“إذا حصلنا يومًا على القدس وكنت لا أزال حيًا وقادرًا على القيام بأي شيء فسوف أزيل كل شيء ليس مقدسا لدى اليهود فيها وسوف أدمر الآثار التي مرت عليها القرون “.
تلك مقولة ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية في المؤتمر الصهيوني الأول المنعقد في مدينة بال بسويسرا عام 1897م والتي وضعت فكرة تهويد للقدس قبل إعلان الكيان الاسرائيلي بنصف قرن. وجاء دافيد بن غور يون أول رئيس لأول حكومة صهيونية ليضع الفكرة موقع التنفيذ بمخطط تهويد مدروس ، معلنا عنه بقوله : “لا معنى لفلسطين بدون القدس… ولا معنى للقدس بدون الهيكل”. ويحفظ نتنياهو مثله مثل كل القادة الصهاينة الدرس جيدا ويعلن يوم الاثنين الماضي وبعد 70 عاما من احتلالهم لفلسطين ، وبعد 121 عاما من مقولة هرتزل تحقيق الحلم الصهيوني قائلا :” القدس الموحدة ستظل عاصمة لاسرائيل إلى الأبد ” أثناء الإحتفال بنقل سفارة الراعي الامريكي إلى المدينة المقدسة بناء على أوامر ترامب .
بالمقابل هل نفذ العرب قرارا واحدا لنصرة القدس وأهلها من مئات القرارات التي صدرت طوال الـ 70 عاما الماضية سواء على مستوى القمة أو القاعدة ؟!. هل إلتزم أي مسئول عربي صغيرا أو كبيرا بأقوال حول القدس تشدق بها أمام إجتماع رسمي أو شعبي، أو صرح بها لوسائل الإعلام ؟!. هل الذاكرة العربية تتذكر مقولاتنا حول القدس التي قيلت في العام السابق او حتى في الشهر الماضي او حتى التي قيلت أمس. تدخل سريعا دائرة النسيان لأنها مجرد كلمات مكتوبة أو منطوقة تخرج من الحناجر لا تعيها القلوب ولم تدرسها العقول.
الخطة الصهيونية للاستيلاء على القدس وتهويدها لم تكن رسمية فقط تعيها وتنفذها القيادات المتعاقبة ، بل يساندها جماعات صهيونية دينية متطرفة. وتشير الدراسات إلى تواجد 125 جماعة يهودية متطرفة داخل الأراضي العربية المحتلة، منها 25 جماعة تسعى إلى هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل مكانه. وتحظى تلك الجمعيات بدعم رسمي بدليل حصول ” جمعية أمناء الهيكل ” عام 1993 على قرار من المحكمة الإسرائيلية العليا بوضع المسجد الأقصى الشريف تحت وصايتها.وبعض هذه الجماعات تأسست قبل اغتصاب فلسطين بعشرات السنين ، مثل جماعة بيتار (منظمة الشباب التصحيحيين ) التي تأسست عام 1923م ولها فروع في عدد من الدول. كما تحظى بتأييد دولي من خلال افرعها المنتشرة في أنحاء العالم خاصة أوروبا وأمريكا.
أما عربيا فلا يوجد سوى عدد قليل من الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي تهتم بالقدس ، قليل منها يقوم بعمل جاد ولكنها تتعرض لمضايقات من الحكومات ، كما تعاني من قلة التمويل في الوقت التي تذهب فيه مئات الملايين من الدولارات العربية لدعم جميعات اهلية في اوروبا وأمريكا. وبعضها تاجر باسم المدينة المقدسة من أمثلة ” فيلق القدس ” الايراني ، وجماعة ” بيت المقدس ” الإرهابية ،وغيرها التي تتدعي الجهاد لتحرير المدينة بينما هي في الواقع تقتل أبرياء العرب والمسلمين، وبالتالي تساعد في تنفيذ المشروع الصهيوني .
لن تتحرر فلسطين ونستعيد القدس إلا بعمل جاد وفق خطة مدروسة تتضافر فيه جهود الحكومات والمنظمات الأهلية والشعوب ، ويسبقه وعي بأهمية القدس مبني على يقين كامل بأن الصراع حول فلسطين صراعا عقائديا دينيا وليس قوميا أو إثنيا او طائفيا.
Aboalaa_n@yahoo.com