التعليم مظلة كبرى جل اهتمامها بناء إنسان يمتلك الوعي الصحيح؛ كي يصبح صالحًا في وطنه؛ فيستطيع أن ينهض بمقدراته ويضيف لحضارته ويعزز تراثه الثقافي؛ ومن يكتسب هويته ويحافظ على قوميته ويحمى تراب بلده، وبناءً على ذلك هناك ضرورة لأن تصبح مناهجها قادرة على تأهيل مواطن يواكب التغير المتسارع ويمتلك رؤية تحقق له الريادة والتنافسية في مجاله النوعي.
في هذا الإطار ينبغي أن تقدم مناهج تعليمية متميزة تتسم موضوعاتها بالتسلسل والتكامل تحتوي أهدافها على جانب معرفي عميق يهيئ المتعلم لاكتساب أداءات أو ممارسات بعينها تخلق لديه شغف مواصلة التعلم وتعزز حب الاستطلاع كي يثابر من أجل اكتساب المزيد منها؛ ومن ثم تزداد لديه صورة الخبرة المرتقبة، وهنا نرصد سلوكًا قويمًا ننشده في خضم العملية التعليمية، نستطيع أن نصفه بالمستدام.
المناهج التعليمية المتميزة تكمن في محتوى متعلم يتناسب مع خصائص من نعلمه، ويفي باحتياجاته التعليمية وغير التعليمية، ويسهم في تنمية مهارات التفكير العليا لديه، عبر ممارسات مهام الأنشطة التعليمية التي يخططها المعلم بعد تحليل محتوى التعلم المرتبط بالمقرر الدراسي، وهنا يفتح المجال لمعايشات تعليمية داخل أو خارج أسوار المؤسسة التعليمية ليستطيع أن يوظف المتعلم خبراته التعليمية المكتسبة في مواقف واقعية، بما يجعله واثقًا في ثمرة تعلمه؛ فتتكون لديه الاتجاهات الإيجابية نحو العملية التعليمية برمتها.
تميز المناهج نستقرؤه في مرونة تناول القضايا المتعلمة؛ فيسمح للمتعلم والمعلم أن يضيف لخبرات تعلمه ويصقلها من خلال أنشطة لا صفية تعزز لديه صور تلك الخبرات، وتفجر لديه طاقات ابتكارية أو ابداعية، وبناءً على ذلك يرغب المتعلم في الحصول على مزيد من المصادر والمراجع التي ينهل منها المزيد من المعلومات؛ حيث تنمي لديه مهارات البحث والاستقصاء والنقد؛ فيتمكن من إصدار أحكام مبنية على شواهد وأدلة ذات صبغة علمية ومعيارية.
تباين الاستراتيجيات والطرائق التعليمية من المكونات الرئيسة للمناهج التي نصفها بالمتميزة؛ حيث تخلق مناخًا تعليميًا داعمًا، كما تخلق أدوارًا لطرفي العملية التعليمية (المعلم – المتعلم)؛ ومن ثم ترى دينامية وفعالية مستدامة داخل البيئة التعليمية، كما نطمئن لحدوث عمق التعلم؛ حيث الفرصة السانحة للأداء المتكامل؛ إذ يحدث الارتباط بين ما يتلقاه المتعلم من معارف وما يقوم به من ممارسات وما يتعلق بهما من صور وجدانيات سواءً أكانت اتجاهات أو ميول أو قيم أو غير ذلك من أطر تتعلق بهذا المجال الذي يخصب الخيال ويشعر الفرد بالسعادة والارتياح تجاه العملية التعليمية.
في خضم المناهج التعليمية المتميزة لا يقتصر تقويم المتعلم على مقدار ما حصله من معارف وما استوعبه من دلالات معان؛ لكن التقويم الواقعي يعد أداة مهمة ورئيسة يعتمد على نتائجها؛ فنستطيع أن نصدر قرارات تتضمن التحسين والتطوير وإعادة النظر فيما نقدمه من أنشطة تعليمية، وهذا يتطلب أن نرصد ونقيس أوجه التعلم في مجالاتها المعرفية والمهارية والوجدانية بأدوات للقياس مقننة يصممها خبراء المجال بصورة مبتكرة تقوم على معيارية الأهداف التعليمية المرسومة سلفًا.
التجهيزات اللوجستية متطلب لتنفيذ الأنشطة التعليمية، وتوافرها يساعد في تحقيق أهداف العملية التعليمية بصورة متكاملة؛ فلا يرصد المتعلم إشكالية الفجوة بين النظرية والتطبيق؛ فيعزف عن مواصلة التعلم، ولا يجد أن هناك فلسفة للربط الوظيفي بين ما يتلقاه من معلومات وما يحدث في فلك الواقع المعاش، وهنا تصبح المناهج المتميزة في مكنونها ومكونها مرهونة بتوافر هذا الدعم المشار إليه.
التعليم الواقعي الذي يهتم بالمتعلم ويلبي احتياجاته ويراعي ميوله واهتماماته ويقدم له ما يجعله قادرًا على مواصلة التعلم، كما أن تمهين المعلم في إطار الأكاديمية والأداء التدريسي المعقد أضحى أمرًا مهمًا ويساعد في تحقيق التميز المنهجي.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر