخارجية المصرية يستحق كل التقدير والعرفان، لأنه جاء قويا وحاسما ومؤكدا دعم مصر لصمود الشعب الفلسطينى فى أرضه، وتمسكه بحقوقه المشروعة فى وطنه، ورفض مصر أى مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأراضي، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل، وبما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.
بيان قوى لدولة قوية لا تعرف لغة المزايدات، ولا الاستخفاف بحق الشعب الفلسطيني، وهو بيان يتسق مع سياسة الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أفشل مخطط التهجير والتصفية الذى كانت تستهدفه الحكومة الإسرائيلية منذ بدء حربها على غزة فى أكتوبر العام قبل الماضي.
أكتب هذا المقال، وأنا أتابع قناة القاهرة الأخبارية فى بث مباشر من قطاع غزة لمتابعة عودة النازحين إلى أراضيهم فى مدن القطاع المختلفة بالآلاف، فى مشهد مهيب يوضح بجلاء حقيقة تمسك الفلسطينيين بأراضيهم، وإفشالهم لكل مخططات التهجير رغم قسوة الحرب، وكل أعمال الإبادة والتدمير لكل سبل الحياة هناك.
السيارات متكدسة فى شارع صلاح الدين، والبشر يزاحمون السيارات سيرا على الأقدام فى رسالة قوية وواضحة لعلها تضع حدا لتلك الأحلام القديمة الجديدة المزعجة.