كنت دوما أتامل الآية القرآنية الكريمة في سورة الحج التي تقول (فإنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)وأتسائل لماذا قال الله تعالى وأكد أنها في الصدور إذا كان التعبير هو مجازيا، لمَ هذا التأكيد على الموقع(في الصدور)؟؟!!
اكتشاف خطير قلب العالم العلمي عام ١٩٩١ حيث وجد العلماء أن القلب يحمل شبكة من الخلايا العصبية المتخصصة neuron network كما تلك الموجودة داخل الدماغ ،حوالي 40000 خلية عصبية وتسمى الخلايا العصبية الحسية ،لكنها منفصلة بعملها عن خلايا الدماغ العصبية،فهي تفكر وتشعر وتتنبه وتستجيب بشكل منفصل عن الدماغ ولها ذاكرة خاصة بها .
إذن للقلب لغة تختلف عن تلك التي نحاكي بها عقولنا ونحاول حل الأمور منطقيا رغم أن الدماغ أيضا فيه مكونات خاصة بالعاطفة ومخازن للذكريات .
لكن يبدو أن للقلب حكاية أخرى.
وذاكرة أخرى.
ورأي آخر
لذا أحيانا قد تقرر أن تنفي من حياتك شخصا بعد حديث طويل بينك وبين عقلك فيقنعك المنطق بأن الابتعاد هو ضرورة وإنه الصواب فتغلق الباب خلفك وترحل إلى الأبد ،لكن جرب فقط بعد عدة سنوات من الفراق انسياب أغنية عبر أذنيك كنتما تسمعانها معا واخبرني لحظتها عن حال قلبك !
جرب بعد سنوات من الفراق في أن تطوف أمام عينيك ذكرى غابرة لبسمة لضحكة لكفه التي تحتضن كفك وأنتما تعبران الشارع بفرح أطفال المدارس وبذلك الدفء الذي كان يسري في جسدك حين تغفو كفك في حضن كفه كما حمامة تسكن مطمئنة في عشها الدافئ ،وقل لي هل تسارعت نبضات قلبك قليلا ؟، هل شعرت بثقل في صدرك وأنت تحاول طرد اشباح ماض ولى ولن يعود؟!
أمازلت تذكر كيف كان رنين ضحكته أم نسيتها؟!
هل طمست سنوات الغياب ذلك الشعور الذي يسري في روحك حين كنتما تسافران في عيني بعضكما بنظرات طويلة صامتين تتحدثان بلا صوت أم مازالت نظراته عالقة في خلايا قلبك العصبية وذاكرتها التي لاتفهم لغة العقل والمنطق ؟!
أخبرني أنسيت حقا عطره،ملمس كفه،حلاوة اللقاء بعد أيام من الهجر المكابر المفتعل؟؟ ،أنسيت حقا ؟!!
قد تقول لي بلى نسيت ومحيت من رأسي كل اثر له،وسأرد عليك أنا وأقول ،لقد نسيت أنت لكن قلبك نسي أن ينسى.
يبدو حقا أن للقلب رأي آخر عصي على الفهم.
أيها الساهر تغفو
تذكر العهد وتصحو
وإذا ماالتأم جرح
جد في التذكار جرح
فتعلم كيف تنسى
وتعلم كيف تمحو
لكن كيف نمحي الذكريات من القلب ؟!
لاجواب،فحتى العلماء لم يكتشفوا بعد لغة نقنع بها خلايا قلبنا العصبية ونعلمها النسيان .